جددت المملكة العربية السعودية التأكيد على موقفها الثابت في دعم الشعب الفلسطيني ومساندته للحصول على حقوقه غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة. جاء ذلك في كلمة المملكة العربية السعودية أمام مجلس الأمن أمس (الخميس) حول بند المناقشة المفتوحة في شأن «الحال في الشرق الأوسط بما في ذلك المسألة الفلسطينية» ألقاها مندوب المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة عبد الله بن يحيى المعلمي. وعبر المعلمي عن تهنئته لسفيرة الولاياتالمتحدة الأميركية لدى المنظمة الدولية نيكي هيلي على توليها لمهام منصبها الجديد في إدارة الرئيس دونالد ترامب، وقال «إنني على ثقة من أن العلاقات التاريخية بين بلدينا سوف تشهد مزيداً من التفاهم والتقارب والتعاون وفقاً لما يربطنا من مصالح وقيم مشتركة، كما أود أن أهنئك على توليك رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، وشاهدنا في الأيام والأسابيع الماضية روحاً جديدةً ونظرةً ناقدةً تهدف إلى التطوير وإعادة النظر في بعض ما يمكن أن يكون أخذ في عداد المسلمات». وتابع قائلاً «كما أشكركم على الدعوة إلى عقد هذه المناقشة المفتوحة حول الحال في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية التي هي من دون شك محور الصراع في المنطقة ونقطة الارتكاز لكل النزاعات فيها، حيث تحولت المظلمة التاريخية التي وقعت على الشعب الفلسطيني إلى حائط يتباكي عنده الإرهابيون ومن يناصرهم والورقة التي تتاجر بها الأنظمة الفاسدة مثل النظام الإيراني ونظام الأسد وأدواتها العاملة مثل حزب الله الإرهابي». وأضاف السفير المعلمي أن «المملكة العربية السعودية تؤكد مجدداً على موقفها الثابت المتمثل في دعم الشعب الفلسطيني ومساندته للحصول على حقوقه غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة على كل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ العام 1967 بما فيها القدس الشريف، وفقاً لميثاق الأممالمتحدة وقراراتها ذات الصلة والمعايير والمبادئ القانونية الدولية، كما تدعو المملكة إسرائيل إلى الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان العربي السوري المحتل ومزارع شبعا اللبنانية والكف عن بناء المستوطنات على الأراضي الفلسطينية باعتبارها مستوطنات غير شرعية وتشكل عقبة كأداء في طريق السلام». واستطرد مندوب المملكة الدائم لدى الأممالمتحدة قائلاً «لم تكتف المملكة بالتأكيد على دعمها للأشقاء الفلسطينيين بل اتخذت مواقف عملية للدعوة إلى السلام وتحقيقه وفي هذا الشأن قدمت المملكة العربية السعودية مبادرتها التاريخية للسلام التي تبنتها قمة بيروت العربية في العام 2002 وأصبحت مبادرة عربية للسلام، اعتمدتها منظمة التعاون الإسلامي فمثلت منعطفاً تاريخياً مهماً في مسار العملية السلمية، وأسست لمرحلة جديدة لإنهاء الصراع العربي - الإسرائيلي ووضع الأساس لسلام شامل عادل ينعم فيه الفلسطينيون والإسرائيليون وجميع شعوب المنطقة بالأمن والسلم والرخاء والتنمية، وجاء إعلان عمّان الصادر عن اجتماع قمة الدول العربية الأخير في شهر آذار (مارس) الماضي ليجدد التأكيد على هذه المبادرة وليعزز التزام الجانب العربي بها، الذي ما زال يمد يده نحو التفاهم والتفاوض الجاد، وينتظر من الجانب الإسرائيلي أن يبادر إلى الاستجابة باليد الممدودة للسلام». وأشار إلى أن «من أخطر جوانب الصراع في فلسطين هو ما تنفذه إسرائيل من خطط تهدف إلى تهويد مدينة القدس وتغيير تركيبتها السكانية وتشويه هويتها العربية الإسلامية والعبث بالمقدسات الإسلامية والمسيحية فيها». وتابع قائلاً في هذا الخصوص «المملكة العربية السعودية ترفض أي مساس بالقدس وأي محاولة للالتفاف على مكانتها التاريخية والدينية الروحية لدى بليون ونصف البليون من المسلمين وتؤكد على الرفض المطلق لأي إجراء بتغيير وضعها القانوني أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل أو نقل أي سفارة إليها، وندعو جميع الدول إلى الالتزام بالقرارات الدولية في هذا الشأن وعدم استخدام هذه القضية في لعبة المزايدات السياسية». وأشار المعلمي إلى تجديد المجتمع الدولي في مؤتمر باريس للسلام في الشرق الأوسط التزامه حل الدولتين سبيلاً وحيداً لتحقيق السلام، موضحاً «يؤكد وفد المملكة أن طريق السلام واضح ومعروف، يتمثل في وضع آلية دولية فاعلة تضمن إنهاء الاحتلال وفق إطار زمني محدد، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967». وفي الشأن السوري، قال السفير المعلمي «شهدنا في الأيام والأسابيع القليلة الماضية تطورات خطرة في المأساة السورية تتمثل في إقدام السلطات السورية الاستمرار في استخدام الأسلحة الكيماوية ضد أبناء شعبها، ولا تزال قوات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات الطائفية الإرهابية وعلى رأسها حزب الله تستخف بأرواح البشر وكرامتهم وتمارس القتل والتهجير والحصار بطريقة بشعة لا تبالي بما توصلت إليه الأطراف برعاية دولية من اتفاق لوقف العمليات العدائية، كما أن استمرار مجلس الأمن في الإخفاق بسبب الاستخدام الجائر لحق النقض في اتخاذ الخطوات العملية اللازمة لإدانة المتسببين في هذه الأعمال والعمل على محاسبتهم، قد أكسب هؤلاء شعوراً بالحصانة بأن بإمكانهم أن يفعلوا ما يشاؤون من دون محاسبة أو مسؤولة، ولكن التاريخ يعلمنا بأن الكلمة الأخيرة هي دائماً للحق، وأن الباطل لا يمكن له أن يدوم وأن نضال الشعب السوري وتطلعه نحو الحرية والكرامة لا بد أن ينتصر ولو بعد حين». وتابع قائلاً «أعربت المملكة العربية السعودية عن تأييدها للعمليات العسكرية التي قامت بها الولاياتالمتحدة ضد أهداف عسكرية في سورية انطلق منها الهجوم على خان شيخون بالأسلحة الكيماوية، والمملكة تؤكد أهمية أن يستمر المجتمع الدولي في الوقوف بحزم وصلابة ضد أعمال القتل والحصار والتجويع والتهجير القسري والتطهير المذهبي التي ما زالت تمارسها السلطات السورية وأسهمت هذه الممارسات في إتاحة الفرصة للتنظيمات الإرهابية مثل داعش والنصرة للتمدد في ظل فراغ السلطة وما يشبه الشراكة في محاربة الشعب السوري، وإن المملكة العربية السعودية تعيد التأكيد على استعدادها في أي جهد دولي مشترك للقضاء على هذه الجماعات الإرهابية حيثما وجدت». وقال المعلمي «يجدد وفد المملكة دعمه لجهود المبعوث الأممي في سورية ستيفان دي ميستورا في إطار ولايته الممنوحة له وفقاً لقرار مجلس الأمن ذي الرقم 2254 الذي أرسى خريطة الطريق للمفاوضات السياسية الرسمية حول الانتقال السياسي، وتدعو المملكة العربية السعودية جميع الأطراف إلى التعاون على التطبيق الفوري لبيان جنيف (1) بما في ذلك العمل على تشكيل هيئة حكم انتقالية ذات سُلطات تنفيذية واسعة تعمل على تأسيس سورية المستقبل، سورية التي تتسع لكل أبنائها المخلصين، سورية التي تنبذ الإرهاب وترفض العنف وتترفع عن التعصب والتطرف». وفي ما يتعلق بإيران، قال المعلمي «كنا نتمنى أن يؤدي الاتفاق النووي الدولي مع إيران إلى وضع حد للبرنامج النووي الإيراني، ودفع إيران إلى التخلي عن تطلعها نحو التسلح النووي، وإلى تعديل سلوكها مع جيرانها وفي المجتمع الدولي بحيث تنبذ الإرهاب وتتخلى عن العنف وتمتنع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، وتحترم سيادة تلك الدول ووحدتها، إلا أننا مع الأسف ما زلنا نشهد في كل يوم دلائل متجددة على استخفاف إيران بكل هذه القيم والمبادئ وتهاونا بالأعراف الديبلوماسية، حتى أن مقرات البعثات الديبلوماسية السعودية لم تسلم من الاعتداء والتخريب، فضلاً عن استمرار إيران في دعم الميليشيات الطائفية في العراق وسورية ولبنان، واليمن وسعيها نحو إيجاد نسخ متكررة من حزب الله الإرهابي في كل مكان وتدخلها في الشؤون الداخلية للمملكة ولمملكة البحرين، وإننا نطالب إيران بالكف عن هذا السلوك غير المسؤول وبضرورة العودة إلى المجتمع الدولي واحترام قوانينه وأعرافه والعمل على تحقيق تطلعات شعبها في التنمية والرخاء بدلاً من السعي إلى زعزعة الأمن والاستقرار ودعم الإرهاب في كل مكان».