يتيح عقد الزواج للمرأة اليمنية إضافة أي شرط ترغب به، ويكون لزاماً على الزوج تنفيذه، ما لم يُعتبر مخلاً بشروط العقد بينهما. ولكنها لا تستغل هذه الميزة إلا نادراً، وتعتمد كلياً على عهود شفوية يقطعها الزوج لها وأهلها، تمكنه من النجاة من تنفيذها بسهولة في المستقبل. تلك العهود تركز غالباً على شرطي السماح لها بإكمال تعليمها من المرحلة التي قطع الزواج الاستمرار فيها، أو العمل بعد الزواج في حال كانت عاملة، مع إمكان وجود شروط أخرى تتعلق بمكان العيش والإنجاب وغيرها. غير أن من النادر أن يلتزم الزوج بهذه العهود، ويرجع ذلك أحياناً إلى تخطيط مسبق من الزوج، أو ربما لظروف ترتبط بالمرأة نفسها، كأن تنجب في أول عام من زواجها، ما يضاعف مسؤولياتها ويدفعها للتنازل مرغمة عن شروطها. إلى ذلك، فإن الزوجين اليمنيين لا تكون لهما الحرية الكاملة في اتخاذ قرارات حياتهما الزوجية، لأن سكنهما ضمن بيت العائلة – في الغالب، وكتقليد يمني معروف - يمنعهما من التحرر من تدخلات أب الزوج وأمه، وكذا والدي زوجته في حياتهما، ناهيك بالقيود العائلية التي تفرضها زيجات الأقارب. وتقول الدكتورة عفاف الحيمي- أستاذة علم الاجتماع في جامعة صنعاء: «الزواج في اليمن عملية بيولوجيه وليست إنسانية وحياة تنمو بين طرفين. فمن البداية لا تسأل الفتاة عن رأيها، بخاصة مع تفشي الزواج المبكر، فكيف أن تطرح شروطاً؟». وتضيف: «ما إن تتزوج المرأة وتمضي الشهور الأولى على الزواج حتى تُسأل عن الأخبار، والمقصود هنا حدوث الحمل من عدمه. وهذا يسبب ضغطاً نفسياً على الزوجين. لذا نجد اليمنيين ينجبون في عام زواجهم الأول، ما يرتّب مسؤوليات تعطل اهتمامات أخرى، على رأسها إكمال التعليم، أو حتى مواصلة العمل». وتؤكد الحيمي أن المستوى التعليمي للزوج يلعب دوراً كبيراً في هذه العملية، كما أن «وجود الزوجين في بيئة حياتيه خاصة بهما بعيداً من ضغوطات العائلة، يتيح لهما فرصة تفاهم على موضوع التعليم بالذات. ولكن هذا يحدث نادراً في اليمن لأن الشاب يتزوج في منزل العائلة كتقليد اجتماعي لا يتخلص منه إلا قليلون، وغالبية هؤلاء من المتعلمين». بيد أن ذلك لا يعني أن كل الزيجات في اليمن تقتل أحلام المرأة بإكمال تعليمها، بخاصة إذا كانت أنهت المرحلة الثانوية، ويتوقف ذلك على الدعم الذي تجده من الزوج بدرجة أولى، وعلى تفهمه أهمية إتمامها تعليمها، وما سيترتب عليها من جعلها تحظى بوظيفة تساعدهما على مواجهة مصاعب الحياة. وعلى رغم أن الشرع يضمن للمرأة المطالبة بتنفيذ ما اشترطته في عقد النكاح لجهة إكمال تعليمها بالذات، قلما نجد في المحاكم المختصة بقضايا الأحوال الشخصية نزاعاً بين زوجين على هذا الأمر، فغالبية القضايا تختص بالنفقة أو الطلاق أو حضانة الأطفال. يقول الشيخ جبري إبراهيم، وهو مأذون شرعي، أنه يشترط أن يسمع موافقة الزوجة على الزواج، ويخبرها بأن من حقها أن تضع الشروط، ويسجل كل شروطها في سجل يعتبر مرجعية لعقد النكاح. ويضيف: «أسجل جميع الشروط التي تطلبها الزوجة أو وليها في سجل يعتبر مرجعية للعقد، وذلك بعد أن صدرت نسخة جديدة لعقود النكاح عليها خانات جاهزة نملأها، ويبصم الزوج على هذه الشروط، فتصبح ملزمة له. وإخلاله بها أو ببعضها، يُعتبر إخلالاً بالعقد بينهما، ومن حق الزوجة شرعاً أن تطالبه بتنفيذها». ويؤكد الشيخ جبري إبراهيم أن إخلال الزوج بعقد الزواج لا يعني فسخه، «ولكنه عقد مشروط، والنبي (صلي الله عليه وسلم) يقول: «المؤمنون عند شروطهم»، وهذا معناه التزام الزوج بما وقّع عليه ووافق حال عقد النكاح. لذا، الأفضل له أن يفي».