استعملت الغازات سلاحاً في الحرب العالمية الأولى، خصوصاً في الثلث الأخير منها، عندما دخلت المواجهات بين الجيوش مرحلة حرب الخنادق. وبرز دور غاز الكلورين سلاحاً، بالنظر الى قدرة الغازات على تشتيت هجمات المُشاة على المتمترسين في الخنادق. وبعد الحرب، حازت أسلحة الغاز، ومنها الكلورين، اهتماماً واسعاً من اختصاصيي الاستراتيجية العسكرية، بل حمّلها بعضهم مسؤولية الجمود الذي سيطر على المعارك في أواخر الحرب العالمية الأولى، خصوصاً في أوروبا. والأرجح ان العسكريين لم يتوقعوا أن تنتقل أسلحتهم الفتاكة الى الأجهزة المنزلية، وأن يتحوّل الكلورين من غاز يفتك بالمشاة المسلحين، الى مساحيق يُتباهى بقدرتها على ضرب الزيوت والبقع والأوساخ التي تعلق بالملابس والبياضات! ولم يكن ذلك الاستعمال آمناً تماماً، كأن شيئاً من المخاطر العسكرية انتقل الى المنازل. وشاع استخدام الكلورين في مساحيق التنظيف. ونال صورة المادة التي تستطيع منح الملابس نظافة وبياضاً هائلين. وفي المقابل، تتالت التقارير العلمية التي تشير الى وجود جانب مظلم في المساحيق المحتوية على الكلور. فقد سجّل التقرير السنوي ل «الاتحاد الأميركي للسيطرة على حالات التسمم» حدوث قرابة 38 ألف حال طوارئ بسبب منتجات التبييض التي تحتوي على ال «كلورين هيبوكلورايت»، مع ملاحظة ان تلك المادة تمثّل الشكل الذي يتواجد فيه الكلور في مساحيق التنظيف. وفي السياق عينه، تسجّل «الجمعية الملكية للوقاية من الحوادث» في بريطانيا ما يزيد على 3 آلاف حال سنوياً، من الإصابات بمحاليل ال «كلورين هيبوكلورايت» التي تحتاج إلى العلاج في المستشفيات. ونقل أحد التقارير عن طبيب عمل في الخدمات الطبية التابعة لشركة آرامكو في المملكة العربية السعودية ان الكلورين الموجود في سوائل التنظيف المنزلي وتنظيف الغسيل هو منتج مُرَكّز جداً تسبّب بحالات عانت مشاكل في الجهاز التنفسي، خصوصاً ان خلط المواد المستخدمة في التبييض مع سوائل التنظيف يؤدي لإطلاق غاز الكلورين. ومن الناحية الطبية، يؤثر التعرّض يومياً للكلورين، في سلامة الثدي والحالب والبروستات والغدة الدرقية. ومع تتابع البحوث في هذا الحقل، ظهرت أسئلة عن استخدام المياه المعالجة بمادة الكلور التي تستخدم في المنازل وحمامات السباحة. وتنصح تلك البحوث بالابتعاد عن المواد المحتوية على الكلور، قدر الإمكان. وثمة من لاحظ أثراً سيئاً للكلور على الملابس أيضاً، مثل كارين فرويليك، مؤلفة كتاب «حكمة الغسيل: إرشادات لحياة أكثر خضرة ونظافة»، التي لاحظت أن والدتها لا تستخدم المواد المحتوية على الكلور على رغم امتلاك زوجها مصنعاً من هذه المواد!