أصدرت الزميلة فاتن يتيم كتابها الأول «عبور محرم» عن «دار طوى»، وهو من إصدارات 2011. والكتاب مجموعة نصوص، أعطت لها الكاتبة عنواناً فرعياً «نصوص الفتنة»، تتراوح أطوالها ما بين السطرين والثلاث صفحات، وفق أشكال متعددة ما بين الخاطرة، والنفحة الأدبية، والشذرة الشعرية، والقصة القصيرة جداً، واليوميات، أو ما يمكن أن نسميه اليوم «بأدب المدونات». وتعكس المؤلفة من خلاله العلاقة المستحدثة التي نمت بين جيل المبدعين، وبين عالم شبكة الإنترنت، لتمثل كتاباتهم مزيجاً، بل وخطاً خاصاً وجديداً في الكتابة، يعرضون من خلاله عينات إلكترونية منهم، ومن أدبهم وفكرهم ونتاجهم. تتصدر صفحات الكتاب آية من القرآن الكريم، تمثّل دعاء السفر، ما يعطي دلالة واضحة من المؤلفة على فكرة هذه النصوص، ومكان كتابتها. تقول يتيم في صفحة تالية: «أغلب هذه النصوص تمت كتابتها في وسائل المواصلات.. باص، كامري، بورش، مايباخ»، أو ما تعبّر عنه بلحظات الوصول السريع، ولحظات الضياع والزحام الدائم في الرياض. وتختم مقدمتها بالقول: «تتشابه وسائل المواصلات عندما تكون أنت أنت، وفي الطريق نفسه.. ما يهم هو أنها كتبت، وهي الآن في طريق العودة». تلي المقدمة تلك صفحة حوت المادة ال19 من حقوق الإنسان ونصّت على حق الرأي وحرية التعبير، في إشارة معبّرة أخرى إلى مقدار ما تود المؤلفة أن تقترفه من حرية باسم الكتابة. ما تحويه الصفحات ال (140) التالية من نصوص، إضافة إلى أنها بالفعل كتابة حرة ولها ما يبررها، فإنها كتابة لم تلتزم قيوداً فنية تضعها في قالب فني معيّن. وفي كل نص إشارة دالة تؤكد متى كتبت، محددة بالساعة والثانية، تبدأ من ساعة الفجر الخامسة (5:00 ص) ولا تتوقف إلا عند الثانية من صباح اليوم التالي (2:00 ص). أكثر من 50 نصاً تركت تحديد يوم الكتابة مفتوحاً، وكأن المؤلفة تريد أن تقول إن هذه الكتابات، تمتد يوماً هو كل الأيام التي أمضتها في الكتابة، قبل أن تقف في آخر يومية بعنوان لافت حمل «Parking». جميع النصوص بالفعل «نصوص فتنة»، عاشت في ردهات شبكة الإنترنت، وتنقلت بين ملفات الأجهزة المحمولة، ونمت في محادثات الماسنجر، واتخذت من برامج ومواقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك» و«تويتر» مجالاً للكتابة، ثم التقارب أكثر بين المؤلفة وقرائها، وخلال كل ذلك مكثت زمناً في مدونات ال «Blog»، قبل أن تخرج مطبوعة، فيما يشبه «العبور المحرم»، وتستعصي على التصنيف، أو لم تهتم له. ولعل كاتبتها أرادت منها أن تأخذ حقها في القراءة والانتشار أولاً، ثم لينشغل من ينشغل في تصنيفها بعد ذلك. نصوص لافتة تحمل دلالاتها لما يعانيه جيل الشباب، وبخاصة الفتيات، وتعالج هموم فتاة تستعيد ذكريات طفولتها ومدرستها وتفاصيل جامعتها، وحياتها، وتحمل آمالها وأحلامها وآلامها، في مجتمع محافظ يراقب أنفاسها، ويرتبك في التعامل حتى مع بطاقة هويتها.