من المتوقع أن يبادر آلاف من العمالة المخالفة لنظام الإقامة والعمل في السعودية إلى تسليم أنفسهم طواعية لتصحيح أوضاعهم أو المغادرة، بعدما أمهلتهم وزارة الداخلية عبر حملة «وطن بلا مخالف» فرصة ثلاثة أشهر لانهاء مخالفتهم مقابل إعفائهم من العقوبات المتربتة عليها بينها عدم إخضاعهم «لبصمة مرحل»، وذلك قبل أن تبدأ ملاحقتهم قانونياً. وأوضحت الوزارة في حملتها التي أطلقتها أمس (الأحد) أن المهلة تبدأ الأربعاء في 29 آذار(مارس) الجاري وتستمر 90 يوماً، لتبدأ 19 جهة حكومية بملاحقة المخالفين وسط دعوات إلى إطلاق «عاصفة حزم» في مواجهتهم. وحددت الوزارة عبر «تويتر» المخالف بأنه «كل من لا يحمل وثيقة إقامة، أو من يحملها وخالف، ومن لم يبادر بالخروج بعد نهاية صلاحية التأشيرة، وكل من خالف تعليمات الحج من دون تصريح». وبينما تغيب الأرقام الرسمية عن أعداد المخالفين والمتسللين، لكنها تبدو ضخمة من واقع بيانات المضبوطين بالإشارة إلى ما أسفرت عنه حملة الوزارة قبل ثلاث سنوات، والتي نتج عنها مغادرة مليوني ونصف المليون مخالف المملكة، بحسب تصريح للناطق الأمني بإسم الوزارة اللواء منصور التركي. ويتوقع أن يبادر كثيرون منهم إلى الاستجابة خصوصاً بعد إغراءات الوزارة لهم المتضمنة إسقاط العقوبات والغرامات عنهم، والاحتفاظ بحقهم في العودة مرة أخرى إلى أراضي المملكة نظامياً. وتعاقب وزارة الداخلية مخالفي الاقامة والمتسللين إلى الحدود بالترحيل والتغريم 15 ألف ريال، تتضاعف بتكرارها لتصل إلى 50 ألف ريال للمخالف و100 ألف للمتسلل، إضافة إلى السجن لستة أشهر. وتتضاعف عقوبة من يقوم بنقل أو تشغيل المتسللين السجن والتغريم 25 ألف إلى 100 ألف والسجن سنتان والتشهير والترحيل إن كان وافد، بينما تتضمن العقوبات بالنسبة للمنشآت التي تشغلهم الغرامة التي تصل إلى 100 ألف ريال والحرمان من الاستقدام إضافة الى التشهير والسجن للمدير المسؤول لمدة سنة. وشملت العقوبات السجن والغرامات المالية والتشهير ومصادرة المركبات التي استخدمت في نقل المتسللين ومساعدتهم. حصيلة 1437 وكانت المديرية العامة للجوازات كشفت قبل أشهر، أنها أصدرت عقوبات على أكثر من 59 ألف مواطن ومقيم خالفوا نظام الإقامة خلال عام 1437ه، وتنوعت مخالفاتهم بين نقل المتسللين، أو التستر عليهم، أو تشغيل عمالة بالمخالفة، في مقابل حوالى 35 ألف مخالف خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 1436. وشملت العقوبات السجن وغرامات مالية تجاوزت 385 مليون ريال ومصادرة مئات العربات المستخدمة في نقل المتسللين ومساعدتهم. مغامرة التسلل أما المتسللون عبر الحدود السعودية فيمثلون قلقاً دائماً بعدما تجاوزت أعدادهم اليومية ال500 متسلل، معظمهم عبر الحدود اليمنية وهم «يرون في المغامرة بالسجن في السعودية أرحم من الفقر والحرب في بلادهم» وفق ما قال أحد قادة حرس الحدود في تقرير بثته قناة العربية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وذكر أن حرس الحدود في المنطقة الجنوبية أوقف منذ بدء «عاصفة الحزم» في العام 2015، أكثر من 22 ألف متسلل، من جنسيات متعددة غالبيتهم يمنيون وأفارقة جاءوا للبحث عن عمل أو لأغراض أخرى. وكذلك نقلت «سي إن إن» عن حرس الحدود أنه ضبط خلال ثلاثة أشهر فقط في العام 2015 وحده، 42 ألف متسلل على امتداد الحدود. ونجح حرس الحدود خلال العام 2014 في اعتراض واعادة 230 ألف شخص أثناء محاولتهم الدخول إلى المملكة بطريقة غير نظامية، و57,714 شخصاً خلال محاولتهم الخروج أيضاً بشكل غير نظامي. وينظر السعوديين إلى حملة وزارة الداخلية الأخيرة لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة في إهتمام بالغ إلى ضبط السوق من عمالة يرونها السبب في ارتفاع نسبة البطالة بين المواطنين، واهداراً لبلايين الريالات سنوياً، فضلاً عن ما تسببه في جرائم. وذكرت المديرية العامة للأمن العام عبر «تويتر» في تشرين الثاني في العام الماضي أنها أعادت قرابة 70 ألف شخص من منافذ مكةالمكرمة قدموا إليها للحج من دون تصريح، وأكثر من 27 ألف مركبة مخالفة. وفي منطقة تبوك، ضبط حوالى 9500 مخالفاً لنظام الاقامة والعمل خلال حملات في كل المواقع بالمنطقة استمرت لثلاثة أشهر. وضبطت شرطة منطقة القصيم في شباط (فبراير) الماضي حوالى ثلاثة ألاف مخالف لأنظمة الاقامة والعمل. وتدعو المديرية العامة للجوازات المواطنين والمقيمين من أصحاب المنشآت والأفراد إلى تجنب نقل أو تشغيل أو إيواء المتسللين والمخالفين لنظامي الإقامة والعمل أو التستر عليهم أو تقديم أي وسيلة من وسائل المساعدة لهم. الاقتصاد الخفي ويصعب تقدير حجم «الاقتصاد الخفي» الذي تكونه العمالة المخالفة في السعودية، إلا أن عضو مجلس الشورى فهد جمعة أكد العام الماضي أنه يشكل حوالى 500 بليون ريال، ويشغل غالبيته عمالة غير نظامية، ما يعني نزيفاً إقتصادياً تعاني منه المملكة حال استمرار ممارسات تلك العمالة. وأكد إقتصاديون في العام 2013، أن ترحيل العمالة المخالفة سيوفر للاقتصاد حوالي 35 بليون ريال، بعد ضبطها خصوصاً أنهم يحتكرون بعض القطاعات، وتعاني المصارف من عمليات غسيل الأموال، بسبب اتجاة العامل المخالف إلى أشخاص آخرين لتحويل الأموال، ما أوجد سوقاً متخصصة في غسيل الأموال. مخاطر أمنية وبالاضافة إلى مخاطرها الاقتصادية، تحمل العمالة المخالفة بالنسبة إلى كثير من المغردين مخاطر إجتماعية وأيضاً أمنية، إذ يراها المغرد سليمان الميموني «قنابل موقوتة ستحدث يوماً ما إنفجاراً هائلاً جداً، إن لم ينزع فتيلها اليوم»، متوقعاً أن تفوق أعدادهم المقيمين النظاميين، بينما يراها عبد السلام السلمان «ضرورة إقتصادية في ظل ظروف البلاد وتحويلاتهم النقدية غير المشروعة». وكتب مشعل بن سعد «تخيل يا مواطن ترحيل خمسة ملايين مخالف كيف سيكون الوضع في السوق والطرق. لا بد أن نتشارك في الإبلاغ عنهم»، وأيده عبد الله الذيب مغرداً «الحل الجذري ترحيلهم على نفقتهم الخاصة أو نفقة بلدانهم». وشكك سالم في استجابة المخالفين لتصحيح أوضاعهم وغرد «لن يغادروا إلا القوة الجبرية»، فيما لفت آخر إلى فشل الحملات السابقة في تحقيق جدواها لانها كانت «موقتة وغير متواصلة ويعرف ذلك المقيم والمخالف». وكتب عابد الشعلان «سيغادر مخالفون ويحل محلهم مخالفون، ولكن من الذي جعلهم مخالفين؟». وطالب المغرد سعيد الجهني ب«عاصفة حزم» من قبل وزارة الداخلية ضد المخالفين، مشيراً إلى أن أعدادهم في محافظة جدة ومدينة مكة ضعفا عدد المواطنين، وكتب سند مؤيداً ترحيلهم «طفح الكيل من جرائمهم»، فيما غرد آخر «لا عذر لمخالف بعد اليوم». أعداد المخالفين كانت بدورها محل جدل كبير بين مغردين حملوا ازديادها إلى فشل الحملات السابقة، قدروها بأكثر من العمالة النظامية واعتبروها مسؤولة عن تفشي الفقر وتدهور الاقتصاد وانتشار الجرائم، فبينما قدرها بعضهم بالخمسة ملايين عامل، ارتفع بعضهم بأعداد المخالفين والنظاميين إلى 20 مليون عامل.