سجّلت أسواق الاكتتاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تراجعاً كبيراً في الربع الثالث بلغت نسبته 79.7 في المئة، وبلغت قيمة الصفقات 177 مليون دولار، مقارنة ب 871.8 مليون دولار خلال الفترة ذاتها من العام الماضي، وفق تقرير حديث لمؤسسة «ارنست اند يونغ». وسجل الربع الثالث تراجعاً عن الربع الثاني بلغت نسبته 70 في المئة، حين بلغت قيمة صفقات الاكتتاب 590.6 مليون دولار، لتبلغ بذلك عائدات صفقات الاكتتاب التي تمّت منذ بداية العام الحالي، 1.2 بليون دولار. وقال رئيس خدمات استشارات الصفقات في «إرنست ويونغ» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فل غاندير: «من المستبعد أن تتحسن الأسواق خلال الفترة المتبقية من السنة، ويرجح أن يكون تمويل البنوك التقليدية والسندات والصكوك، الوسيلة المفضلة التي تعتمد عليها الشركات الإقليمية لتحقيق أرباح، ريثما يطرأ تحسن على ربحية الشركات المصدرة ومعنويات المستثمرين». وأضاف: «عادة ما تنتعش أسواق الاكتتاب بعد انتعاش الأسواق الثانوية، وبدأنا بالفعل نشهد انتعاشاً تدريجياً في أسواق الأسهم في كل أنحاء المنطقة». واقتصرت صفقات الاكتتاب الإقليمية خلال الربع الثالث على اكتتابين فقط، أحدهما لشركة «إسمنت الجوف» السعودية بقيمة 173.3 مليون دولار، والآخر للشركة السورية «بيكو للصرافة» بقيمة 3.7 مليون دولار. وتابع غاندير: «لطالما أظهرت الشركات السعودية والسورية استعدادها للدخول في صفقات اكتتاب، حيث تحظى بحماية نسبية من الآثار السلبية لابتعاد المستثمرين عن الاكتتاب في بلدان أخرى في المنطقة. وإضافة إلى التشريعات الخاصة بإدراج الأسهم، استفادت الشركات من انخفاض كلفة رأس المال المضمون في مسار السوق، في حين تشعر الشركات في الدول الأخرى بقلق حيال مستوى التسعير والطلب من قبل المستثمرين إذا ما اتخذت قراراً بإدراج أسهمها. ويعود هذا إلى مزيج من العوامل أهمها الأرباح المنخفضة للشركات المصدرة، وابتعاد المستثمرين عن الاكتتاب وانخفاض أحجام التداول التي نشهدها على أساس يومي». وعلى رغم تقلبات السوق وتراجع عدد الصفقات المسجلة، كانت قيمة صفقات الاكتتاب العالمية مرتفعة خلال الربع الثالث. وساهم النمو الكبير الذي شهدته القارة الآسيوية في تعزيز أسواق الاكتتاب العالمية. وكانت صفقة الاكتتاب بأسهم «البنك الزراعي الصيني» الأكبر على الإطلاق، إذ بلغت قيمتها 22.1 بليون دولار، أي نحو نصف عائدات الاكتتاب المسجلة خلال هذا الربع على المستوى العالمي (42 في المئة). وبلغت القيمة الإجمالية لصفقات الاكتتاب خلال الربع الثالث إلى 52.7 بليون دولار من 286 صفقة، مقارنةً ب46.8 بليون دولار من 311 صفقة تم تسجيلها خلال الربع السابق. وأبدى المستثمرون حرصهم في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي الذي ظهرت ملامحه في الربع الثالث من العام الحالي. وعلى رغم ظهور بعض التحديات الكبيرة، تمّ تسعير 84 في المئة من صفقات الاكتتاب العالمية في نطاق إيداعها الإبتدائي، مع ارتفاع تسعير 4 في المئة منها. ووصلت قيمة نشاطات الاكتتاب العالمية خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي إلى 152.7 بليون دولار من 888 صفقة تم تسجيلها، متجاوزة مستوياتها خلال عام 2009 (112 بليون دولار من 577 صفقة). ووصلت حصة المستثمرين الآسيويين إلى 83 في المئة من القيمة الإجمالية لصفقات الاكتتاب المسجلة خلال الربع الثالث (43.8 بليون دولار من 173 صفقة). كما زادت حصة المستثمرين الصينيين على ثلاثة أرباع (76 في المئة) عمليات التمويل العالمية (40.1 بليون دولار في 110 صفقات، بزيادة 147 في المئة في العائدات الإجمالية عنها في الربع الثاني). واستحوذت الأسواق الناشئة على عشر صفقات من بين أفضل عشرين صفقة تمت في الربع الثالث. وكانت كل هذه الصفقات من آسيا، حيث بلغت حصة الصين ثماني صفقات، فيما ذهبت الصفقتان المتبقيتان إلى إندونيسيا والهند. في المقابل، تم تسجيل الصفقات العشر المتبقية في أسواق الدول المتقدمة، وحظيت السوق الأميركية بثلاث صفقات، فيما سجل كل من المملكة المتحدة وكندا صفقتين. وتوزعت الصفقات الثلاث المتبقية على كل من هولندا وألمانيا وأستراليا. وسعت مجموعة واسعة من الشركات نحو الاكتتاب العام خلال الربع الثالث. وكان قطاع الخدمات المالية الأكثر نشاطاً، إذ استطاع أن يحقق أكثر من نصف العائدات (51 في المئة) التي تم تسجيلها (26.8 بليون دولار من 24 صفقة)، ما يظهر اهتمام المستثمرين الكبير بهذا القطاع. واحتلّ قطاع المعادن المرتبة الثانية (سجل عائدات بقيمة 5.7 بليون دولار من 64 صفقة اكتتاب)، ما يعكس طلب الأسواق الناشئة على السلع الأساسية. وجاء قطاع الصناعات في المرتبة الثالثة (5.7 بليون دولار من 52 صفقة)، ومن الواضح أن هذا القطاع استفاد من الإجراءات الحكومية الداعمة على المستوى العالمي والتي تسعى إلى تطوير البنية التحتية. واحتل قطاع التكنولوجيا المرتبة الرابعة بعائداتٍ بلغت 4.5 بليون دولار من 36 صفقة اكتتاب، وشهد هذا القطاع نمواً في عائداته على رغم الركود الاقتصادي العالمي. وخلص إريكسن إلى القول: «شهدنا تحسناً تدريجياً في أسواق الاكتتاب خلال الأشهر التسعة الماضية. وتواصل الاكتتابات العالمية نموها مع سعي الكثير من الشركات في كل أنحاء العالم الى تمويل نموها السريع. ونتوقع أن تشهد أسواق الاكتتاب العالمية تحسناً في المستقبل، مع افتراض أن تشهد البيئة الاقتصادية الكلية مزيداً من الاستقرار».