إلى متى سيصمد الإطار السعري الحالي للنفط بين 70 و80 دولاراً للبرميل؟ وهل هو قابل للتغيير ومتى؟ هذا هو السؤال الذي يواجه الدول النفطية ومنظمة «أوبك» تحديداً، وكذلك الدول المستهلكة للنفط. فهذا الإطار السعري المعمول به منذ عام 2008، أي منذ إعلان السعودية ان المتوسط البالغ 75 دولاراً هو سعر عادل ومناسب للجميع، أصبح حقيقة واقعة، على رغم انكماش النشاط الاقتصادي العالمي وانخفاض الطلب العالمي على النفط بأكثر من مليون برميل يومياً. وتبقى أسعار النفط متماسكة وقوية وتتجاوز هذا الإطار السعري أحياناً، لكنها مستقرة عنده كمتوسط لعام 2010، على رغم العناصر والعوامل الكثيرة التي كانت تهدد استقرار الأسعار، ومنها عدم التزام معظم أعضاء «أوبك» بسقف الإنتاج وحصصه إذ تعمد إلى زيادة الكميات النفطية المعروضة، ما أوجد تخمة في الأسواق النفطية. ان النطاق السعري الحالي مناسب ومقبول، لكن إلى متى سيستطيع ان يحافظ على تماسكه، في ظل تواصل ارتفاع أسعار السلع والمنتجات والخدمات، خصوصاً مع ضعف سعر صرف الدولار في مقابل العملات الأخرى، وتأثير ذلك في معدلات إيرادات الدول النفطية وفي مؤشر التضخم المالي الذي قد يرتفع بما يرتب ضعفاً في القوة الشرائية لهذه الدول؟ يُتوقَّع ان يحدث شيء ما على صعيد رفع النطاق السعري إلى مستوى يتناسب مع هذه المتغيرات التي تلوح في الأفق بحيث يستقر سعر البرميل على 90 دولاراً، مثلاً. لكن هل ستتحمل الدول المستهلكة للنفط هذا المستوى الجديد في حين تتعرض اقتصاداتها إلى أزمات وانهيارات مالية متلاحقة بما يجعلها في أمسّ الحاجة إلى استقرار مالي على المدى المتوسط، خصوصاً فيما تشكو من ارتفاع أسعار السلع والمنتجات المستوردة. ان حالهم حالنا والجميع يلومون الجميع. كذلك هل يؤدي هذا التصاعد إلى زيادة أخرى في متوسط سعر النفط الخام إلى مستوى أعلى ليصل إلى ما فوق مئة دولار؟ وماهو دور «أوبك» في الحفاظ على متوسط سعري مناسب لفترة أطول بما يمنع حصول صعود وسباق مستديمين يسابق الجميع فيهما الجميع؟ وهل تملك «أوبك» فعلاً آلية تمكّنها من الحفاظ على استقرار أسعار النفط لمدة طويلة؟ ومتى ستستعمل المنظمة هذه الآلية للحفاظ على استقرار أسعار النفط ومن ثم الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي؟ ومن يملك هذه الآلية؟ لا شك في ان السعودية هي الدولة النفطية الوحيدة القادرة على الحفاظ على استقرار أسعار النفط من ضمن النطاق الحالي ما بين 70 و80 دولاراً في المدى المتوسط ومن خلال آلية تسمح بإنتاج كميات أكبر من النفط الخام وضخها لتهدئة الأوضاع وإعادة الانضباط إلى الأسواق النفطية حين تدعو الحاجة، علماً أنها اتبعت هذه السياسة في السابق، حين عملت «أوبك» بسعرين منفصلين للنفط الخام. ان السعودية هي الدولة الوحيدة التي أعلنت ان السعر المناسب للنفط هو 75 دولاراً، وحققت هذا المستوى وحافظت عليه. ولذلك يجب الحفاظ على النطاق السعري الحالي إلى ان تستقر الأمور الاقتصادية. وهذا هو المطلوب فعلاً من أجل حماية نمو الطلب العالمي على النفط في المدى البعيد وتعزيز صدقية «أوبك». والأهم في المعادلة النفطية هو تحديد المتوسط السعري المناسب وفي الوقت المناسب، وهو تحدٍ كبير يتحمل مسؤوليته الجميع. * كاتب متخصص في شؤون النفط