أعلنت قوات سورية الديموقراطية المعروفة اختصاراً باسم «قسد» والتي يشكل الكرد عمودها الفقري، ويسيطرون على مفاصل القرار فيها، تشكيل مجلس مدني لمدينة الرقة بهدف إدارة المدينة عقب طرد تنظيم الدولة «داعش». وأكدت «قسد» في بيان التشكيل أنّ اللجنة التحضيرية عقدت لقاءات مع أهالي ووجهاء عشائر مدينة الرقة لمعرفة آرائهم حول كيفية إدارة المدينة. وتدعي «قسد» من خلال البيان أنَّ المجلس سيمثل أبناء مدينة الرقة، وستقوم «قسد» وفق الناطق باسمها بتقديم «كل الدعم والمساندة» لإنجاح مهمة المجلس بعد طرد تنظيم داعش «الإرهابي». وقد لاقى بيان تشكيل المجلس المحلي كثيراً من الردود الرافضة له على رغم الإجماع على ضرورة طرد تنظيم «داعش» بأسرع وقت ممكن. فقد صدر بيان عن فعاليات الرقة ومنها: تجمّع أبناء الرقة، ومجلة الحرمل، وموقع الرقة بوست، واللقاء المدني، وتنسيقية شباب الرقة وغيرها وصفوا فيه إعلان تشكيل «قسد» للمجلس المدني بالمهزلة. وتابع البيان: «نرفض كل ما قامت به «قسد»، ونَعدُّ ذلك احتلالاً جديداً». ووصل الأمر لاعتبار ما قامت به «قسد» «استبدالاً لرايات التطرف الديني السوداء برايات التطرف القومي الصفراء»، كما أصدر مجلس محافظة الرقة المنتخب السابق بياناً مماثلاً رفض فيه مجلس «قسد»: «إنّ مجلس محافظة الرقة المنبثق من الجهة الشرعية لقوى الثورة والمعارضة السورية، والممثل الشرعي لأبناء الرقة يرفض هذا التشكيل الطارئ على محافظة الرقة، ويعتبره من مخلفات الاحتلال لقوى الأمر الواقع»، ووصف المجلس بأنه «احتلال لا يختلف عن احتلال داعش، إنما يختلف معه بلون الراية التي استبدلها من السوداء إلى الصفراء». كما عبّر كثير من أبناء الرقة عن رفضهم لتشكيل المجلس المدني، فقال نائب رئيس المجلس المحلي لمحافظة الرقة محمد حجازي ل «الحياة»: «نحن نرفض هذا المجلس لأنّه يهمش أبناء محافظة الرقة العربية». وقال الناشط الإعلامي خلف الملا: «معظم أهالي الرقة يرفضون السيطرة الكردية، وإن كانت بواجهة قسد» وقال عضو الملتقي المدني للرقة عروة المهاوش: «أرفض أي تشكيل حالياً أو مستقبلاً يُستبعد فيه أبناء الرقة»، فيما قال حجازي: «نرفض هذا المجلس لأنه يهمش أبناء محافظة الرقة العربية»، فحجازي يرى المجلس مؤلفاً من عربٍ موالين للنظام كرئيس المجلس شواخ البورسان والمحامي عمر الخمري، ومن كرد تابعين لحزب «بي يو دي»، والطرفان «لا يحرصان على مصالح أهل الرقة ولا يهدفان لخدمة المدينة وأهلها». وتعددت أسباب رفض المجلس المدني الذي أعلنت عنه «قسد» ومن هذه الأسباب الصّبغة العنصرية لتشكيل المجلس وفق ما رأى الرافضون، ويتابع المهاوش: «المجلس تمّ التحضير له تحت قوة احتلال، والعرب فيه واجهة لإقناع أميركا وقوى التحالف بالديموقراطية المزعومة»، فالمجلس لا يمثل مدينة الرقة العربية. ويرى حجازي: «رئيس مجلس (قسد) من مدينة القامشلي، وهذا أكبر دليل على تهميش أبناء المحافظة». فيما يذهب الناشط خلف الملا أبعد من ذلك إذ يجعل قرار «قسد» كله وليس المجلس المحلي فقط رهناً للخارج: «إنّ قرار قوات سورية الديموقراطية مرهون لجبال قنديل وإلى جميل داييك، والعرب والكرد السوريون أدوات لتنفيذ القرارات». رافضو المجلس يتهمونه بالتبعية لهذه الجهات الخارجية التي تحمل نزعات انفصالية، يقول الناشط خلف الملا: «هذا الجسم يأتمر بقرار غير سوري، فهو ينفذ أوامر حزب بي كي كي المصنف بالإرهابي». ويقول عروة المهاوش: «ما شاهدناه من تجاوزات واعتقالات وتهجير يجعلنا نرفض أي تشكيل يتم من طريق قوات سورية الديموقراطية، ولنا في ما يحدث في مخيم عين عيسى مثال على تعاملهم مع الأهالي العرب فمطلوب كفيل أو أكثر للدخول إلى المخيم»، فيما يرى خلف الملا أنّ: «هذه القوة العسكرية ارتكبت انتهاكات بحق السوريين من عرب وآشوريين في ريف الرقة والحسكة وغيرهما». واتهم بيان فعاليات الرقة «قسد» بالقيام «بالتهجير القسري لقرى كاملة لتمرير مشاريعها للتغيير الديموغرافي». ويعتقد الرافضون أنّ تشكيل المجلس يهدف لتحقيق أهداف بعيدة جداً عمّا أُعلن في بيان التأسيس، ويذهب حجازي إلى اتهام «قسد» بمحاولة سلخ الهوية العربية عن مدينة الرقة: «نحن نسمع تصريحات صالح مسلم عن محافظة الرقة، وأنهم يرغبون بضم محافظة الرقة إلى دولة روج آفا، ولديهم أحلام بسلخ محافظة الرقة العربية عن سورية». ويتوقع مراقبون ألا يؤثر تشكيل المجلس على سير العمليات العسكرية على رغم عدم حسم الولاياتالمتحدة أمرها بالجهة الواجب عليها طرد التنظيم. التخوّف مما بعد «داعش» قائم في حال نجح الكرد في ضم مدينة الرقة العربية لروج آفا كما صرح صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي.