اعتبر الأزهر الشريف، أن موجة الانتقادات التي طاولته في أعقاب تفجير كنيستيْ الإسكندرية وطنطا، «عبث بتاريخ مصر وخيانة لضمير الأمة كلها»، قبل أنَّ يؤكد أنه «قائمٌ على تحقيق رسالته، في الحِفاظ على الإسلام وشريعته السمحة». ويأخذ المنتقدون على الأزهر، تجاهل المطالبات بتجديد الخطاب الديني، وعدم وضوح مواقفه في شأن عدد من المسائل الفقهية التي تستخدمها الجماعات الإرهابية، وجاء إعلان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عن تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف، ليثير تكهنات بخلافات بين السلطة والأزهر حول تجديد الخطاب الديني الذي دعا إليه السيسي غير مرة، بل ووجه انتقادات ضمنية في أكثر من مناسبة لعدم المضي قدماً في طريقه. وكان عضو البرلمان المصري النائب محمد أبو حامد قدم مشروع قانون يغير من طريقة اختيار شيخ الأزهر ويحدد مدة ولايته بثماني سنوات. وأمام تلك الانتقادات، عقدت هيئة كبار العلماء، برئاسة شيخ الأزهر أحمد الطيب، اجتماعاً أول من أمس، خلص إلى إصدار بيان شنت فيه هجوماً لازعاً في مواجهة تلك الاتهامات، وأكدت أنَّ مناهجَ التعليمِ في الأزهرِ «وحدَها الكفيلةُ بتعليمِ الفكرِ الإسلامي الصحيح الذي يَنشُرُ السلامَ والاستقرارَ بينَ المسلمين، وبين المسلمين وغيرهم». ورأت أنه «من التدليس الفاضح وتزييف وعي الناس وخيانة الموروث تشويه مناهج الأزهر واتهامها بأنها تفرخ الإرهابيين». وكان لافتاً أن يربط البيان بين ما وصفهم ب «أعداء الأزهر وأعداء الإسلام»، وقال: «الحقيقة التي يَتنكَّرُ لها أعداء الأزهر بل أعداء الإسلام هي أن مناهج الأزهر اليوم هي نفسها مناهج الأمس التي خرجت رواد النهضة المصرية ونهضة العالم الإسلامي». ودعت هؤلاء المنكرين ضوء الشمس في وضح النهار أن «يلتفتوا إلى المنتشرين في جميع أنحاء العالم من أبناء الأزهر، ويتدبروا بعقولهم كيف كان هؤلاء صمام أمن وأمان لشعوبهم وأوطانهم»، وأضافت: «ليَعلَمْ هؤلاء أنَّ العَبَثَ بالأزهر عَبَثٌ بحاضر مصر وتاريخها وريادتها، وخيانةً لضمير شعبها وضمير الأمة كلها»، قبل أن تؤكد الهيئة أنَّ الأزهرَ «قائمٌ على تحقيق رسالته، وتبليغ أمانة الدين والعلم لناس كافَّةً، تلك الأمانةُ التي يحمِلُها على عاتقِه في الحِفاظ على الإسلام وشريعته السمحة، وسيظلُّ الأزهر قائماً على هذه الرسالة حاملاً لهذه الأمانة، حِصناً منيعاً للأُمَّةِ من الأفكار التكفيريَّة والمتطرِّفة التي تسعى الى العبث بتراث الأمة وتفريغه من مواطن القوة والصمود في وجه التحديات العاصفة بالأوطان والأجيال». وكانت الهيئة قدمت في البيان خالص التعازي في ضَحايا التفجيرَيْن الإرهابيَّيْن اللَّذَيْن استَهدَفا وَحْدَةَ المصريِّينَ وتماسُكَهم قبل أن يَستَهدِفا كنيستي مار جرجس بطنطا والكنيسة المرقسية بالإسكندرية، وأعلنت وُقوفَ الأزهر الشريف إلى جانبِ الكنيسةِ المصريَّة «في وجهِ كُلِّ مَن يعتَدِي عليها أو يَمسُّها بسُوءٍ»، وأكدت أنَّ الشعبَ المصري «قادرٌ بصُمودِه مع مؤسساتِ الدولةِ المصريَّةِ على دَحْرِ قُوَى التَّطرُّفِ والإرهابِ التي فَشِلتْ كُلُّ مُخطَّطاتها الخبيثةِ في النَّيْلِ من صُمودِها، ومن وَحدَةِ نَسيجِهم الوطنيِّ»، وشددت على أنَّ ما وقَع من تفجيراتٍ آثِمةٍ استهدفت مُواطِنين أبرياءَ ودُوراً للعبادةِ «أمرٌ خارجٌ عن كُلِّ تعاليمِ الإسلامِ وشريعتِه التي حَرَّمت الاعتداءَ على النَّفسِ الإنسانيَّةِ، وحرَّمت أشَدَّ التحريمِ استهدافَ دُورِ العبادةِ»، وأشارت إلى أن الإسلام «حرِّمُ على المسلم تحريماً قاطعاً تَفخِيخَ نفسِه وتفجيرَها في وسَطِ الأبرياء». وانتقد النائب محمد أبو حامد، بيان هيئة كبار العلماء، ورأى أن الهيئة «لا أمل لها في اتخاذ خطوات التطوير المنشود للخطاب الديني»، وقال: «عندما تعتبر هيئة كبار العلماء أن الدعوة الى تطوير مناهج الأزهر هو تدليس وتزييف وأن من يدعو للتطوير هم أعداء للإسلام فلا بد من وقفة حاسمة» وأضاف: «المنطق الذي تمت به صياغة البيان يؤكد أنه لا أمل أبداً في أن تقوم هذه الهيئة بأي خطوة في سبيل التطوير المنشود للخطاب الديني».