«حرس الحدود» بينبع يحبط تهريب (3.6) كجم "حشيش"    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الثميري في وفاة والدتهم    وزارة الحج والعمرة تحذر من محاولة الحج بلا تصريح    خطباء المملكة الإسراف في الموائد منكر وكسر لقلوب الفقراء والمساكين    اكتشاف نقوش ورسوم صخرية تعود إلى ما قبل الميلاد في محمية الملك عبدالعزيز الملكية    روبي ويليامز: طلبات التقاط الصور الذاتية تصيبني ب «الذعر»    وزير الصحة يزور الوكالة الدولية لأبحاث السرطان في مدينة ليون    إمام المسجد الحرام: الدنيا دار ابتلاء والموت قادم لا محالة فاستعدوا بالعمل الصالح    موعد مباراة الاتحاد القادمة بعد الخسارة أمام الفتح    وزارة الرياضة ومجمع الملك سلمان للغة العربية يطلقان "معجم المصطلحات الرياضية"    خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل افتتاح متحف "تيم لاب فينومينا أبوظبي" للفنون الرقمية في المنطقة الثقافية في السعديات    تشكيل النصر المتوقع أمام القادسية    مبادرة "نبض إنسان" تواصل جهودها التوعوية    إمام المسجد النبوي: التوحيد غاية الخلق وروح الإسلام وأساس قبول الأعمال    تعاون بناء بين جامعة عفت واتحاد الفنانين العرب    محافظ صامطة يلتقي قادة جمعيات تخصصية لتفعيل مبادرات تنموية تخدم المجتمع    جامعة شقراء تنظم اليوم العالمي للمختبرات الطبية في سوق حليوة التراثي    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية    إعاقة الطلاب السمعية تفوق البصرية    مرصد حقوقي: المجاعة وشيكة في غزة ومليون طفل يعانون سوء تغذية حاد    مجلس الأمن يدعو إلى وقف دائم لإطلاق النار وعملية سياسية شاملة في السودان    رسوم ترمب الجمركية ..التصعيد وسيناريوهات التراجع المحتملة    "ريمونتادا" إعجازية تقود مانشستر يونايتد لنصف نهائي الدوري الأوروبي    توتنهام يتغلب على أينتراخت فرانكفورت    قتيلان في إطلاق نار في جامعة في فلوريدا    النفط يسجل زيادة بأكثر من 3 بالمئة    ممتاز الطائرة : الأهلي يواجه الاتحاد .. والابتسام يستضيف الهلال    نائب وزير الخارجية يستقبل وكيل وزارة الخارجية الإيرانية    في توثيقٍ بصري لفن النورة الجازانية: المهند النعمان يستعيد ذاكرة البيوت القديمة    الغزواني يقود منتخب جازان للفوز بالمركز الأول في ماراثون كأس المدير العام للمناطق    انطلاق مهرجان أفلام السعودية في نسخته ال11 بمركز إثراء    وزير الدفاع يلتقي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني    نائب أمير منطقة جازان يضع حجر أساسٍ ل 42 مشروعًا تنمويًا    عبدالعزيز المغترف رئيساً للجنة الوطنية لمصانع الابواب والألمنيوم في اتحاد الغرف السعودية    نائب أمير جازان يرأس الاجتماع الرابع للجنة الإشرافية للأمن السيبراني    معرض اليوم الخليجي للمدن الصحية بالشماسية يشهد حضورا كبيراً    24 ألف مستفيد من خدمات مستشفى الأسياح خلال الربع الأول من 2025    تجمع القصيم الصحي يدشّن خدمة الغسيل الكلوي المستمر (CRRT)    جامعة الإمام عبدالرحمن وتحفيظ الشرقية يوقعان مذكرة تفاهم    مشاركة كبيرة من عمداء وأمناء المدن الرياض تستضيف أول منتدى لحوار المدن العربية والأوروبية    قطاع ومستشفى تنومة يُنفّذ فعالية "التوعية بشلل الرعاش"    "التعليم" تدشن مشروع المدارس المركزية    بقيمة 50 مليون ريال.. جمعية التطوع تطلق مبادرة لمعرض فني    إحباط تهريب 147 كجم من الشبو وضبط مستقبليها    سجن مواطن لترويجه إعلانات "حج وهمية"    معركة الفاشر تقترب وسط تحذيرات من تفاقم الكارثة الإنسانية.. الجيش يتقدم ميدانيا وحكومة حميدتي الموازية تواجه العزلة    الاتحاد الأوروبي يشدد قيود التأشيرات على نهج ترامب    5 جهات حكومية تناقش تعزيز الارتقاء بخدمات ضيوف الرحمن    الأمير سعود بن جلوي يرأس اجتماع المجلس المحلي لتنمية وتطوير جدة    القيادة تعزي ملك ماليزيا في وفاة رئيس الوزراء الأسبق    يوم الأسير الفلسطيني.. قهرٌ خلف القضبان وتعذيب بلا سقف.. 16400 اعتقال و63 شهيدا بسجون الاحتلال منذ بدء العدوان    أنور يعقد قرانه    قيود أمريكية تفرض 5.5 مليارات دولار على NVIDIA    حرب الرسوم الجمركية تهدد بتباطؤ الاقتصاد العالمي    مؤسسة تطوير دارين وتاروت تعقد اجتماعها الثاني    قوات الدعم السريع تعلن حكومة موازية وسط مخاوف دولية من التقسيم    رُهاب الكُتب    سمو أمير منطقة الباحة يتسلّم تقرير أعمال الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاعتداء على المرأة ل «فش الغل» ... والترويح عن النفس
نشر في الحياة يوم 13 - 04 - 2017

تحرّش بها ومارس العنف ضدها لأنه مكبوت، واغتصبها لأنه مظلوم، وسلب حقوقها لأنه مغبون، ورفض وجودها في الشارع لأنه محبط، وعارض تواجدها في العمل لأنه مُضطهد، ورفض حريتها لأنه ليس حراً، واعتبرها كائناً درجة ثانية لأن أحدهم أقنعه بأنه درجة أولى.
الأولى بالمصريين الواقعين في بحر من الجرائم والاعتداءات ذات الطابع الجنسي أن يلتفتوا إلى دور الدولة في التصدّي لهذا التوجّه الذي يشكّل ظاهرة، ويهتموا بهذا التفكير الذي بات منظومة حياتية في الألفية الثالثة.
فمن اعتداء جنسي جماعي على فتاة في الشرقية «لأنها كانت ترتدي فستاناً قصيراً»، إلى اغتصاب رضيعة عمرها 18 شهراً لأن الشيطان حرّض مغتصبها، إلى سب أستاذة جامعية وشتمها وفضحها لأنها رقصت في حفلة مقامة على سطح بيتها، إلى شعور عارم لدى نساء مصر وفتياتها بأن الشارع لم يعد لهن، وأن عليهن الالتزام بمقاييس السوقة ومعايير الدهماء في حال أردن التواجد في الفضاء العام.
الوضع العام في مصر في ما يتعلّق بتاء التأنيث منقسم قطبين يقفان على طرفي نقيض. النظر إلى الأول حيث تراكم سنوات من خطاب تحريضي ضد المرأة يرتدي ثوب المحافظة حيناً ورداء التحقير أحياناً، يجعل القطب الثاني الذي يحاول جاهداً أن ينحت في صخر الظلام مُعيداً للمرأة المصرية جانباً من إنسانيتها المفقودة على مدار عقود أربعة مضت، يبدو وكأنه قادم من كوكب آخر.
وعلى كوكب «فايسبوك» المشتعل بقطبيه، تجمع تواقيع على بيان يعرب عن قلق شديد تجاه تزايد ظاهرة العنف الجنسي ضد النساء في المجال العام. البيان ليس نابعاً عن جهة رسمية، أو يمثّل مؤسسة نسوية، أو حتى يعبّر عن أشخاص بأعينهم دوناً عن آخرين. وورد فيه أنه «في الوقت الذي تتحدّث الدولة عن النساء كأولوية واعتبار 2017 عام المرأة، توالت أخبار جرائم العنف ضد النساء والفتيات والرضيعات». ورأى البيان أن «تواتر هذه الجرائم يدل على وجود قصور واضح في تعامل الدولة مع قضية العنف الجنسي ضد النساء، وفي مواجهة الخطابات المجتمعية التي تحرّض على ممارسة هذه الجرائم، وهو ما يجب التصدّي له بحزم لتتمتع النساء بحقهن في التواجد في المجال العام، ولتبرّهن الدولة على جديتها في مواجهة هذه الظاهرة في شكل يتجاوز التصريحات وإعلان النوايا». البيان الذي يلقى قبولاً واسعاً بين أبناء قطب التنوير ومحاربة الظلام يصف ب «المخزي» تعامل بعض وسائل الإعلام وأجهزة الدولة مع تواتر جرائم العنف ضد النساء في شكل «يؤكّد استمرار التواطؤ السياسي والمجتمعي على جريمة انتهاك أجساد النساء ولومهن على حدوثها».
وعلى رغم الرسائل القوية التي وجهها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل نحو ثلاثة أعوام في أعقاب توليه مهام منصبه، حين اعتذر لسيدة وبناتها تعرّضن لتحرّش جنسي عنيف في ميدان التحرير، إلا أن عدداً من أجهزة الدولة يطغى على تعاملها مع هذه الجرائم سمة التراخي. ويتهم البيان بعضها بتبرير أفعال المعتدين ولوم الضحايا.
الضحايا اللاتي يتراوحن بين من وقعن في براثن جرائم عنف جنسي بدرجاته والمعرّضات له على مدار الساعة حيث الشارع يشجع على ذلك، والإجراءات القانونية والعقابية تباركه من خلال الامتناع عن القيام بدورها، وأصوات إعلامية وبرلمانية كثيرة تكفله عبر تضامن غير معلن مع الجناة، ينتابهن شعور طاغ بأنهن الحلقة الضعيفة في المنظومة المجتمعية، وبعضهن تعايش مع الواقع الأليم وكأنه شر لا بدّ منه.
وبين «وما الذي يمكننا عمله؟» و «واقع وعلينا التعامل معه» و «ثقافتنا وعلينا التكيّف معها»، تكشف ردود نساء وفتيات كثيرات عن استعداد جماعي (أو ربما إحباط عام يجمعهن) للتكيّف والتعايش مع هذه البيئة الرافضة إياهن المحتقرة دورهن المفتئتة على حوار ثقافي وجمود خطاب ديني.
فقد بات ضبط الخطاب ومواجهة الطالح والتركيز على الصالح فيه أموراً حتمية وإن ظلت تُواجه بمقاومة شديدة من أصحاب الشأن. ويحمّل البيان الدولة مسؤولية العنف الممارس من قبل المجتمع تجاه النساء، لأنها (الدولة) لا تزال تعتبر مكافحة هذه الجرائم أمراً ثانوياً، بل وتشترك بعض أجهزتها في الخطابات التحريضية والتبريرية للعنف، من دون مجهود حقيقي لضبط هذا الخطاب أو مواجهته.
ويلفت المحامي الحقوقي سيد أبو العلا إلى أن أشكال العنف ضد المرأة في مصر تتنوّع وتتعدد منذ طفولتها وتزيد حدتها في فترة شبابها وكهولتها، سواء في الشارع والعمل أو استناداً على رابطة عائلية. وجاء في دراسة أنجزها عنوانها «العنف المقنن ضد النساء» أنه على رغم وجود نصوص توفّر الحماية القانونية للنساء، لاسيما أن غالبية التشريعات المصرية تساوي بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، إلا أن هناك تمييزاً على مستوي النص القانوني في بعض هذه التشريعات، إضافة إلى التمييز ضدهن على مستوى تطبيق القانون وعدم وجود قوانين خاصة بحماية النساء من العنف، لا سيما العنف الأسري الذي لا يزال يُعتبر شأناً خاصاً.
وقدم أبو العلا أثناء مؤتمر صحافي عقد قبل أيام في مقر «مركز القاهرة للتنمية والقانون» مقترحاً لإطار تشريعي يهدف إلى حماية النساء من خلال ثلاثة نصوص قانونية. الأول قانون موحّد للأسرة المصرية ينص على علاقات عادلة بين النساء والرجال في إطار الأسرة، والثاني يضيف باباً لقانون العقوبات خاص بجرائم العنف ضد النساء والأطفال سواء التي تقع في إطار المجتمع أو العنف الأسري. أما الثالث فيحوي تعديلات على قانون الطفل تتوافق والمشروعين المقترحين على مستوى التجريم وإجراءات الحماية.
حماية المرأة المصرية في عامها «عام المرأة المصرية 2017» يبدأ بعقاب المعتدي والمغتصب والمتحرّش وكل من يعتبرها وسيلة لفش الغل، أو التنفيس عن الكبت، أو التعبير عن القهر، أو الرقص على جثامين نصف المجتمع، لأن الثقافة تسمح بذلك والدولة ساكتة، والخطاب الديني يرفض التزحزح قيد أنملة عن هذا الجمود وذلك السكوت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.