يقول الزميل أحمد المطيري على صفحته في «الفيس بوك» إن زميله في العمل اشترى حسب كلامه أغلى خبز في العالم، بقيمة 501 ريال للكيس الواحد، سأله عن سبب هذا الغلاء الفاحش، قال: «بعدما أخذت الخبز بريال واحد في وقت متأخر من الليل وأنا في طريق عودتي للبيت «لقطني» ساهر بمخالفة قيمتها 500 ريال». ليست مشكلة ساهر في ضعف الحملات التوعوية قبل انطلاقه، ولا في ارتفاع قيمة المخالفات، فماذا يعني ان يدفع المواطن ثلث او نصف دخله الشهري لإدارة المرور، انها مساهمته الحقيقية في «تنمية الوعي المروري»، وهي ايضاً ليست في كون القضية تميل الى «الاسترزاق» أكثر من ميلها الى تطبيق القانون خاصة مع قلة اللوحات التي تحدد السرعة، وسرعة انتشار الكاميرات الثابتة والمتحركة لساهر. أيضاً المشكلة ليست في احتمالات الخطأ عند تصميم النظام، أو سياسات تحديد السرعة على الطرق، وهي في ما يبدو ليست مقاومة الفكرة إجمالاً بدلاً من محاولة الالتزام بالقيادة الواعية للمركبة. المشكلة كما يراها صديقي «أبو الونات» هي في التشويه الإبداعي، ومؤامرة نزع الرومانسية من كلمة «ساهر» وهي اسم الفاعل من الفعل سهر، أحد أكثر الأفعال الذي ورد واشتقاقاته وأسماءه في قصيد الغرام، ولوعات وآهات العشق والغرام. «أيها الساهر تغفو» ستكون تكملتها «تذكر التسديد فتصحو»، وعبدالكريم عبدالقادر لن يقول «ساهر يا غرام بأول نهاري»، بل سيقول «ساهر يا حرام بآخر أرقامي»، أما «البارحة ساهر والدمع يجري» فلا بد انها ستصبح «البارحة ساهر لعب في حسبتي»، ولن تعود امنية العاشق هي «ليتك معي ساهر»، والعمل الجبار «يا مسهرني» ربما كان هو الوحيد الذي لن يطاله التغيير كونه يصف حال «الملقوطين» من نظام ساهر. آخر المعلومات غير المؤكدة تقول ان الشركة المنتجة لأعمال كاظم الساهر تفكر في تغيير اسمه على أشرطته الموزعة في السعودية، وستكتفي بأن تكون «كاظم 2012» او «كاظم غيظه» حتى لا تتأثر مبيعات صاحب «في مدرسة الحب» و»كلك على بعضك حلو». حسناً، كلنا في طريق ساهر عابرون، كلنا نود ان نرى التزاماً مرورياً صارماً، واحتراماً للنظام، ويبدو ان ليس هناك من سبيل سوى هذا الطريق الموجع، لكن يمكننا جعل جرعة الوجع مناسبة لحال الناس، فلا يعقل أن تبدأ الأرقام بقيمة 300 ريال، لأن مخالفتين اثنتين فقط تعتبر لمئات الآلاف من الناس ثلث دخلهم الشهري. المبدأ جميل، وسيكون أجمل لو كانت المخالفات بين 50 إلى 100 في المرة الأولى، ثم تزداد بنسبة 25 في المرة الثانية، ثم 50 في المئة، وصولاً إلى الضعف مع المخالفة الرابعة، فتنجح الفكرة، ويتحقق مبدأ الوعي، وثقافة القانون، الذي افترض انه الهدف الرئيس. [email protected]