استضافت العاصمة الأميركية واشنطن أول من أمس (الأربعاء) أعمال القمة السنوية السعودية - الأميركية الثانية للرؤساء التنفيذيين، التي نظمتها غرفة التجارة الأميركية، ومجلس الغرف التجارية السعودية. ووصف وزير الخارجية الأميركية ريكس تيليرسون، العلاقات بين البلدين ب«القوية والمتينة»، مشدداً في كلمة له خلال افتتاح القمة على أن «العلاقات مع المملكة تمتد لأكثر من 80 عاماً، ولا يزال دعمنا لشريك قوي وثابت في التعاون الاقتصادي على الدوام». وقال «إن زيارة ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، إلى أميركا كانت ناجحة للغاية»، مضيفاً «إن ولي ولي العهد عقد اجتماعات عديدة مهمة خلصت بعد لقائه الرئيس دونالد ترامب إلى أن الشراكة الأميركية - السعودية يجب أن تؤخذ إلى آفاق جديدة، وخصوصاً وأن تلك الاجتماعات وغيرها من الاجتماعات الأخرى تبين كيف تتجدد وتتعمق متانة العلاقة بين البلدين».وأشار تيليرسون إلى أن «لقاءاته مع وزير الخارجية عادل الجبير، في مناسبات عدة تؤكد متانة العلاقات بين البلدين اللذين يعملان على إيجاد حلول للتحديات التي تواجه الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط»، لافتاً إلى أن «هذه المتانة في العلاقات تشجع بلاده دوماً على أن تجد في المملكة شريكاً قوياً وثابتاً بشأن هذه القضايا، وكذلك تدفع إلى التعاون الاقتصادي». وأوضح أن «أميركا تدعم رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي تسعى إلى تنويع مصادر الدخل وتنمية الاقتصاد السعودي»، مضيفاً: «نحن نشجع هذه الإصلاحات على الصعيد العالمي، ونثني بالتأكيد على قيادة المملكة في السعي إلى تحقيق هذه الرؤية والتقدم الاقتصادي للمنطقة». وقال وزير الخارجية إن «في هذا الإطار عقدنا مع الجانب السعودي العديد من الاجتماعات الوزارية في التجارة والدفاع والطاقة والخزانة، وما زلنا نعمل على ترتيب اجتماعات أخرى تشمل المسؤولين الوزاريين في بقية الوزارات من البلدين تأكيداً لالتزام الإدارة الأميركية باستخدام مساعيها الحميدة كافة للمساعدة في تسهيل الشراكات بين الشركات في أميركا والمملكة العربية السعودية». وأفاد بأنه «عندما تستثمر الشركات الأميركية في الاقتصاد السعودي، يفوز الجميع وذلك بإيجاد فرص عمل للأميركيين في حين تستفيد الشركات في منطقة الخليج بالتعامل مع أفضل الشركاء التجاريين في السوق العالمية»، مستطرداً: «نحن كثيراً ما نتحدث عن فرص المبيعات التجارية في المملكة، ولكننا نأمل أيضاً أن تتحول المملكة لشريك في الاستثمار معنا هنا في أميركا، وخصوصاً أن أحد أهداف حواراتنا التجارية والاقتصادية المنتظمة في المنطقة تكمن في تشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر للجانبين». وعبر وزير الخارجية الأميركي عن ثقته بأن «رؤية 2030 تسعى إلى تحويل صندوق الاستثمار العام إلى صندوق ثروة سيادية بحيازة مئات البلايين من الدولارات». وقال: «نحن نفهم أن الرياض ستهدف إلى الاحتفاظ بنسبة 50 في المئة من أصولها من غير أسهم شركة أرامكو في الخارج، مقارنة مع 95 في المئة من أموال الصندوق التي تستثمر حالياً في المملكة، ونؤكد أن المملكة العربية السعودية ستجد العديد من الفرص الاستثمارية الواعدة في أميركا، التي ستصبح أكثر وضوحاً بعد اجتماعاتكم وبالمزيد من الانخراط في الشراكة السعودية - الأميركية». القصبي: نتطلع إلى الشركات الأميركية للحصول على فرص مربحة للطرفين أكد وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي، أن أميركا من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع المملكة في 1933. وقال في كلمة له خلال أعمال القمة السنوية السعودية - الأميركية الثانية: «كانت أميركا أكثر من أي بلد آخر في قلب عملية التنمية في المملكة»، مشيراً إلى أن «بدايات الصناعات النفطية في المملكة كانت عبر المستكشفين وشركات النفط الأميركية وهي المشاريع التي ربح منها كلا الطرفين، ونحن نتطلع الآن إلى الشركات الأميركية للحصول على فرص مربحة للطرفين، والمملكة العربية السعودية تنفذ حالياً نهجاً جديداً للنمو والتطور الاقتصادي والاجتماعي، وهو نهج في بعض جوانبه ابتكاري وديناميكي ومماثل لما هو موجود في البلدان المتقدمة». وأكد أن «السبب في اتباع هذا النهج للنمو يعود إلى حقيقة أن المملكة تواجه العديد من قوى التغيير في الوضع الاقتصادي والاجتماعي الحالي الذي يتطلب استجابة جديدة وقيادة قوية، فإذا ما أردنا النمو والمنافسة بنجاح في النظام الاقتصادي العالمي الجديد فإنه يجب علينا العمل بهذا النهج الاستباقي لمواجهة هذه التحديات». وأضاف: «إن التحديات التي نواجهها تشمل الانخفاض الكبير في عائدات النفط، والنمو السريع لجيل الشباب، إذ تبلغ نسبة من هم أقل من 30 عاماً بين المواطنين أكثر من 50 في المئة، إضافة إلى النقص في فرص العمل المتاحة لجيل الشباب، والحاجة إلى توسيع البنية التحتية وقطاع الخدمات بنفس وتيرة سرعة النمو السكاني، وتنويع الاقتصاد الوطني، وتحسين قطاع الإنتاج والقدرة التنافسية في مواجهة تباطؤ النمو العالمي وزيادة المنافسة». وأشار القصبي إلى أن «المملكة تواجه هذه التحديات بنجاح من خلال برنامج التحول الوطني الذي يهدف إلى جعل اقتصاد المملكة أكثر استدامة ومجتمعنا أكثر تطوراً»، مبيناً أن «رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني هما رؤية تحول نموذجي وضرورية ومستندة إلى تحليل دقيق جداً وبتفاصيل وخطط طموحة جداً تتضمن خططاً وتسهيلات عملية محددة وبرامج دعم حكومي لكل قطاع مستهدف، جنباً إلى جنب مع تحسن كبير وتخفيف للإجراءات وظروف وشروط ممارسة الأعمال التجارية، وتحسين شروط الاستثمار الأجنبي المباشر وتعزيز كفاءة السوق والخدمات الحكومية والبنية التحتية». وبين أن «تحسين فرص الاستثمار وتنمية روح المبادرة وإيجاد وظائف أكثر استدامة في المملكة العربية السعودية يتطلب تغييراً في ستة مجالات رئيسة»، مشيراً في هذا الخصوص إلى «الإصلاحات لتحويل الاقتصاد من نموذج تقوده الحكومة إلى نهج قائم على السوق، وزيادة إنتاجية العمل والمشاركة، وتنفيذ إدارة مالية مستدامة، وتعزيز الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تهيئة الفرص وإيجاد الحوافز، والتحسن الكبير في تنظيم الأعمال والاستثمار، وإطار حوكمة قوي لجميع الإصلاحات بأهداف وغايات عامة محددة». تعديل قواعد الملكية الأجنبية في المملكة قال وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد القصبي: «إن رؤية 2030 تتضمن برامج تركز على تطوير قطاعات استراتيجية تشمل قطاعات التعدين والمعادن، والبتروكيماويات، والتصنيع، بما في ذلك المكونات الصناعية والمعدات الكهربائية والميكانيكية ومولدات الطاقة والطاقة المتجددة، والسياحة والمالية والرعاية الصحية والأدوية». وأضاف في كلمة له خلال أعمال القمة السنوية السعودية - الأميركية الثانية في واشنطن أول من أمس (الأربعاء): «أحد الأوجه الرئيسة للبرامج الاقتصادية هو تطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتحسين أطر السوق والأطر التنظيمية وبرامج الدعم المستهدفة، وهي جميعها تتراوح في أمور مثل فتح قطاعات التوريد، والخدمات والإنتاج والمبيعات وفرص الاستثمار بنسبة 100 في المئة للشركات الأجنبية عبر جميع قطاعات الاقتصاد تقريباً، وتحسين سوق رأس المال من خلال الخصخصة، وتعديل قواعد الملكية الأجنبية، وتسهيل القطاع العقاري الخاص ليكون محركاً لنمو قطاع المقاولات من خلال تمويل جديد وتنظيم للأراضي بدلاً من الاعتماد على الإنفاق الحكومي على البنية التحتية، وتوطين بعض أوجه الإنفاق في قطاعات مثل الصناعة والدفاع والطاقة المتجددة والمعدات الصناعية، وتطوير مناطق الجذب السياحي وتحسين إصدار التأشيرات للزوار، والحد من الأعباء التنظيمية غير الضرورية». وبين أن «الخصخصة في العديد من البلدان كانت غالباً ما تحدث من خلال خروج الحكومة من ملكية القطاعات المستنزفة بسبب ضغوط المنافسة الشديدة مثل قطاعات الفحم والصلب وبناء السفن، إلا أن المملكة العربية السعودية تجري الخصخصة على العديد من القطاعات التي لديها فرص نمو وربح واضح لتصبح أكثر كفاءة تجارياً»، مشيراً إلى أن «من الأمثلة على ذلك سوق الأسهم والمطارات، والخدمات المالية والشركات الصناعية والنقل». واستطرد قائلا: «إن نوعية التطور الذي تحتاجه هذه الشركات بغرض تحسين الربحية وعائدات المساهمين لا يتعلق بخفض التكاليف، بل بتحسين الخدمات المنتجة وتخصيص منتجات وخدمات تلائم حاجات العملاء وتحسن عملية الشراء والتوريد والممارسة التجارية، وهذه فرصة واضحة للعديد من الشركات الأميركية للاستفادة من الشراكة مع الشركات السعودية التي يجري تخصيصها لتلبية فرص الطلب ومساعدة هذه الشركات على إدارة أعمالها بشكل أفضل وأكثر ربحية». وبين القصبي أن «تصميم رؤية المملكة 2030 جرى بشكل يولي القطاع الخاص والمشاركة الأجنبية عناية فائقة»، مشيراً في هذا الخصوص إلى أن «العديد من الشركات العالمية وقعت اتفاقات تستفيد بموجبها من الفرص الجديدة التي تتيحها لهم السوق السعودية وذلك مع بدايات الرؤية». سفير الرياض لدى واشنطن: بيئة الأسواق السعودية تغيّرت كثيراً أكد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى أميركا الأمير عبدالله بن فيصل بن تركي، أن بيئة الأسواق في المملكة تغيرت كثيراً، مشيراً في كلمة له خلال أعمال القمة السنوية السعودية - الأميركية الثانية في واشنطن أول من أمس (الأربعاء)، إلى وجود العديد من الفرص المتاحة أمام المستثمرين والحاجة إلى تشجيع قطاع الأعمال في كلا البلدين للمضي قدماً في استثمار هذه الفرص، مشدداً على استعداد سفارة المملكة لتوفير المساعدة المطلوبة لقطاع الأعمال الأميركي من أجل الاستثمار في السعودية. من جهته، أوضح الرئيس التنفيذي للغرفة التجارية الأميركية توماس جيه دونوه، أن القوة الاستراتيجية بين البلدين هي مدفوعة بالقوة الاقتصادية. وقال في كلمة له بهذه المناسبة: «لكي يكون لبلدينا الدور القيادي وسط مجموعة من التحديات الإقليمية والجيوسياسية عبر التعاون وبشكل فعال، يجب أن تكون اقتصاداتنا قوية ومستقرة ومتنامية، وستواصل هذه القمة في المساعدة على تشكيل الشراكة الاقتصادية لبلدينا».