يبدو أن مستقبل منصة التواصل الاجتماعي «تويتر» بات على المحك مع اشتداد المنافسة بينها وبين المنصات المشابهة والمنافسة. وبدأت الشركة العام الجديد بنشر نتائجها في الفصل الرابع من 2016. وعلى رغم أنها لم تصل إلى توقعات المحللين الماليين، إلا أن منصة التغريد استطاعت تحقيق ارتفاع طفيف يصل إلى واحد في المئة في الإيرادات في الربع الرابع، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الذي سبقه الذي سجّل 710 ملايين دولار. وأظهرت توقعات المحللين أن الإيرادات المتوقفة في هذا الفصل تصل إلى 740 مليون دولار، لكن الشركة لم تتمكن من الوصول إلى هذا الرقم لتكتفي بتسجيل 717 مليون دولار. وتأتي هذه النتائج لتشكل ضربة جديدة للشركة، خصوصاً أنها تُعتبر أقل معدل نمو في الإيرادات الفصلية منذ أن بدأ التداول في أسهم الشركة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2013. وردت الشركة الارتفاع الضئيل إلى تباطؤ الإنفاق الإعلاني على المنصة، على رغم النمو المتسارع للاستعمال اليومي للمنصة. وشكلت إيرادات الإعلانات 638 مليون دولار في الربع الرابع من 2016، ما يعني انخفاضاً بنسبة واحد في المئة على أساس سنوي، في حين سجلت إيرادات الإعلانات في السوق الأميركية حصراً 382 مليون دولار وهو انخفاض بنسبة سبعة في المئة على أساس سنوي. لكن الأخبار ليست بأغلبها سيئة، إذ ارتفع عدد المستخدمين النشطين بمعدل شهري إلى 319 مليون مستخدم مقارنة ب317 مليون مستخدم نشط في الربع الثالث من 2016، ما يشكل ارتفاعاً بنسبة 11 في المئة على معدل سنوي، وسبعة في المئة عن الفصل الثالث. وعزت الشركة هذه الارتفاعات في عدد المستخدمين إلى خطط التسويق، والتحسينات التي طرأت على المنتجات الخاصة بالشركة. ووصف الرئيس التنفيذي للشركة جاك دورسي عام 2016 بأنه «عام التحول»، لافتاً إلى أن الشركة حاولت العام الماضي التركيز على تفسير أسباب استعمال المستخدمين لهذه المنصة، وجعلها أسهل للاستخدام. وأضاف دورسي في بيان، أن الشركة استطاعت «تجاوز أصعب امتحان. في المحصلة، ارتفع الاستعمال اليومي للمنصة لثالث ربع على التوالي، كما رأينا استمرار النمو القوي». إلا أن النمو القوي لم يتمكن من إنقاذ الشركة من براثن الخسارة، فعلى رغم ارتفاع الإيرادات التي سجلتها ولا تزال تسجلها، تُقدر خسائر الشركة السنوية بنحو 457 مليون دولار، في حين أن خسائر الأشهر الثلاثة الأخيرة من 2016، بلغت 167 مليون دولار، مرتفعة من 90 مليون دولار في الأشهر ذاتها من عام 2015. وبالعودة إلى أرقام الربع الثالث من العام الماضي الذي كان أحد أسوأ الأعوام التي مرت في تاريخ الشركة التي أبصرت النور في 2006، سجلت الإيرادات ارتفاعاً بمعدل ثمانية في المئة على أساس سنوي لتسجل 616 مليون دولار، في حين انخفضت خسائر التشغيل 26 في المئة لتصل إلى 78 مليوناً. أما الخسائر الصافية فبلغت 103 ملايين دولار، بانخفاض بلغت نسبته 22 في المئة. وبعد نتائج هذا الربع، اضطرت الشركة إلى الإعلان عن إعادة هيكلة طاولت نحو تسعة في المئة من مجمل موظفيها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وللشركة تاريخ طويل من الخسارة، فهي تقريباً لم تسجل في أي سنة مالية ربحاً منذ أن أدرجت أسهمها في البورصة عام 2013. وحتى عام 2012، سجلت الشركة خسائر وصلت إلى 79 مليون دولار، في حين أن الخسارة الأكبر قبل الاكتتاب كانت عام 2011 وبلغت 164 مليون دولار. أما في 2010 فوصلت خسارتها إلى 67 مليون دولار. وعلى رغم هذه الخسائر والانخفاض الحاد الذي يصيب أسهمها في البورصات العالمية، إلا أن الاستخدام اليومي وارتفاع معدل المستخدمين النشطين في ارتفاع مستمر، وهو ما يُعتبر مؤشراً جيداً قد يُمكّن الشركة من البناء على أساسه والعودة إلى الربحية. وللحق، فإن أسباباً أدت دوراً رئيساً في الخسائر التي تسجلها منصة التغريد، إذ يعد «التحقير» واستعمال الألفاظ الجارحة إضافة إلى انتشار «التنمر» بين مستخدميها، من أبرز المشكلات التي تواجهها. وتحاول الشركة جاهدة من خلال إصدار تحديثات وبرمجيات لحظر هذه الحسابات على منصتها. وأعلنت الشركة أخيراً ثلاث وسائل تحاول من خلالها منع انتشار تغريدات تحتوي إساءةً على منصتها، من ضمنها تحديد هويات الأشخاص المسيئين ومعاقبتهم بمنعهم من فتح حسابات جديدة، إضافة إلى «تنظيف» البحث من المواد المسيئة وهو ما بدأ بالفعل، وأخيراً من خلال عدم إظهار التغريدات التي قد تحتوي مواد مسيئة. ولا تقف المشكلة عند هذا الحد، إذ يشير المحلل في شركة «فوريستر» لدراسة شركات التواصل الاجتماعي نايت إيليوت في حديث نُشر في صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2014، إلى أن الشركة «تفتقر إلى الابتكار في منصتها»، مضيفاً أن «تجربة استخدام تويتر كما نعرفها، لم تتغير منذ اللحظة التي أبصرت فيها الشركة النور. تحتاج الشركة إلى الابتكار وبسرعة». وللمفارقة، فإن التجربة التي تحدث عنها إيليوت عام 2014، لم تتغير كثيراً في 2016، إذ لم تُطلَق أي تحديثات وابتكارات «ضخمة» باستثناء التركيز على خدمة الفيديو واستحواذ الشركة على تطبيق «بيريسكوب» للبث المباشر في 2015. وبعيداً عن «تويتر» لا بد من العودة إلى المنصات الاجتماعية المشابهة والمنافسة، خصوصاً أن هناك «حرب» طاحنة في ما بينها. ولعل خبر الاكتتاب العام لشركة «سنابشات» المنافسة وفي شكل قوي في هذا المجال لم ينزل برداً وسلاماً على دورسي. لقد استطاعت الشركة التي تستحوذ على معظم الفئة الشبابية في الولاياتالمتحدة أن تحقق أرقاماً فاقت التوقعات خلال الاكتتاب، ووصل سعر السهم إلى 24 دولاراً، في حين أن سهم «تويتر» يقدر ب14 دولاراً اليوم. ولعل «تويتر» لن تتمكن من الاستمرار كثيراً على هذا المعدل، خصوصاً أنها لم تتمكن من تقديم أيّ خدمة جديدة تستطيع المنافسة في ظل تسابق يومي ومستمر بين عمالقة وسائل التواصل. وأمام مؤشرات كهذه، لا بدّ أن تضع إدارة «تويتر» استراتيجية أفضل للتعامل مع السوق من تلك التي وضعتها للعام الجاري، إذ اشارت الإدارة في رسالة إلى حملة الأسهم إلى أنها ستركز على «طرح منتجات جديدة تزيد نسبة الأمان في المنصة، والاستثمار في خدمات البث المباشر الخاصة بها، وتبسيط مصادر الإيرادات وتنويعها، والتركيز على التقدم نحو تحقيق الربحية المقبولة».