عاد إلى الواجهة ملف اتفاق تعيين الحدود البحرية، الذي وقعته مصر والمملكة العربية السعودية في نيسان (أبريل) الماضي، ويتضمن نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، بعد حكم قضائي نهائي أصدرته محكمة مصرية أمس، بالاستمرار في تنفيذ الاتفاق. إلا أن الحكم أثار نزاعاً قضائياً، إذ يتعارض مع حكم قضائي نهائي آخر كانت أصدرته المحكمة الإدارية العليا ببطلان الاتفاق. ويُترقب أن تحسم هذا التنازع المحكمة الدستورية العليا التي تنظر في ملف القضية، فيما أكد رئيس الحكومة شريف اسماعيل أن الحكومة أحالت الاتفاقية على البرلمان الذي سيدرسها بدوره، مضيفاً أن الحكومة جاهزة لعرض كل التفاصيل والجوانب المتعلقة بالاتفاقية. وكانت المحكمة الإدارية العليا التابعة لمجلس الدولة أصدرت حكماً مطلع العام ببطلان نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، قبل أن يقدم أحد المحامين دعوى قضائية أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة التابعة للقضاء المدني، طالب فيها بتنفيذ الاتفاق، لتصدر المحكمة في جلستها أمس، حكماً بانعدام أثر حكم القضاء الإداري القاضي ببطلان الاتفاقية، وأمرت المحكمة بالاستمرار في تنفيذها. لكن الحكم القضائي أثار أزمة قانونية، إذ يتناقض مع نص في الدستور المصري يحظر الطعن في أحكام القضاء الإداري أمام محاكم القضاء المدني (الأمور المستعجلة)، لذلك ستحسمه نهائياً المحكمة الدستورية العليا المعروض عليها ملف القضية، وفقاً لمصدر قانوني قال ل «الحياة»: «نحن الآن أمام حكميْن نهائييْن متعارضيْن»، مشيراً إلى أن «هيئة مفوضي المحكمة الدستورية تعد الآن تقريراً ترى فيه كل جوانب القضية، وسترفع توصيات إلى المحكمة الدستورية التي بدورها ستحدد جلسة تفصل فيها في القضية». وأضاف أن طرفي القضية، المحامين الذين صدرت لمصلحتهم أحكام ببطلان الاتفاق، وهيئة قضايا الدولة الممثلة للحكومة، سيتقدمان بملفاتهما إلى المحكمة الدستورية، وكل طرف سيقدم الأحكام التي صدرت لمصلحته، وستفصل المحكمة الدستورية في القضية برمتها. ولفت المصدر إلى أن البرلمان المصري من حقه الآن البدء في مناقشة الاتفاق مستنداً إلى حكم أمس، لكن البلاد قد تدخل في أزمة في حال قررت المحكمة الدستورية العليا بطلان الاتفاق، لذلك من الأفضل انتظار حكمها الذي سيحسم الملف. وبالمثل، رأى عضو لجنة الشؤون التشريعية في البرلمان النائب مصطفى بكري أنه وفقاً لحكم أمس «نحن أمام حكميْن قضائييْن نهائييْن متعارضيْن، أحدهما صادر عن دائرة فحص الطعون في الإدارية العليا يقضي بالبطلان، وآخر صادر عن الأمور المستعجلة بإسقاط الأول، ما يعني أن المحكمة الدستورية العليا سيكون عليها الفصل في هذا التنازع... المحكمة الدستورية ستنظر في مدى دستورية أي من الحكميْن». لكنه لفت إلى أن حكم أمس «لا يمنع البرلمان من النظر في الاتفاقية حين يشاء». وكان رئيس البرلمان علي عبدالعال أكد أن اتفاقية تعيين الحدود وصلت إلى البرلمان، وأنه «سيتم التعامل معها طبقاً للاختصاص الدستوري، وهناك إجراءات سيتم استكمالها قبل إحالتها إلى اللجنة المختصة لدرسها».