لا يخفي كثير من الصحافيين السعوديين تذمرهم من تدني رواتبهم، والخدمات التي يحصلون عليها، قياساً بنظرائهم في دول الخليج، وأشار بعضهم إلى أن الرواتب المنخفضة ستدفع بالكفاءات المهنية إلى الفرار من هذا الميدان، وترك الساحة لأنصاف الموهوبين، خصوصاً في ظل غياب ثوابت تحدد مفردات الرواتب، مطالبين هيئة الصحافيين السعوديين بالتحرك، ووضع لائحة تطبق على الجميع. المحرر في صحيفة «الرياض» محمد الحيدر أوضح ل«الحياة»، أن «هناك اختلافاً كبيراً في رواتب الصحافيين والصحافيات من مؤسسة إلى أخرى، بل تتفاوت داخل المؤسسة الواحدة بحسب الإمكانات والخبرة، وربما في أحيان بحسب الواسطة، إن صح التعبير، ولا يوجد معيار أو تصنيف موحد يحكم هذه الرواتب، لذا من الصعب تحديد ما إذا كانت هذه الرواتب تتناسب والإمكانات أم لا». وأضاف أن «قلة عدد المؤسسات الصحافية، مع كثرة خريجي كليات الصحافة والإعلام، إضافة إلى دخول الموهوبين من ذوي التخصصات الأخرى مجال العمل الصحافي، كل ذلك ساعد إلى درجة كبيرة في تدني رواتب الصحافيين مقارنة بما يتقاضاه العاملون في مجالات أخرى»، وأشار إلى أن «الخبرة والكفاءة من المعينات المهمة والمطلوبة في أية مهنة، بل إنهما تسهمان بقدر كبير في تقويم من يتميز بهما، إضافة إلى التخصص، أما في ما يتعلق بالصحافيين، فاعتقد أن وجود معايير محددة، وتصنيف موحد متفق عليه من هيئة الصحافيين ووزارة الإعلام مثل المؤهلات العلمية والكفاءة وسنوات الخبرة عامل مهم في تحديد الرواتب»، وطالب الحيدر بأن «يخضع جميع العاملين في المجال الصحافي إلى امتحان قدرات، يتم بموجبه منح شهادة صحافي محترف، مع إعطاء الأولوية لخريجي الصحافة، كأن يجلس بعد فترة عمل وتدريب قصيرة مع تحديد سنوات خبرة محددة للعاملين من ذوي التخصصات الأخرى للخضوع لهذا الامتحان، الذي يتم بموجبه قبوله صحافياً محترفاً في المؤسسات الصحافية وعضواً فعالاً في هيئة الصحافيين السعوديين، إذ يحق له الترشيح والتصويت لمجلس الإدارة». من جهة أخرى، أشار المحرر في صحيفة «الوطن» شجاع البقمي إلى أنه «قبل بدء الحديث عن معدلات رواتب الصحافيين بالمملكة، لا بد أن نعرف مدى جودة مخرجات الجامعات السعودية في تخصصات الإعلام، ومن هنا يمكنني القول بحكم ملاحظتي لما يجري في سوق العمل من إقبال ضعيف لحاملي درجة البكالوريوس في تخصصات الإعلام عموماً والصحافة خصوصاً على الصحف المحلية، ومن المؤكد أن المؤسسات الإعلامية السعودية تطالب أيضاً بتحسين مخرجات الجامعات المحلية»، وأضاف البقمي: «عندما يكون هناك تحسن في المخرجات الجامعية في تخصصات الإعلام، فإنه سيقود بالتالي إلى ارتفاع مستوى الكفاءة والجودة في نهاية المطاف، وهذا الأمر من الطبيعي أن يكون مقياساً واضحاً لكثير من المؤسسات الإعلامية، عندما تبدأ التفاوض مع هذا الصحافي أو الإعلامي لاستقطابه إليها»، وأكد «أن هناك حالات فردية موجودة في سوق العمل الصحافي خلال هذه الفترة تشير إلى أن المقياس السابق غير موجود أحياناً لدى بعض المؤسسات الإعلامية، من خلال رفعها لرواتب بعض الصحافيين إلى أرقام فلكية ربما تعادل رواتب أربعة صحافيين يحملون درجة عالية من النشاط والحماسة في مؤسسة أخرى»، متمنياً على هيئة الصحافيين فكرة «إيجاد سلم رواتب واضح للصحافيين في المملكة، لأنني ألاحظ تسرب كفاءات جيّدة من هذا العمل، نتيجة لتدني مستوى الأجور»، مشيراً إلى أنه «يجب أن تقاس رواتب الصحافيين بأمور عدة، أهمها الكفاءة الصحافية، ارتفاع درجة الحس الصحافي، أهمية وجود أعلى درجات الفنون التحريرية الصحافية، الحصول على تخصص أعلى من الثانوية في مجال الإعلام، مدى نشاط هذا الصحافي وحماسته في تأدية مهامه المطلوبة منه»، وحذّر البقمي من خطورة تسرب الصحافيين بشكل متواصل من سوق العمل الصحافي الميداني، ما سيصل بالمؤسسات الإعلامية – بحسب قوله - إلى مرحلة لا يجد فيها مسؤولو هذه المؤسسات من يذهب للميدان للتغطية الإعلامية من الكفاءات الوطنية، فيما ألمح المحرر في صحيفة «المدينة» سالم الشريف إلى أن قضية تدني الأجور هي مسألة تعاني منها شريحة كبيرة من الصحافيين السعوديين الميدانين بالأخص في ظل ارتفاعات أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية، وأن أجور الصحافيين السعوديين مقارنة بدول الخليج تعتبر مخجلة، ناهيك عن المزايا التي يتمتع بها نظراؤهم في الخليج»، وأضاف الشريف أن «الآمال كانت معقودة على هيئة الصحافيين السعوديين، إلا أنه يبدو أنها ستظل على ما هي عليه، ولن تصل إلى ما وصلت إليه هيئة الصحافيين السودانيين، التي يتمتع أعضاؤها من الصحافيين بمزايا، منها تيسير المسكن لهم بقيمة 50 في المئة على أقساط ميسرة، وهو أمر غائب عنا تماماً»، وأكد أنه يجب تمييز هذه الشريحة عن غيرها بمميزات ملموسة، لأن آمال الصحف معقودة على هذه الشريحة، فهي التي تجتهد وتسعى ميدانياً للحصول على السبق الصحافي تحت حرارة الشمس في الشوارع المزدحمة، على رغم الإحراجات التي يدخل فيها الصحافي من أجل صحيفته».