لم أكن حريصاً على الكتابة بشأن المنتدى الثاني لمركز السيدة خديجة بنت خويلد، مع احترامي لعنوانه «واقعية مشاركة المرأة في التنمية الوطنية»، ذلك العنوان الباكر جداً، والصعب الاستيعاب على مجتمع لا يزال يتعامل مع المرأة بحساسية صريحة وكثير من الشكوك، السر وراء عدم الحرص يعود لسببين، أولهما: عدم حضوري لجلسات المنتدى حتى أتحدث بإنصاف ومن مشاهدة مباشرة لا اعتماداً على النقل السلكي واللاسلكي، مع إيماني بأن قراءة كثير من قومي للمرأة تنحصر في أنها «تابو محرم» ومخلوق بشري جدير بالإثارة والاستثارة حتى وإن كان حديثها في مجمله قال الله وقال رسوله. أما السبب المجاور الثاني فيتلخص في عدم قناعتي مطلقاً بالتوصيات الصادرة في ختام المنتدى، فهي لم تتجاوز كونها ذراً لكمية الرماد المتوفرة على عيون شاخصة منتظرة، ولن يكتب لهذه التوصيات أن تتقدم خطوة للأمام وعقولنا الجميلة «المتزنة» أقصى ما تتحمس له وتخاصم من أجله وتجاهد وتلاسن وتصارع أحياناً متوقف عند «عمل المرأة وأحقيتها في ذلك»، وصحة مشاركتها في المؤتمرات والندوات، والاختلاف حول الحكم الشرعي في حال أجبرت الظروف على مصافحتها أو الاستماع لصوتها، ولا أملك قراراً في أن أدعو للجميع، إن كان هناك بقية من صدق، أن يذهبوا - سريعاً - لطاولة حل مباشرة لا تحتمل التوصيات، من أجل نصفنا الأجمل والأطهر الذي لن يستغني عنه مذكر واحد، سواء أتقن فن المراوغة على الحقوق والمستحقات، أم داس عليها بكلتا القدمين وتجاهلها كأن لم تخلق، أو لم تكتب بالنص الشرعي، ليذهب المدافعون والمهاجمون سوية إلى عناوين «البطالة» و«التحرش الجنسي»، و«العضل»، و«الحرمان من الميراث»، و«انقطاع الأنفاس لملاحقة حق شرعي ضد رجل» وغيرها من القضايا المفصلية التي بتجاوزها، أعدكم بأن تصل المرأة بكامل أناقتها واتزانها كمُشَارِكَة فعالة مُدْهِشَة في التنمية الوطنية. وإلى أن نصل لجرأة في طرق الأبواب الموصدة فعلياً ونقاش العناوين الحارقة السابقة لا الاكتفاء بالتلميح لها عن بُعد والقفز لخطوات لن نصل إليها إلا بإزالة الحجارة الكبيرة المتناثرة في طريق الوصول للهدف المطلوب، سأتوقف عند البيان الذي أصدره عدد من الدعاة والمحامين والأكاديميين ورجال الأعمال منتقدين فيه أعمال المنتدى ومحذرين من خطورته وضرره لكي أتساءل هل هذا الجمع المبارك وقع على بياض مسبقاً، أم أن الهدف هو إعلان منظم جماعي لفريق عمل جديد، وإشارة لافتة اختارت لها هذا التوقيت لتعلن بأدب أنه يجب أن يستشار ويناقش ويؤخذ رأي هذا الفريق قبل تقديم أي عمل وعند النية بفعل شيء، لم يلفت انتباهي هذا العدد بقدر ما أود أن أعرف بأي مسمى يتحدث هؤلاء؟ ولماذا تجتمع أسماؤهم على إصدار البيانات؟ وهل هناك من يتحدث عنهم بالنيابة ويستغل أسماءهم من دون علمهم؟ أم هو عشق وحب الظهور في ظل اصطياد سريع لنافذة لافتة للانتباه؟ عني لا أعلم، لكن قد تكون مثل هذه البيانات قوبلت بالصمت والسكوت فرصة سانحة للتنفس والاعتراض على كل شيء، وتجييش لرأي الضعفاء والبسطاء المخدوعين بالكلمات، صحيح أن من حق الإنسان أن يبدي عدم رضاه وتذمره، لكن ليس من حقه إطلاقاً أن يعترض ويشكك ويتوعد، وليس لديه نصف سطر للإثبات بل استناداً على اتصال صديق أو رأي الجمهور وليته جمهوراً حاضراً بل أيضاً مستمعاً ونقلاً عن فلان وفلان! [email protected]