كشفت الأجهزة في موسكو هوية منفذ الاعتداء الانتحاري في مترو أنفاق سان بطرسبورغ، واسمه أكبر جون جليلوف من مواليد عام 1995، قيرغيزي الأصل ويحمل الجنسية الروسية منذ ست سنوات، وعثر على أشلائه في مكان التفجير. وعزز كشف الأجهزة الروسية علمها بانتماء الانتحاري إلى «داعش» المخاوف من تحرك «خلايا نائمة» قريبة من التنظيم، لشن مزيد من الهجمات في روسيا على غرار الاعتداء الانتحاري الذي أسفر عن 14 قتيلاً و50 جريحاً. ترافق ذلك مع اعتقال الجيش التركي 18 شخصاً، حاولوا دخول البلاد بطريقة غير شرعية عبر الحدود مع سورية، بينهم شيشاني يشتبه بأنه يخطط لهجوم، عثر في حقيبته على 1.5 كيلوغرام من المتفجرات وقنبلتين يدويتين. وغداة هجوم سان بطرسبورغ، أغلقت السلطات لساعات محطة «سينايا بلوشتشاد» للمترو في المدينة، بعد مكالمة من مجهول حذر من احتمال شن هجوم آخر، فيما أبلغ مصدر أمني روسي صحيفة «كوميرسانت» أن «أجهزة الأمن علمت بتحضير عمل إرهابي في سان بطرسبورغ، لكنها لم تملك معلومات كافية عن مخططه»، مشيرة إلى أن «متعاوناً مع داعش أدلى بهذه المعلومات بعد اعتقاله إثر عودته من سورية أخيراً». وأوضح المصدر أن «المعلومات أفادت بوجود مجموعة تعد لهجمات في سان بطرسبورغ، وأن المعتقل كان على تواصل مع المجموعة عبر هواتف خليوية خضعت لمراقبة أجهزة الأمن». ولم تعلق الجهات المختصة على تقرير الصحيفة، لكن أوساطاً في سان بطرسبورغ تحدثت عن إغلاق عدد من محطات مترو الأنفاق في المدينة ثلاث مرات على الأقل خلال الأسبوع الأخير، بسبب الاشتباه بمقتنيات تركت في عربات المترو، ما يؤكد صحة المعلومات التي تسربت للصحيفة. ونقلت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» عن مصادر أمنية أخرى أن «الاعتداء مرتبط بتهديدات متواصلة أطلقها متشددون قريبون من داعش على صفحات الإنترنت خلال العام الأخير، وتوعدوا فيها روسيا بتنفيذ هجمات لنصرة سورية». لكن وزير الخارجية سيرغي لافروف اعتبر أنه «من السخرية والحقارة وصف تفجير سان بطرسبورغ بأنه عمل انتقامي من تصرفات روسيا في سورية». وأكد لافروف أن «مأساة سان بطرسبورغ توضح مجدداً أهمية تصعيد الجهود المشتركة لمحاربة هذا الإرهاب»، فيما أفاد الكرملين بأن زعماء روسيا وألمانيا وفرنسا اتفقوا في مكالمة هاتفية على تسريع تبادل المعلومات بهدف مكافحة الإرهاب، علماً أن فرنسا عززت كإجراء احترازي، التدابير الأمنية المتخذة في المواصلات العامة بأنحاء العاصمة باريس. وتلقى الرئيس فلاديمير بوتين اتصالات من زعماء أبدوا تضامنهم مع روسيا، بينهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي عرض مساعدة بلاده في التحقيقات، والرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي بحث مع بوتين سبل تكثيف الجهود المشتركة لمواجهة الإرهاب. وأفادت لجنة التحقيق الروسية بأن «نتائج تحليل عينات من الحمض النووي على العبوة الناسفة الثانية التي لم تنفجر، ومطابقتها مع الحمض النووي لأشلاء منفذ الهجوم، إضافة إلى تسجيلات كاميرات المراقبة أثبتت أن منفذ الهجوم هو جليلوف الذي أراد تنفيذ هجوم مزدوج عبر تفجير عبوتين ناسفتين معاً، لكن خللاً تسبب في عدم انفجار العبوة التي عثرت عليها الشرطة لاحقاً. ووفق السيناريو الذي وضعه المحققون، ترك جليلوف الحقيبة التي احتوت عبوة ناسفة معدة للتفجير زنتها نحو كيلوغرام واحد في إحدى عربات مترو الأنفاق، وانتقل إلى محطة أخرى حيث فجر العبوة الثانية التي كانت في حوزته. ولمّح المحققون إلى أن اللجنة تلاحق «أعواناً» للمنفذ، بعدما سجلت كاميرات المراقبة تحركات اثنين منهم على الأقل قرب مدخل محطة المترو. ونشرت أجهزة الأمن صورة جليلوف، ما حسم الجدل حول هوية المنفذ المحتمل، بعدما كانت نشرت صوراً لأشخاص احدهم ملتحٍ سلم نفسه إلى الشرطة مؤكداً عدم صلته بالتفجير. كما اشتبه في أن المهاجم مواطن كازاخي عثر على جثته بين الضحايا، لكن سلطات الأمن الكازاخية أكدت عدم صلة مواطنها بالهجوم. إلى ذلك، شكل التفجير مادة دسمة لعودة الهجمات النارية على المسلمين والعرب في وسائل إعلام حكومية طالبت بفرض قيود على تحركات «الآسيويين»، وهي التسمية التي تطلق على مواطني جمهوريات آسيا الوسطى. وأعاد ذلك إلى الأذهان الخطاب الإعلامي المعادي للعرب والمسلمين الذي كان رائجاً بقوة خلال سنوات الحرب في القوقاز.