«مغامرة» من وحي الخيال أم تمهيد لإرساء سابقة واعتبارها لاحقاً محطة غيّرت وجه التاريخ على غرار سير رائد الفضاء الأميركي نيل أرمسترونغ على سطح القمر عام 1969، وجري البريطاني روجير بانيستير مسافة الميل (1609م) بزمن دون ال4 دقائق عام 1956. ترقّب سيعيشه عالم سباقات جري المسافات الطويلة حتى 6 أيار (مايو) الجاري، لمعرفة ما إذا كانت المحاولة المقررة على حلبة مونزا الإيطالية لسباقات المحرّكات (غداً وبعد غد)، ستسفر عن تحقيق عدّاء زماناً دون الساعتين «الأسطورية» على مسافة الماراثون (42.195 كلم). «خيول بشرية» ثلاثة ستقوم بالمحاولة هي العداء الأولمبي الكيني إيليود كيبتشوج والإثيوبي ليليسا ديزيسا والإريتري زيرسيناي تاديس. والمشروع الذي أطلقته شركة الألبسة والتجهيزات الرياضية «نايكي» تحت عنوان «Breaking 2»، أي كسر حاجز الساعتين، بدأت التحضيرات له في آذار (مارس) الماضي، بعد أبحاث استغرقت 3 سنوات. واجتاز كيبتشوج مسافة نصف الماراثون بزمن 59.19 دقيقة وسط ريح قوية. وأعلن أنه يريد «التحليق» إلى ما وراء القمر من منطلق إصراره على كسب الرهان، علماً أن الرقم القياسي في حال تحقق لن يعتمد في السجلات الدولية، لكنه سيعدّ فتحاً مبيناً في عالم الأرقام القياسية ومندرجاتها. ويبلغ طول حلبة مونزا 2.4 كلم، وسيواكب العدائين الثلاثة 24 «أرنباً» سيتناوبون على توفير الوتيرة المطلوبة لتحطيم الرقم، ودفعهم إلى تسجيل دون ال26 دقيقة على مسافة ال10 كلم على طريق المضي قدماً نحو الهدف المنشود. وسيفتح المجال للتزوّد بالسوائل والأغذية متى يشاؤون. علماً أن لا وقت محدداً للانطلاق بل إنه مرهون بتوافر الظروف المناخية المثلى. ويحمل الكيني دينيس كيموتو الرقم العالمي (2.02.57 ساعة، سجله في ماراثون برلين عام 2014). وقد تطوّر زمن السباق 3 دقائق في غضون 16 سنة، ما يجعل تحقيق وقت دون الساعتين يتطلّب الانتظار حتى عام 2035، لتوافر ظروف طبيعية مناسبة ل «قفزة» مقدارها 2.5 في المئة (نحو كيلومتر)، وتقارن ب «قفزة» عداء السرعة الجامايكي أوساين بولت الذي دحرج رقم سباق ال100م من 9.74 ثانية إلى 9.58 ثانية (1.7 في المئة). بالطبع تلقى المحاولة اعتراض كثر بينهم مختصون وأبطال سابقون يجدون في تنفيذها «كسراً للنمطية البشرية» التي تحافظ على لذة التحديات والاستمتاع بالجهد. لذا، لم يتوانوا عن وصفها ب «السيرك المجنون». في المقابل، يرى الفيزيولوجي روس توكر «أن المساعدة التكنولوجية التي تطرحها نايكي بمثابة أوكسجين حيوي لعالم السباقات في ظل الظروف السائدة». وكان الفيزيولوجي اليوناني الأصل يانيس بيتسيلاديس (جامعة برايتون) أطلق مشروعاً مشابهاً عام 2014، عماده برنامج غذائي يؤمّن توفير 30 ثانية، وزمن مماثل من خلال عوامل بيوميكانيكية وجينية مساعدة، يضاف إليها تركيز ذهني واستراتيجيا في توظيف الطاقة والجهد. واقترح إجراء محاولة جري مسافة الماراثون على شاطئ البحر الميت، للاستفادة من الأوكسجين المكثّف. وتستند «Breaking 2» أيضاً على انتعال العدائين أحذية ثورية مصممة مقدماتها على شكل ملعقة، ما يسهّل دفع الخطوات إلى الأمام كلما لامست القدم الأرض، ويجعل وقعها أكثر ثباتاً ويعزز الديناميكية الهوائية. كما ستُستخدم ألبسة تراعي اعتدال الحرارة وتحافظ على «تبريد تلقائي». وأنتجت «مورتن» السويدية ل «اليوم الكبير» مشروباً للطاقة يعدّ بمثابة «وقود نظيف» لتلك المحرّكات، غني بالكاربوهيدرات لتغذية أوعية الدم بالغليكوجين.