أجرى وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني في باريس، سلسلة لقاءات مع كبار المسؤولين الفرنسيين، ومنهم وزير الخارجية برنار كوشنير ووزيرة الاقتصاد والمال كريستين لاغارد، والتقى رئيس مجموعة «توتال» للنفط كريستوف دومارجوري، وذلك في إطار اللجنة العليا الفرنسية - العراقية. وشدد في حديث الى «الحياة» على ان العراق «حريص على إعادة العلاقات في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية مع فرنسا، خصوصاً بعد بادرة الرئيس نيكولا ساركوزي لزيارة العراق، التي قوبلت بالترحيب». ورداً على سؤال ل «الحياة» عن احتمال التوصل الى عقد مع «توتال» لتطوير حقل «مجنون»، وعن المدة التي يتوقعها قبل بدء المفاوضات مع شركات النفط العالمية لتطوير حقول العراق، اجاب: «العراق لا يتعامل سياسياً مع عقود تطوير الحقول ولا يتفاوض مع شركات بعينها حول حقل معين، إنما هناك جولات تراخيص، وقد تأهلت شركات عالمية ونجحت «توتال» كونها شركة نفطية كبيرة، للمشاركة في المنافسة في جولة التراخيص الأولى، مضيفاً ان المطلوب هو ان تقدم «توتال» عرضاً مثلما هو مطلوب ايضاً من 35 شركة أخرى تم تأهيلها والعروض «ستناقش في شكل علني وتنافسي». وعن احتمال زيادة طاقة إنتاج العراق بعد تطوير الحقول قال الشهرستاني: «الإنتاج الحالي للعراق هو بمستوى 2.5 مليون برميل في اليوم، وتطوير الحقول المشمولة في جولة التراخيص الأولى سيزيد طاقة الإنتاج بمعدل 1.5 مليون برميل يومياً، وفي جولة التراخيص الثانية سيزيد الإنتاج نحو 2 مليون برميل في اليوم. اي ان العراق سينتج 3.5 مليون برميل يومياً، إضافة الى إنتاجه الحالي بحيث تصبح قدرته الإنتاجية خلال السنوات الست المقبلة 6 ملايين برميل يومياً. وبالنسبة الى تنافس الشركات اليابانية والإيطالية والإسبانية على تطوير حقل الناصرية قال الشهرستاني ان هذا الحقل عرض للتنافس بين 3 شركات مختارة، إذ انها كانت درست هذا الحقل ولديها امكان لتقديم عرض لتطوير سريع له، بسبب حاجة العراق الماسة الى زيادة إنتاجه النفطي. وأقر الشهرستاني بأن هذا أمر غير مألوف لكنه لفت الى ان جولات التراخيص تتطلب وقتاً طويلاً، وتطوير الحقول يستغرق ما يتراوح بين 5 و6 سنوات والشركات التي لم يسبق لها ان درست الحقل لا يمكنها التقدم بعروض لتطويره بسرعة. وأوضح ان الشركات الثلاث وهي كونسورتيوم شركات يابانية بقيادة «نيبون اويل» وشركة «ايني» الإيطالية و «ريبسول» الإسبانية» قدمت العروض الفنية ثم طلب منها تقديم العقود التجارية، التي من المتوقع استلامها في نهاية هذا الشهر بحيث يعلن بعدها عن العقد. وإن الشركات التي تقدمت لتطوير الناصرية مستعدة للعمل مع الجانب العراقي وفقاً لصيغة «هندسة وشراء وإنشاء»، علماً بأن الشركات لا توافق عادة على العمل بموجب هذه الصيغة لأنها ليست شركات مقاولات إنما شركات استثمار، ورغبة العراق بتطوير الحقل بصيغة لا تعطي الشركة المطورة حصة في النفط المنتج منه ليست صيغة مشجعة، فهو عقد تطوير في مقابل ثمن لا علاقة له بالنفط المستخرج». وعن وضع الطاقة التصديرية للنفط العراقي قال الشهرستاني ان العراق يصدر من 3 موانئ هي ميناء البصرة وميناء العمية وهما عراقيان وميناء جيهان التركي عبر أنبوب يعبر الأراضي التركية. والموانئ العراقية قديمة تنقصها الصيانة منذ العقود الماضية ودمرت أجزاء منها في الحروب وهي ليست في حالة جيدة. وأضاف ان العراق يُعد لإنشاء ميناء ثالث في الخليج وبأسرع وقت ممكن، وتوقيع عقود لمسح المسار البحري وانتشال الألغام ومد أنبوب جديد الى ميناء تصدير عائم. وعن العلاقة مع الأكراد حول عقود نفطية أعطوها للشركات، قال ان هناك اربعة عقود أُبرمت مع حكومة إقليم كردستان و«عندما وضعنا مسودة قانون النفط والغاز واتفقنا وصوّتنا عليها في مجلس الوزراء في شباط (فبراير) 2007، اتفقنا على مراجعة هذه العقود وتعديلها بحيث تضمن أعلى مردود للعراق وتنطبق عليها كل الشروط التي نصر على تطبيقها على العقود النفطية، ثم تعرض على الحكومة الاتحادية للموافقة، وإذا تمت الموافقة، يمكن تنفيذها بعد التعديل». لكنه اضاف: ان بعد الاتفاق على مسودة قانون النفط والغاز أقدمت حكومة إقليم كردستان على توقيع عقود نفطية أخرى سرياً ومن دون تنافس، وبموجب عقود غير معلنة. لذا فإنها أخلت بأهم شروط العقود النفطية العراقية وهو التنافس العالمي والشفافية. وأكد ان وزارة النفط العراقية اعترضت على مبدأ إبرام هذه العقود «وأوضحت للشركات ان العقود غير مقبولة في العراق وعلى الشركات ألا تعمل على التراب العراقي من دون موافقة الحكومة الاتحادية. وأي عقد يبرم مع اي طرف آخر غير مقبول وغير معترف به ولن توافق عليه الحكومة العراقية الاتحادية. وعن كركوك قال انها موضوع آخر، وإنها خارج إقليم كردستان وهي محافظة قائمة بحد ذاتها، وأن هناك في كركوك مشكلة مردها الى ادعاءات متقابلة، فهي تمثل العراق المصغّر، إذ تتواجد فيها كل الأديان والقوميات والطوائف. وأشار الى انه كان ينبغي معالجة هذا الملف الشائك وإيجاد صيغة للتعايش. وبالنسبة الى السعر الحالي للنفط لفت الشهرستاني الى ان هناك بين وزراء منظمة «أوبك» من يعتبر ان الأسعار يجب ان تبقى على المدى القصير بمستوى 50 دولاراً للبرميل لكي لا تشكل عائقاً امام الانتعاش الاقتصادي العالمي. وقال: «الجميع حريصون على المساهمة في تجاوز الأزمة الاقتصادية وتهيئة ظروف اجتياز مرحلة الكساد والعودة الى النمو الاقتصادي. وفي طبيعة الحال فإن الوقود عنصر أساس في دفع عجلة النمو في كل الدول، وهناك قناعات مختلفة حول مستوى سعر لا يعيق عجلة النمو العالمي، ويسمح للدول المتأثرة بالأزمة بمواصلة العمل على دعم نموها. لكنه أشار في المقابل الى ان مستوى السعر يجب ان يسمح ايضاً بتغطية نفقات الإنتاج، ليس في دول «أوبك» التي لديها حقول عملاقة وكلفة الإنتاج لديها منخفضة، بل في بقية الدول المنتجة الهامشية، بحيث تتمكن من الاستمرار في الإنتاج، وإلا ستخلق أزمة جديدة لأن «أوبك» لا تغطي سوى ثلث الإنتاج العالمي وتوقف المنتجين الآخرين عن الإنتاج يؤدي الى تفاقم الأزمة. ورأى ان السعر يجب ان يُدرس من نواح عدة، أجرتها شركات عالمية، بمستوى يتراوح بين 60 و80 دولاراً للبرميل لكي لا يتباطأ بعض الشركات في الاستثمار في حقول جديدة، مشيراً الى ان السعر الحالي ليس مجدياً للاستمرار في توفير الوقود على المدى المتوسط.