اعتبرت طهران أمس، المحادثات التي أجرتها في جنيف مع الدول الست المعنية بملفها الذري، «نصراً كبيراً»، إذ إن الوفد الإيراني «لم يسمح بمناقشة الحقوق النووية» لبلاده. وهددت بنشر التسجيلات الصوتية للمفاوضات، إذا أصرت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون على أن المحادثات ركّزت على الملف النووي. في باريس، أكد مصدر ديبلوماسي فرنسي مطلع على المفاوضات بين إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا)، أن البرنامج النووي الإيراني كان «محور» المحادثات التي عرضت الدول الست خلالها «حججها في عدم اقتناعها بطابعه المدني». وقال المصدر إن «الدول الست قدمت براهين تقنية محددة على ذلك، وأشارت الى التقرير الأخير للمدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية (يوكيا أمانو)، وكيف يجب أن تفهمه إيران». وكشف المصدر ان أبرز المفاوضين الإيرانيين في الملف سعيد جليلي «شدد على ضرورة العودة عن أخطاء الماضي»، مؤكداً أن الدول الست تعاني بطالة ومشاكل أخرى، في مقابل «نمو وفرص عمل في إيران على رغم العقوبات». وأبلغت تلك الدول إيران «استعدادها لمناقشة مسائل أخرى»، لكنها «أكدت أن محور اهتمامها في المحادثات هو البرنامج النووي». في طهران، أشار جليلي الى أن الدول الست «بدأت المفاوضات بطرح وجهة نظرها، لكن إيران أكدت ان المناقشات يُفترض ان تستمر على أساس شروطها. لذلك غيّرت (الدول الغربية) موقفها تغييراً جذرياً واستجابت شروط إيران ولم تتطرق الى ضغوط». وأضاف: «بعدما أصرّت إيران وجادلت، وافقت (الدول الست) على ان يتناول اللقاء المقبل في إسطنبول (أواخر الشهر المقبل)، مناقشة نقاط مشتركة لا الحوار في شأن البرنامج النووي الإيراني». أما الناطق باسم لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني كاظم جلالي، فاعتبر أن «نتيجة (المحادثات) شكّلت نصراً كبيراً، إذ ان الوفد الإيراني حاول التفاوض في إطار المصالح والاستراتيجيات الوطنية». وزاد: «الوفد الإيراني لم يسمح بمناقشة الحقوق النووية، وهذه نقطة إيجابية أخرى في تلك المحادثات، ومفاوضات إسطنبول ستحدّد مجرى التعاون بين إيران والدول الست». وتطرق الى إعلان اشتون ان محادثات إسطنبول ستتمحور حول البرنامج النووي الإيراني، داعياً اياها والدول الست الى «عدم خيانة ثقتنا». وقال إن «انتهاج أساليب غير أخلاقية، يطعن في نزاهة الطرف الأوروبي المفاوض ويقلّص صدقيته ويعرقل المفاوضات». وكانت أشتون قالت في جنيف، ان المحادثات «المفصلة والجوهرية ركّزت على البرنامج النووي الإيراني، وضرورة أن تفي إيران التزاماتها الدولية». وفي هذا السياق، نقلت وكالة «فارس» عن مصدر تأكيده ان طهران «ستنشر التسجيلات الصوتية للمحادثات، إذا أصرّت أشتون على تصريحها غير الحقيقي». وذكّر بتأكيد جليلي أن «تصريح أشتون بعد المحادثات ينافي الحقيقة»، مشيراً الى أن «مفاوضات إسطنبول ستستند الى التعاون في شأن نقاط مشتركة، ما يثبت أن أقوال آشتون التي زعمت أن المحادثات ركّزت على الملف النووي الإيراني، غير حقيقية ولا تتلاءم مع فحوى المحادثات». الى ذلك قالت مصادر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ل «الحياة»، إن الدول الست وافقت في جنيف علي اقتراح طهران جدولة المفاوضات اللاحقة في إسطنبول، «شرط وقف حملات الضغط التي تُمارس على إيران». وأضافت أن الجانبين اتفقا علي «الحوار من اجل التعاون» و»البحث عن قواسم مشتركة»، في إطار جدول أعمال من ثلاث فقرات: حظر الانتشار النووي ونزع الأسلحة النووية والتعاون السلمي والإيجابي بين الجانبين. وأكد الرئيس محمود احمدي نجاد أن بلاده «لن تقبل في أي ظرف، التخلي عن حقوقها في التحكم بدورة الوقود النووي وتخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة أو بناء محطات نووية». وقال: «الحقوق النووية لإيران ليست موضع نقاش، لأنها مثل استقلال البلاد الذي لا يمكن التفاوض عليه. لكن التعاون في المجالات المختلفة، وبينها تبادل الوقود النووي والقضايا الاقتصادية والسياسية والأمن الدولي، مسائل قابلة للحوار».