كشف وزير المالية محمد إبراهيم الجدعان عن أن وزارته بصدد إعلان التقرير الربعي للموازنة العامة للدولة للربع الأول من العام الحالي خلال أيام، بهدف تعزيز الشفافية والإفصاح المالي. وقال الجدعان في كلمة له خلال افتتاحه مؤتمر اليوروموني في الرياض أمس إن أداء الاقتصاد العالمي يشهد تحسناً ملاحظاً - على رغم التحديات الراهنة - نتيجة استمرار تعافي أداء الاقتصاد الأميركي، وقيام الصين بتبني سياسات اقتصادية توسعية للحد من تباطؤ النشاط الاقتصادي. وتناول واقع الاقتصاد السعودي، مؤكداً متانة المركز المالي للمملكة في ظل ارتفاع حجم الاحتياطات المالية، وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات العشر الماضية، إذ يمثل حوالى 50 في المئة من اقتصاد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي، ويشكل ثالث أكبر احتياطي للعملة في العالم. وتطرق الجدعان لمستوى الدين العام، وعده الأقل من بين دول مجموعة ال20، وقال: «هذا من شأنه أن يُسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، والحد من الآثار السلبية الناتجة من انخفاض أسعار النفط، وإن السياسات النقدية التي تتبعها المملكة أسهمت في تعزيز الاستقرار النقدي والمالي». وأوضح أن المملكة تشهد اليوم نقلة نوعية غير مسبوقة تعزز من متانة اقتصادها، إذ قامت وزارة المالية بإنشاء وحدة مختصة بالسياسات المالية الاقتصادية، تهدف إلى حوكمة سياسات الوزارة المالية والاقتصادية، وإنشاء مكتب للدين العام يُعنى بإدارة الدين العام للمملكة. وبيّن أن مكتب الدين العام حقق اهتماماً كبيراً من المستثمرين لأول إصدار دولي في برنامج الصكوك السعودية الدولية، إذ تجاوز المجموع الكلي لطلبات الاكتتاب لهذه الصكوك مبلغاً قدره 33 بليون دولار، أي ما يعادل 123,75 بليون ريال، وكان الحجم الإجمالي للإصدارات 9 بلايين دولار ما يعادل 33,75 بليون ريال، ما يؤكد الثقة باقتصادنا ومساره المستقبلي. وحول الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها حكومة المملكة، لفت وزير المالية إلى أنه تم إجراء إصلاحات مالية واقتصادية هيكلية للتنويع الاقتصادي، مع التركيز على رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، فضلاً على قيام الحكومة بوضع برنامج وطني باسم «حساب المواطن» يهدف للحد من الآثار المحتملة جراء تطبيق تلك الإصلاحات الاقتصادية على تكاليف المعيشة والقوة الشرائية، خصوصاً للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط. وأشار وزير المالية إلى أن الحكومة تبنت أكثر من 150 مبادرة لرفع كفاءة الإنفاق التشغيلي والرأسمالي في جهات حكومية مختلفة، مفيداً بأن البرامج العشرة التي أعلنتها الحكومة تأتي استكمالاً لبرنامجي التحول الوطني والتوازن المالي، إذ تركز السياسات المالية بالمملكة على تنويع مصادر تمويل المالية العامة، وتحقيق أعلى مستويات الشفافية وأفضل الممارسات في إعداد وتنفيذ الموازنة، مع مراعاة الآثار الاقتصادية المحتملة جراء ضبط أوضاع المالية العامة، لا سيما على مستوى التوظيف ومعدل التضخم ونمو الأنشطة الاقتصادية محلياً. وقال، لذلك رصدت الحكومة ضمن موازنة هذا العام ما يزيد على 40 بليون ريال للإنفاق على مبادرات التحول الوطني، كما رصدت حوالى 220 بليون ريال إضافية للإنفاق على مبادرات التحول الوطني خلال السنوات الثلاث المقبلة. وفي شأن تفعيل دور القطاع الخاص في دعم النشاط الاقتصادي وتوليد الوظائف، كشف الوزير عن أنه تم تحديد حزمة تحفيزية ب200 بليون ريال على مدى أربع سنوات تبدأ هذا العام ولأجل مشاركة القطاع الخاص في تقرير المبادرات المناسبة لحزم التحفيز عُقدت سلسلة من ورش العمل مع ممثلين عن القطاع، ستنتهي في غضون ستة أسابيع، وستعلن نتائجها بحلول نهاية الربع الثاني. وأكد أن السياسات الحكومية ستركز على إصدار التشريعات الهادفة إلى تعزيز نمو القطاع الخاص، ودعم تنمية المحتوى الوطني، وتوفير المزيد من الفرص الاستثمارية لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، ورفع كفاءة سوق العمل وزيادة الوظائف. وأشار الجدعان إلى أن الدولة، ممثلة بوزارة المالية، تولي اهتماماً خاصاً بمشروع توحيد وتسهيل إجراءات المنافسات والمشتريات الحكومية عبر بوابة إلكترونية متكاملة وهي بوابة «منافسات»، لتكون نموذجاً وطنياً وفق أفضل الممارسات العالمية يحقق الريادة والتنافسية عبر دعم مبدأ الشفافية بين الجهات الحكومية والموردين. وأكد الجدعان أن الوزارة أعدت آلية تسديد مستحقات القطاع الخاص، بحيث لا يتجاوز 60 يوماً من وصول أوامر الدفع للوزارة مستكملة الإجراءات من الجهة المستفيدة، وأنه تم تفعيل ذلك والالتزام به منذ بداية العام الحالي، وكشف عن أن 90 في المئة من المدفوعات تتم الآن في غضون 30 يوماً. وبيّن أنه سعياً لتطوير إطار متكامل للموازنة العامة وتعزيز مستوى الشفافية والمراقبة المالية، فستقوم الوزارة بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة لجمع المعلومات عن الظروف الحالية للاقتصاد الكلي، إذ تم البدء في إعداد تفاصيل الموازنة للعام المقبل مع الجهات، وفقاً للسقوف المعتمدة من بداية السنة المالية الحالية.