رويترز استمرت المشاورات في مجلس الأمن لإصدار قرار دولي في شان إرسال بعثة تحقيق بالهجوم الكيماوي على خان شيخون في إدلب. وقال وزير الصحة التركي رجب أقداغ إن نتائج الفحص الذي أجرته سلطات الطب الشرعي في تركيا لضحايا الهجوم يشتبه في أنه بغاز السارين وستُرسل إلى العاصمة الهولندية لاهاي لإجراء مزيد من الفحوص، في وقت أشارت باريس إلى «رسائل متناقضة» من واشنطن، لكنها أشارت إلى أولوية الحل السياسي وإصدار قرار دولي. وأسفر الهجوم الذي يعتقد أن الحكومة السورية نفّذته بأسلحة كيماوية الثلثاء عن مقتل 70 شخصاً على الأقل في محافظة إدلب. وتم نقل 32 من الضحايا إلى تركيا وتوفي ثلاثة أثناء تلقيهم العلاج. وقالت وزارة الصحة التركية إن نتائج الاختبارات الأولية التي أجريت على ضحايا الهجوم تشير إلى احتمال تعرضهم لغاز السارين. وأضافت أن 31 شخصاً أصيبوا في الهجوم يعالجون في المستشفيات التركية وأن ثلاثة أشخاص لفظوا أنفاسهم منذ نقلوا من سورية. وتابعت الوزارة «بناء على نتائج الاختبارات، تمّ رصد أدلة في المرضى تقود المرء للاعتقاد بأنهم تعرضوا لمادة كيماوية (السارين)». وقال الكرملين إن «لا أحد يملك معلومات دقيقة عن استخدام السلاح الكيماوي في إدلب» رافضاً التأكيدات الغربية على اتهام الحكومة السورية، ووصفها بأنها «عاطفية لكن لا تمت الى الواقع بصلة». وجددت روسيا إصرارها على إجراء مراجعة شاملة وجذرية لمشروع القرار المقدم في مجلس الأمن، ملوحة باستخدام حق النقض (الفيتو) في حال فشل أعضاء المجلس في الخروج ب «نص مقبول ومتوازن». وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن روسيا تدعو إلى تبني نهج متوازن في التعامل مع ملف السلاح الكيماوي. مشدداً على رفض «التقويمات المتسرعة التي تستند إلى مصادر غير موثوقة مثل الخوذ البيض». واعتبر بيسكوف أن «الهجوم الكيماوي في إدلب خطر جداً وجريمة بشعة، ونعتبر أي استعمال للكيماوي في سورية أمراً غير مقبول على الإطلاق». لكنه كرر الرواية الروسية حول تحميل المعارضة المسؤولية عن استخدام السلاح الكيماوي، وقال إن بلاده تأمل بأن «تتخذ القوات السورية كل الإجراءات المطلوبة لمنع وقوع المواد التي يمكن استعمالها كأسلحة كيماوية، في أيدي الإرهابيين». وشدد على أن «لا أحد يملك معلومات موثوقة عما حدث في إدلب، والجانب الأميركي ليست لديه معلومات»، مشيراً إلى أن قيام المندوبة الأميركية في مجلس الأمن بعرض صور أطفال ضحايا «خطوة عاطفية لكنها لا تمت بصلة للواقع»، مضيفاً أن روسيا «تعمل على الحيلولة دون سقوط ضحايا بين الأطفال في سورية. وتحرير هذا البلد من الإرهابيين هو الطريق الوحيد لإعادة الاستقرار إليه». من جهة أخرى، قال بيسكوف إن من غير المرجح أن تؤثر الخلافات حول سورية مع الولاياتالمتحدة في طابع العلاقات بين موسكووواشنطن. وتزامنت تصريحات الناطق الرئاسي مع تأكيد الخارجية الروسية إن اتهام دمشق باستخدام الأسلحة الكيماوية في إدلب، «سابق لأوانه» مؤكدة إصرار موسكو على إجراء تحقيق شامل. وأوضح مدير قسم شؤون المراقبة على الأسلحة وعدم الانتشار في الخارجية الروسية ميخائيل أوليانوف، أن الترسانة الكيماوية السورية تم إخراجها من البلاد في منتصف 2014 بمساعدة الولاياتالمتحدة. وأشار إلى أن موسكو تعتبر كلمات مايك بنس نائب الرئيس الأميركي، التي تتهم موسكوودمشق بعدم الامتثال لاتفاق التخلص من الكيماوي «لا أساس لها وحشواً إعلامياً»، مضيفاً: «نحن نتعامل ليس فقط مع عدم مسؤولية، ولكن أيضاً مع غياب في المعلومات». وأوضح أوليانوف أن موسكو تأمل بأن يتم التوصل لحل مقبول في مجلس الأمن للطرفين الروسي والأميركي في شأن حادثة الأسلحة الكيماوية في إدلب قبل اجتماع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، علماً أن الاجتماع مقرر الثلثاء المقبل. في غضون ذلك، أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف قناعة موسكو بأن الحكومة السورية «لم تستخدم سلاحاً كيماوياً». وأضاف أنه «من الضروري عند دراسة مسألة إدلب ألا تقتصر لجنة التحقيق على خبراء غربيين، مشدداً على ضرورة أن يكون «تكوين اللجنة متوازناً». وعكس هذا التصريح تبنياً روسياً كاملاً لمطلب الحكومة السورية الذي عبر عنه أمس وزير الخارجية وليد المعلم. وأضاف أن «موسكو تدعو إلى إعداد، نص قرار متوازن حول هجوم إدلب» في مجلس الأمن، و»تعارض استخدام معلومات غير موثوقة كأساس لتوجيه الاتهام لدمشق»، مضيفاً أن روسيا تأمل «بأن تؤخذ مقترحاتها حول التحقيق في حادث إدلب في الاعتبار وأن تتم إعادة نظر شاملة في نهج التعامل مع هذا الملف، في شكل لا تتكرر فيه مسألة التسرع بتوجيه اتهامات إلى دمشق من دون توافر أدلة». وكان الديبلوماسي الروسي في بعثة نيويورك فيودر سترجيجوفسكي، قال إن «المشروع الغربي في المجلس أعد على عجل وبغير عناية». وأضاف: «بدلا من ذلك قدمنا، مشروعا قصيرا.. يهدف إلى إجراء تحقيق حقيقي وليس تحديد المذنبين قبل تحديد الوقائع»، مشيرا إلى أن أعضاء المجلس يحاولون الخروج ب «مشروع قرار توافقي». لكن موسكو أكدت في المقابل أنها لن تسمح بصدور أي قرار غير توافقي. وقال غينادي غاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي، إن «موسكو جاهزة لاستخدام حق النقض ضد مشروع القرار الغربي حول سورية إذا طرح من دون تعديل». وأضاف غاتيلوف: «سيتبين خلال المشاورات الجارية مقدار المرونة الذي يمكن أن يظهرها شركاؤنا الغربيون. هم يسعون عمداً إلى تسريع العملية واتخاذ قرار»، محذراً من أن «مثل هذه الأمور لا تمر بسرعة في مجلس الأمن، هم بطبيعة الحال، يمكن أن يضعوا المشروع للتصويت من دون مشاورات، لكن واضح أنهم في هذه الحال سيحصلون على فيتو قاطع». وأكد أن «المهمة المطروحة تتمثل في أنه إذا كانت هناك رغبة جادة لإيجاد الحقيقة، فيجب إيفاد بعثة خاصة للتحقيق... ويجب أن تكون هذه البعثة متوازنة التركيب ويجب أن تقدم تقويمات موضوعية». وقالت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أن عدم صدور قرار يمثل فضيحة. وأردفت: «كان هجوماً وحشياً لا بد من معرفة تفاصيله. استخدام الأسلحة الكيماوية جريمة حرب». وتابعت أن هناك دلائل تشير إلى أن قوات الرئيس بشار الأسد نفذته. وتابعت: «عدم صدور قرار من مجلس الأمن فضيحة وعلى من عارضوه التفكير في المسؤولية التي يتحملونها.» ورفضت تفسير تعليق للرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الهجوم «تجاوز خطاً أحمر». رسائل متناقضة وأفاد وزير خارجية فرنسا جان مارك إيرو الخميس بأن باريس لا تزال تسعى لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي في شأن سورية، مضيفاً أن المفاوضات الديبلوماسية لها الأولوية على أي عمل عسكري. وقال إيرو لتلفزيون «سي نيوز» إن «فرنسا لا تزال تسعى للحديث مع شركائها في مجلس الأمن بخاصة الأعضاء الدائمين وخصوصاً روسيا». وأكد ترامب الأربعاء أن حكومة الرئيس بشار الأسد «تجاوزت خطاً أحمر» بهجوم الغاز السام على المدنيين، لكنه لم يكشف عن تفاصيل الإجراء الذي قد يتخذه. وحذرت السفيرة الأميركية في الأممالمتحدة نيكي هيلي من أن الدول قد «تجد نفسها مضطرة للتحرك». ورداً على سؤال عما إذا كانت فرنسا ستنضم إلي أي عمل عسكري محتمل في شأن سورية، قال إيرو إن «المرحلة الأولى هي التصويت على قرار، وقبل أي شيء إعادة بدء مفاوضات السلام في جنيف. يجب ألا نتحرك من أنفسنا، بحجة أن الرئيس الأميركي ربما غلى الدم في عروقه، ونصبح متأهبين للحرب». وأضاف إيرو أن الرد الأميركي في شأن سورية ما زال غير واضح، مشيراً إلى أنه يتلقى رسائل متضاربة من وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس ومن وزير الخارجية ريكس تيلرسون. وقال: «إنهما لا يقولان الشيء ذاته». وقالت فرنسا مراراً إن الأسد لا يمكن أن يكون جزءاً من أي حل تسفر عنه محادثات السلام. وجددت فرنسا وبريطانيا هذا الأسبوع دعوتهما الرئيس السوري للرحيل. وقال إيرو: «يجب ألا تمر جرائمه من دون عقاب. سيأتي اليوم الذي ستقول فيه العدالة الدولية كلمتها في شأن بشار الأسد». وأوضح يان إيغلاند منسق الأممالمتحدة للشؤون الإنسانية أن تجدد الاهتمام الأميركي بالحرب الدائرة في سورية، أمر محل ترحيب إذا ما قاد إلى جهد أميركي - روسي جديد من أجل التوصل إلى حل سياسي. وقال إيغلاند للصحفيين، بعد يومين من وقوع ما يشتبه في أنه هجوم كيماوي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين في بلدة خان شيخون: «أتمنى أن تكون هذه نقطة تحول... آمل بأن يكون ميلاداً جديداً للديبلوماسية». وقال بعد أن رأس اجتماعاً أسبوعياً في شأن الأوضاع الإنسانية في سورية إن الأممالمتحدة طلبت من أميركا وروسيا وإيران وتركيا التوصل إلى هدنة إنسانية في سورية لمدة 72 ساعة وحرية دخول المساعدات للمناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها بما في ذلك حوالى 400 ألف شخص محاصرين في الغوطة الشرقية قرب دمشق.