يشمل المزاد المرتقب لفنون العالَمَين الإسلامي والهندي الخميس المقبل الذي تنظمه دار المزادات كريستيز في لندن، صفحة من المصحفَين الكوفيَّين الوحيدين المعروفين في العالم والمكتوبَين على رَقّ أزرق بخط كوفيّ مذهّب. ويُعتقد أن هذين المصحفين يعودان إلى القرن التاسع وأُنجزا على الأغلب في تونس لأحد الأثرياء، ويؤكد ذلك استخدام الذهب في خطّهما (القيمة التقديرية الأولية: 100 ألف إلى 150 ألف جنيه استرليني). ويشير جَرْد مكتبة مخطوطات جامع القيروان الكبير في تونس، المعروف أيضاً باسم جامع عقبة بن نافع نسبة إلى بانيه، المحرّر عام 693 هجرية إلى مخطوطات كُتبت على رقّ أزرق أسود، لكن ليس واضحاً تماماً اليوم ما إذا كان الجرد المذكور يشير إلى مصحف واحد أم اثنين بعدما أصاب الجرد نفسه بعض التلف. غير أن الخبراء يرجّحون وجود مخطوطتين من هذا المصحف كُتبت واحدة منهما «في سبعة مجلدات من الحجم الكبير بالذهب في خط كوفي على رقّ أزرق أسود. كتبت السوَر وعدد الآيات والأحزاب بالفضة، وغُلّف المصحف بجلد مطبوع على خشب مبطن بالحرير». وهذا الوصف ينطبق على الصفحة المعروضة من «المصحف الأزرق» في مزاد كريستيز المقرر هذا الشهر. ولم تُكتب هذه النسخة من المصحف بالحروف الأبجدية المعتادة، بل بنسخة معدّلة قليلاً تُعدُّ أكثر شيوعاً في بلاد المغرب. ويظهر في الصفحة المعروضة في مزاد كريستيز جزء من سورة آل عمران. يُذكر أن القرن المنصرم شهد كثيراً من الجدل حول أصول هذه المخطوطة الأيقونية من المصحف. ويقول خبراء المخطوطات إن استخدام رقّ أزرق غامق إنما هو تقليد للون الأرجوان المزخرف والمترف في مخطوطات الإمبراطورية البيزنطية. وبعدما شاعت صباغة الرقّ عند المسلمين في القرنين التاسع والعاشر لم تكن الصبغة الأرجوانية متاحة لديهم حينها ولم يكن من السهل الحصول عليها بشكل مباشر، ما جعلهم يستعيضون عنها بصبغة اللون الأزرق الغامق المستوردة من الهند. وتشتتت مجلدات هذه المخطوطة في أنحاء المعمورة، على رغم أن الجزء الأكبر منها ضمن مقتنيات المتاحف الوطنية في تونس، وتعرّف الغرب اليها من خلال إف. آر.مارتن في إسطنبول عام 1912، على رغم أن مكان تلك الصفحات من المخطوطة غير معروف اليوم.