دخل الاقتتال بين فصائل المعارضة في الغوطة الشرقيةلدمشق يومه الثاني أمس، وسط معلومات عن عشرات الضحايا وعن إطلاق نار على تظاهرة شارك فيها آلاف المواطنين الذين كانوا يطالبون بوقف المعارك بين فصيل «جيش الإسلام»، من جهة، وفصيلي «هيئة تحرير الشام» و «فيلق الرحمن»، من جهة أخرى. وشنت طائرات القوات النظامية السورية، وربما أيضاً طائرات روسية، عشرات الغارات على مناطق سيطرة المعارضة في أرجاء البلاد، وكان أعنفها في محافظة حماة (وسط) حيث سُجّل استهداف مستشفى ومركز للدفاع المدني. فعلى صعيد اقتتال الغوطة، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن تظاهرة خرجت أمس في سقبا وحمورية، وهما منطقتان متلاصقتان شرق دمشق، وضمت نحو خمسة آلاف مواطن من أبناء الغوطة الشرقية والقاطنين فيها و «نددت بالاقتتال الدامي بين كبرى فصائل الغوطة». ونقل عن «مصادر أهلية» أن التظاهرة «اتجهت نحو خطوط الاقتتال في بلدة حزة، وحين اقترابها من محاور الاشتباك تعرضت لإطلاق نار مباشر... ما تسبب بإصابة خمسة متظاهرين بجروح متفاوتة الخطورة». ونسب إلى متظاهرون اتهامهم «مقاتلين من جيش الإسلام بإطلاق النار عليهم». وتابع أن «المناطق القريبة من محاور القتال منذ يوم (أول من) أمس تشهد انعداماً لحركة المواطنين بسبب إطلاق النار والاستهدافات المتبادلة بين الطرفين». ولفت «المرصد» إلى أن تظاهرة سقبا وحمورية جاءت في ظل «استمرار الاشتباكات بين مقاتلي جيش الإسلام من جانب، وفيلق الرحمن وهيئة تحرير الشام من جانب آخر، على محاور في بلدة حزة منذ الصباح، حيث استؤنفت الاشتباكات بين الطرفين بعد هدوء دام لساعات الليل عقب يوم دموي شهدته الغوطة الشرقية نتيجة هذا الاقتتال العنيف» بين الفصائل. وأضاف أنه «وثّق» مقتل ما لا يقل عن 38 من عناصر الطرفين المتحاربين خلال الساعات ال 24 الأولى لبدء المواجهات، بينهم «ما لا يقل عن 15 مقاتلاً من جيش الإسلام». وأشار «المرصد» أيضاً إلى وقوع ضحايا مدنيين بينهم رجل وطفل. في المقابل، روّج موالون للحكومة السورية لمعلومات عن عدد أكبر من الضحايا، إذ أورد «الإعلام الحربي» التابع ل «حزب الله» ما سماها «معلومات» عن قيام أحد مسلحي «جيش الإسلام» ب «عملية انتحارية بسيارة مفخخة استهدفت نقطة عسكرية للنصرة في الغوطة الشرقية»، في إشارة إلى «جبهة النصرة» التي ذابت في كيان أكبر بات يسمّى الآن «هيئة تحرير الشام». وتابع «الإعلام الحربي» أن «المتحدث الرسمي باسم فيلق الرحمن وائل علوان أكد مقتل أكثر من 25 مسلحاً من الفيلق خلال اقتحام جيش الإسلام مقاره في الغوطة»، ناسباً أيضاً إلى المسؤول في «النصرة» عماد الدين مجاهد قوله «إن هجوم جيش الإسلام على مقار «الهيئة» (هيئة تحرير الشام) في الغوطة أسفر عن مقتل 30 مسلحاً بعضهم أعدم ميدانياً». والظاهر أن «حزب الله» ينقل هنا ما يقوله الناشطون المعارضون على حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي. وكان «جيش الإسلام» أصدر بياناً مساء أول من أمس شرح فيه ملابسات الاقتتال، متهماً «هيئة تحرير الشام» باحتجاز عناصره الذين يحاولون الالتحاق بجبهات القتال ضد القوات النظامية في القابون شرق دمشق، مؤكداً أن قتاله «محصور» بها رداً على «بغيها» ولا علاقة ل «فيلق الرحمن» به. لكن البيان الذي أصدره «فيلق الرحمن» في خصوص الاقتتال حمّل مسؤولية ما يحصل ل «جيش الإسلام»، إذا قال: «لقد شهدت معارك القابون لأكثر من ثلاثة أشهر قتالاً شديداً لم تنقطع فيها المؤازرات وطرق الإمداد لأي فصيل، ومع اشتداد هذه المعارك يقوم جيش الإسلام بهذا الاعتداء المنكر ... على مقار فيلق الرحمن في كل من مدينة عربين وبلدتي كفربطنا وحزة ... وقد أعد جيش الإسلام وحشد لأسابيع للاعتداء على فيلق الرحمن في بلدات الغوطة الشرقية، وحضَّر لذلك الذرائع والرواية الإعلامية التي يسوّق بها لفعلته وغدره. إن المستهدف بهذا الاعتداء الآثم هو فيلق الرحمن وفي شكل مباشر». وفيما كان الاقتتال يتواصل بين الفصائل كانت الطائرات الحربية تنفّذ غارات عدة على حي القابون عند أطراف العاصمة الشرقية، بالتزامن مع «اشتباكات متقطعة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية من جهة أخرى»، وفق ما أورد «المرصد» أمس. على صعيد ميداني آخر، أفاد «المرصد» أن طائرات حربية وأخرى مروحية تواصل استهداف ريف حماة الشمالي منذ الصباح، مشيراً إلى «أكثر من 30 غارة» على بلدة كفرزيتا، فيما استهدفت غارات أخرى بلدة اللطامنة وقرى لحايا ومعركبة ولطمين. وأوضح أن أحد البراميل المتفجرة ألقي على اللطامنة و «انبعثت منه رائحة كريهة عند ضربه للهدف الذي ألقي عليه». ولفت إلى أن الغارات على كفرزيتا استهدفت مركزاً للدفاع المدني ما أدى إلى توقفه عن العمل، بالإضافة إلى استهداف مستشفى كفرزيتا. وأشار إلى عمليات بحث وإزالة الأنقاض في مركز الدفاع المدني «لانتشال عالقين من تحت أنقاض المركز الذي يوجد في مغارة في المنطقة». وفي محافظة حمص المجاورة، ذكر «المرصد» أن الطائرات الحربية قصفت محيط جب الجراح بريف حمص الشرقي، بينما تستمر الاشتباكات العنيفة بين القوات النظامية والمسلحين الموالين، من جهة، وتنظيم «داعش» من جهة أخرى، في محور السكري جنوب غربي مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، وترافقت مع قصف جوي على مناطق الاشتباك. وفي محافظة حلب (شمال)، أشار «المرصد» إلى تنفيذ الطائرات الحربية غارات عدة على بلدة مسكنة ومطار الجراح العسكري بريف حلب الشرقي والخاضعين لسيطرة «داعش». وفيما سجّل «المرصد» قصف الطائرات الحربية لبلدة التمانعة بريف إدلب الجنوبي، لفت إلى أن الطيران الحربي شن أيضاً غارات على محور الخضر بجبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي. وفي شرق البلاد، تجددت الاشتباكات بين القوات النظامية والمسلحين الموالين من جانب، وتنظيم «داعش» من جانب آخر، على محاور في حيي الحويقة والرشدية بمدينة دير الزور ومحاور أخرى بمطار دير الزور العسكري، وسط قصف للطائرات الحربية على مناطق في المدينة ومحيطها ومطارها، وفق ما ذكر «المرصد».