لندن، أنقرة، واشنطن - «الحياة»، أ ف ب، أ ب - أثارت قضية «اختفاء» ناشر موقع «ويكيليكس» جوليان اسانج في بريطانيا جدلاً امس، بعد اعلان مقربين منه انه «يخشى على حياته» اثر تهديدات اعقبت نشر الموقع آلاف الوثائق الأميركية السرية التي أثارت ضجة في أنحاء العالم. ولم تتحرك شرطة «سكوتلانديارد» لتوقيف اسانج الأسترالي الجنسية بعد «مذكرة ملاحقة» دولية اصدرتها السويد بحقه، لاستجوابه بتهمة الاعتداء على شابتين في استوكهولم في آب (اغسطس) الماضي. وتذرعت لندن ب «خطأ تقني» في المذكرة واعترفت استوكهولم بذلك، ووعدت باصدار مذكرة جديدة. وأفادت معلومات في لندن امس، ان المذكرة السويدية ليست أمر اعتقال، بل طلباً للدول المشاركة في «معاهدة» الانتربول بتحديد مكان اسانج، مع احتمال طلب لاحق باعتقاله وترحيله اذا امتنع عن التجاوب مع طلب استجوابه. واعلنت مصادر الشرطة البريطانية انها على دراية كاملة بمكان اسانج الذي يعتقد انه متوار عن الانظار في جنوب شرقي انكلترا، فيما اكد محاميه البريطاني مارك ستيفنس ان «اجهزة امنية لدول عدة تعرف مكانه». وبعدما اعلنت سارة بايلن المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس الاميركي انه يجب معاملة فريق موقع «ويكيليكس» على انه منظمة ارهابية، صرح الناطق باسم الموقع كريستن هرافنسون ان اسانج يخشى على حياته. وقال هرافنسون في مؤتمر صحافي في لندن ان «خوف اسانج على سلامته مبرر، مع وجود اشخاص يطالبون باغتياله»، وذلك بعدما دعت مواقع اميركية يمينية الى «تصفيته». واعربت والدة اسانج عن خشيتها على سلامة ابنها. وقال هارفنسون لصحيفة «كورير ميل» في كوينزلاند (استراليا): «اخشى ان الامر اصبح كبيراً وان القوى التي يتحداها كبيرة جداً». في غضون ذلك، قرر الرئيس الاميركي باراك اوباما تكليف راسل ترفيرز الخبير في مكافحة الارهاب قيادة الجهود لتطوير اصلاحات هيكلية تحول دون تسريبات في المستقبل، فيما اتخذت وزارة الخارجية الاميركية اجراءات لتقييد الوصول الى ملفاتها السرية، واصفة اسانج بانه «فوضوي». كذلك اعلن موقع «امازون» قراره عدم استضافة «ويكيليكس»، ما دفع بالاخير الى اللجوء الى «مضيفين» اوروبيين. وظهرت بوادر استياء في عدد من الدول من مضمون البرقيات السرية التي اعدها ديبلوماسيون اميركيون وسربها «ويكيليكس»، فيما اعلن الناطق باسم الخارجية الاميركية فيليب كراولي استعداد بلاده لحماية متعاملين معها وردت اسماءهم في التسريبات. وقال كراولي ان «سفاراتنا في العالم اتصلت بافراد من المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الانسان، ونبهناهم الى ما ينتظرهم ونحن مستعدون لحمايتهم بكل الوسائل اذا اقتضت الضرورة». واعترف كراولي بأن «مصادر معلومة وردت اسماءها في الوثائق (المسربة)، وخصوصاً في الدول الديكتاتورية، تحدثت الينا، ونعتقد ان نشر هذه الوثائق يعرض بالتأكيد حياة اشخاص للخطر». ولفت الانظار امس، اعتبار وزير الداخلية التركي بشير اتالاي ان اسرائيل «استفادت» على ما يبدو من تأثيرات نشر البرقيات الديبلوماسية الاميركية عبر «ويكيليكس». وقال رداً على سؤال من صحافي حول المستفيدين من تسريبات موقع «ويكيليكس»: «يجب تحليل لماذا حصل ذلك ومن قام به ولماذا، ومن استفاد ومن كان الضحية». وأضاف: «يبدو لنا ان الدولة التي لم تذكر كثيراً وخصوصاً في الشرق الأوسط أو ان هذا التطور يبدو انه يخدمها، هي إسرائيل. هكذا أرى الأمور حين انظر اليها من منظور من هو المستفيد ومن هو المتضرر». وأضاف اتالاي ان وزارة الخارجية شكلت فريقاً لتحليل هذا الأمر، غداة توجيه نائب رئيس حزب العدالة والتنمية حسين جيليك اصابع الاتهام الى اسرائيل في التسريبات. وقال: «يجب ان نرى من هي الدولة المرتاحة للتسريبات. ان اسرائيل كانت شديدة الارتياح». وتسببت التسريبات بسجال بين موسكووواشنطن، اذ نقل «ويكيليكس» عن مذكرة ديبلوماسية اميركية تعاطفها مع وصف المدعي العام الاسباني خوسيه غونزاليس لروسيا بانها «دولة مافيا تعمل فيها الاحزاب السياسية يداً بيد مع الجريمة المنظمة». ونقلت برقيات اخرى عن وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس قوله ان «الديموقراطية الروسية اختفت»، واصفاً الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف بانه بمثابة «روبن» بالنسبة الى «الباتمان» رئيس الوزراء فلاديمير بوتين. ورد بوتين في مقابلة مع «سي أن أن»، قائلاً ان غيتس «مخطئ تماماً»، محذراً المسؤولين الاميركيين من مغبة «التدخل» في الشؤون الداخلية لروسيا. وقال بوتين ان «بلادنا يقودها أشخاص من الفيديرالية الروسية من خلال حكومة منتخبة شرعياً». كذلك كشفت تسريبات ان طائرات اميركية استخدمت قاعدة بريطانية في قبرص، للتجسس على «حزب الله» في لبنان، وان لندن ابدت امتعاضاً من ذلك.