استدعى التحرك الشعبي الاحتجاجي في الشارع اللبناني أول من أمس، على فرض ضرائب جديدة في موازنة العام الحالي، والذي كاد يأخذ طابعاً صدامياً مع القوى الأمنية لولا التعليمات إليها بعدم التعرض للمتظاهرين على رغم رشقها من بعضهم بالحجارة والمفرقعات النارية، صدور توضيحات تنفي الإشاعات عن بعض هذه الضرائب في مؤتمرات صحافية تعاقب عليها أمس كل من رئيس الحكومة سعد الحريري، وزير المال علي حسن خليل، رئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، نفوا فيها فرض ضرائب تمس الفقراء وعرضوا برامج إصلاحية لمالية الدولة. وجاءت الردود بعدما دخل السجال حول الوضع الاقتصادي والمعيشي وضرورة مواجهة الفساد والهدر في مالية الدولة، عنصراً أساسياً في مرحلة الحملات التي تسبق الانتخابات النيابية، على رغم أن هذه الانتخابات معرضة للتأجيل «التقني» بسبب عدم الاتفاق على قانونها الجديد، وعلى أمل توصل الفرقاء إلى توافق عليه، ولتجنب أي فراغ في السلطة التشريعية بعد انقضاء مهلة دعوة الهيئات الناخبة إلى الاقتراع. وهو الأمر الذي كان مدار بحث بين وزير الداخلية نهاد المشنوق وكل من رؤساء الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة الحريري أمس. وأكد المشنوق السعي إلى قانون جديد والاتجاه نحو تمديد تقني للبرلمان . وصدر بيان أمس عن مجلس الأمن بنتيجة مناقشته تقرير تنفيذ قراره 1701، فحض رئيسه ماثيو رايكروفت القوى السياسية اللبنانية على مواصلة الحوار الوطني من أجل معالجة كل المشاكل. وأضاف: «في ظل روحية التطور في عمل المؤسسات أكد أعضاء مجلس الأمن أن تنظيم انتخابات نيابية شفافة وسلمية في وقتها، تستند إلى الدستور وتعكس التقاليد الديموقراطية للبلد، سيكون أساسياً للبنان واستقراره ولتصميمه على مواجهة التحديات الإقليمية». واعتبر أن «التطورات السياسية حتى تاريخه فرصة لمواصلة تقوية سلطة الدولة اللبنانية وتوسيعها». وأشار إلى أن مجلس الأمن أكد دعمه القرارات 1701 و1680 و1559، معتبراً أن من الضروري مواصلة إظهار الالتزام الحقيقي بالقرار 1701. ودعا رايكروفت «جميع الأطراف إلى ممارسة التهدئة والامتناع من أي عمل أو أقوال تهدد وقف الأعمال العدائية والاستقرار في المنطقة». وشدد على مواصلة دعم الجيش اللبناني، ورحب بتعيين العماد جوزيف عون قائداً له. وأفرز يوم الأحد الطويل الذي تخلله رشق بعض المتظاهرين الحريري بالحجارة والزجاجات الفارغة حين نزل إلى ساحة الاحتجاجات لمخاطبة هؤلاء، وقائع أخرى، إذ أدى ذلك إلى خروج مناصرين لرئيس الحكومة ليل أول من أمس إلى الشارع احتجاجاً على التعرض له، فيما وجد خصومه، مثل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي والوزير السابق أشرف ريفي، أن لا بد من استنكار ذلك، بالإضافة إلى مواقف صدرت عن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ونواب برفض التعرض لرئيس الحكومة. وتزامن ذلك مع اجتماع رؤساء الحكومة السابقين مع الحريري أمس. وليلاً قال ميقاتي في احتفال لإطلاق مسابقة «العزم» لحفظ القرآن الكريم، حضره الحريري والمفتي دريان ورؤساء الحكومة السابقون: «تشتُّتنا يضعنا في موقع الضعف فيما وحدتنا تقوّينا وتمنع انزلاق الوطن إلى مهاوي الفتن وضياع الهوية والدستور». وأضاف: «لا ولن تكون عداوة بيننا، بل اختلاف في المقاربات». ورد الحريري مؤكداً «العمل لوحدة اللبنانيين والطائفة وأن نتقبل الآخر ونتفهم هواجسه». وكان الحريري أكد بعد لقائه عون حرصهما على «مكافحة الفساد ووجوب وضع حد له ووقف الهدر، والناس يرغبون في رؤية وقف الفساد والهدر، وهو ما تعمل عليه الحكومة وسنكون صادقين دائماً مع الناس ليشاهدوا حقيقة ما نقوم به». وقال إنه لا داعي للتظاهر لأن كل الكتل السياسية متفقة على إقرار سلسلة الرتب والرواتب وهناك بعض الأمور السياسية التي يتم حلها، وتأمين موارد لها. وفي شأن قانون الانتخاب، قال: «صحيح أن بعضهم قلق من اقترابنا من مواعيد دستورية باتت حرجة، ولكنني على ثقة بأننا سنصل إلى قانون جديد يرضي تمثيل اللبنانيين في أسرع وقت ممكن، ونكون تخطينا هذه الفترة بأقل مقدار من المشاكل». وأكد «الانفتاح على كل القوانين التي يتم تقديمها (النسبية، المختلط...)، وهو قرار اتخذناه في التيار لإظهار أننا لا نشكل عقبة في هذا المجال. وما يهمنا هو ارتياح أفرقاء آخرين في البلد على غرار وليد بك جنبلاط وغيره، للقانون الجديد». وعن رفضه النسبية مراعاة لجنبلاط، قال: «كلا، فالنائب جنبلاط تحدث عن هذا الموضوع بإيجابية، ولا ضرورة لإن ننسب إليه ما لم يقله، فهو منفتح على المختلط وعلى أي قانون آخر». وعن الاحتجاجات على فرض الضرائب قال: «لن نلجأ إلى الضريبة كما تم نشرها. ما نشر مجرد أكاذيب. فإذا قررنا وضع أي رسم أو ضريبة ستكون الغاية عدم استهداف الناس، فهناك رسوم يمكن فرضها على شركات والأملاك البحرية وغيرها تؤمّن موارد للخزينة لتمويل السلسلة. وإذا أردت تمرير السلسلة بلا موارد، أكون استهدفت كل الناس، لأن الأمر سيطاول أموال الدولة التي إذا انهارت سيسألوننا عن السبب الذي دفعنا إلى القبول بهذا الأمر في مجلس الوزراء». أضاف: «إذا كان هناك هدر في الجمارك سنتعامل معه، لكن السلسلة تكلف 1200 مليون دولار، فهل الهدر في الجمارك يصل إلى هذا الرقم؟ يشهد لبنان نمواً لا يتخطى ال1 في المئة.