يتجه الكثير من المحطات الأوروبية التلفزيونية الرسمية الى البحث عن اشكال تلفزيونية مختلفة ومخففة لتحمل المحتوى الجاد لموضوعاتها. فمثلاً عوضاً عن برنامج يتناول بأسلوب تاريخي رحلة الحجاج المسيحيين الأوروبيين في القرون الوسطى الى الشرق الأوسط او بالتحديد الى الأماكن المقدسة في القدس، اختارت القناة الهولندية الأولى ان تجمع في برنامج واحد صرامة الموضوع التاريخي مع روح برامج المسابقات، وتلفزيون الواقع، مع الإثارة التي يمنحها حضور المشاهير ! وإذا كانت الإعلانات التي سبقت عرض برنامج «سفرة الحج»، نوهت بأن المشتركين العشرة من المشاهير الهولنديين سيسلكون الطريق نفسه الذي قطعه حجاج اوروبيون الى الشرق الأوسط، الا ان رحلة الحج بدأت بالحقيقة من مدينة انطاكيا التركية، كما أن المشتركين قطعوا اغلب المسافات بين المدن التي كانت وقتها مراكز للحجاج بالسيارات الحديثة، ولم يضطروا إلى ان يناموا على جوانب الطرق او في خانات عامة كما كان يفعل الحجاج وقتها! وبدل ان يترك البرنامج المشتركين فيه ليستمتعوا بالمدن الصغيرة والكبيرة التي يمرون بها من الأردن الى سورية، والأردن وفلسطين، اختار ان يشغلهم بمسابقات ستأخذ الكثير من وقتهم وجهدهم، ويجعلهم يتعرقون بشدة، بخاصة ان البرنامج تم تصويره العام الماضي، في اكثر اشهر صيف الشرق الأوسط حرارة. على رغم العنوان الديني العريض للبرنامج، الا انه لا يمر الا نادراً على موضوع الدين، فغالبية المشتركين من المشاهير الهولنديين اعلنوا في بداية البرنامج أنهم ليسوا متدينين، فيما أعلن بعضهم أنه اعتنق البوذية او ديانات آسيوية صغيرة، وإحدى المشتركات وهي اعلامية هولندية من اصول عربية، ترتدي الحجاب، وبدت اكثر المشتركين سعادة بوجودها في الشرق الأوسط. وتعتمد المسابقات على نظام التصويت بين المشتركين العشرة، تنتهي كل حلقة باستبعاد مرشح، لكي يكمل الآخرون طريقهم من دونه، ليصل في النهاية مرشح واحد الى القدس ويحصل على الجائزة التي تنتظره هناك والتي تقترب من العشرين الف دولار اميركي تذهب الى احد المشاريع الخيرية التي يختارها الفائز. يوفر البرنامج بخاصة في الحلقة السورية مشاهد رائعة للحياة اليومية هناك، وبخاصة لمدينة حلب، والتي لا تحظى التغطيات التلفزيونية الأوروبية نفسها التي تحصل عليها مدينة دمشق. كذلك يقدم البرنامج مشاهد طريفة للقرى الصغيرة والريف وبخاصة في الحلقتين اللتين صورتا في سورية، ويقدم حياة الفقراء المبتهجين الكرماء، والذين يقدمون الفواكه والخضروات للمشتركين، ويشاركونهم احياناً قصص حياتهم وأحزانهم. كما يشرك البرنامج الكثير من ابناء المدن التي يمر بها البرنامج في المساعدة في المسابقات. وعلى رغم ان البرنامج اختار ان يضيف طابع الإثارة إلى حلقاته من خلال المسابقات المبتكرة احياناً، الا ان افضل دقائق البرنامج كانت عندما تقاطع المشتركون مع ابناء المدن الشرق الأوسطية، وكيف تحقق تلك اللقاءات المزيد من التفهم لحياة الناس هناك، ليس فقط للمشتركين ولكن للمشاهدين.