قلصت التباينات في المواقف سقف التوقعات من اجتماع المندوبين الدائمين في مجلس الحلف الأطلسي (ناتو) – روسيا اليوم، رغم تأكيد الطرفين أهمية استئناف الحوار المتوقف منذ اندلاع أزمة أوكرانيا مطلع 2014، والذي يهدف الى تخفيف حدة التوتر في العلاقات بين الجانبين. وقال أندريه كيلين، مدير قسم التعاون الأوروبي في الخارجية الروسية، إن بلاده «لن تقدم توضيحات في شأن تحركاتها العسكرية»، مشيراً الى أن «الحوار سيُركز على تبادل الآراء في شأن ملفات حساسة». وكان الجانبان عقدا أربعة اجتماعات على مستويات مختلفة خلال العامين الماضيين. لكن الخلافات والاتهامات المتبادلة سيطرت عليها، وأخفق الطرفان في إعادة إطلاق عمل المجلس في شكل منتظم. ويأتي الاجتماع بعد مرور أسابيع على اتفاق رئيس اللجنة العسكرية للحلف الأطلسي الجنرال بيتر بافل ورئيس هيئة الأركان العامة الروسية فاليري غيراسيموف، في أول اتصال هاتفي أجري بينهما منذ عامين، على استئناف الاتصالات المنتظمة. وقال الكسندر غروشكو، سفير روسيا لدى الحلف: «يتعافى إيقاع عمل المجلس تدريجاً»، فيما اعتبرت الناطقة باسم الحلف أوانا لونجيسكو المجلس «منبراً مهماً للحوار من أجل تخفيف التوتر وزيادة الشفافية». ورغم اللهجة الإيجابية والانفتاح على الحوار اللذين ميزا تعليقات الجانبين عشية اللقاء، برزت تباينات في تحديد اجندة النقاش. وأكدت مصادر الحلف أن موضوع نشر موسكو صواريخ من طراز «اسكندر» في منطقة كاليننغراد سيكون بين ملفات البحث، إضافة الى التحركات العسكرية الروسية على الحدود. لكن الخارجية الروسية أعلنت أن موسكو «لا تعتزم تقديم توضيحات للحلف في شأن نشر منظومات «اسكندر الصاروخية في مقاطعة كالينيغراد». وصرح كيلين بأن موسكو قلقة من زيادة قوات الأطلسي في أوروبا الشرقية، ودول بحر البلطيق من جهة، فيما يبدي الحلف قلقه من تدريبات عسكرية روسية. وكان الحلف مهد للاجتماع بتأكيد أن التعزيزات العسكرية «دفاعية، ومعتدلة مقارنة بنشر موسكو 333 ألف جندي على حدودها الغربية منذ أيار (مايو) الماضي». وشدد على أن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في آذار (مارس) 2014 فاقم مخاوف بلدان اوروبا الشرقية، ودفع الى نشر 4 كتائب مدعومة بقوات أميركية إضافية في بلدان البلطيق التي «باتت تخشى من عدوان روسي». لكن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اعتبر أول من أمس، أن التصريحات في شأن تهديد بلاده دول البلطيق «سخيفة، ولا أساس لها». وزاد: «نفهم جيداً الاعتبارات السياسية البحتة لهذه التصريحات، إذ يبدو ان الحلف يحاول حل قضاياه الداخلية بهذه الطريقة، وحشد دعم الناخبين عبر الترويج لصورة العدو الخارجي». وقال ديبلوماسيون إن الاجتماع سُيركز على الوضع في أوكرانيا وأفغانستان، وسيتطرق خصوصاً الى التحركات العسكرية التي ينفذها كل من الطرفين، على خلفية تبادل الاتهامات في شأن «زعزعة الأوضاع في اوروبا». وكان «الأطلسي» اتهم أخيراً روسيا بأنها تقدم إمدادات لمقاتلي حركة «طالبان»، وهو ما وصفته موسكو بأنه «أكذوبة». وفي ملف أوكرانيا، قال ديبلوماسيون إن «روسيا تسعى الى إبلاغ الحلف رسالة واضحة حول ضرورة عدم العمل على مفاقمة التوتر عبر التلويح بإمدادات لتسليح أوكرانيا»، بعدما دعا قائد القوات الأميركية في اوروبا الجنرال كيرتيس سكاباروتي أعضاء الحلف الى توريد أسلحة دفاعية لأوكرانيا. وكانت واشنطن اعلنت أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون سيطرح خلال الاجتماع المقبل لوزراء خارجية الدول الأعضاء في الحلف الذي ينعقد غداً، مسألة تكثيف الضغط على روسيا في ملف أوكرانيا. وحدد مسؤول أميركي هدف بلاده «بمساعدة أوكرانيا في حماية نفسها، واستعادة وحدة أراضيها وسيادتها».