جسر المحبة هو اسم الموقع الذي كنا نتابع من خلاله تطورات الوضع الصحي وأخبار فقيدتنا حصة بنت خالد بن عبدالعزيز، الذي كان يديره ابنها البار فيصل للتواصل مع أخبار تطور وضعها الصحي، خلال تواجد أبنائها البررة طلال وسارة وخالد والمخلصين معها. كانت الغالية حصة بشخصيتها مثال لجسر المحبة الذي يربط أحبتها مع بعضهم البعض من خلال تواصلها معهم وحبها لهم وحبهم المجرد لها.. وأتذكر أنه خلال غيابها - قبل مرضها - الذي كان يطول أحياناً لتعود بعده بشعاعها وليعود منزلها يحتوي الأحبة الذين اشتاقوا إلى جلسات الحوار المفتوح في مجلسها وتناول قضايا المجتمع الملحة، فيحوي المجلس الكاتبة والشاعرة والعاملة ونساء المجتمع اللاتي يجدن الفرصة لطرح قضاياهن والمشاركة في إبداء الرأي والحوار المشترك قبل أن تكون هنالك مواقع مفتوحة لطرح قضايا مهمه تخص المجتمع ككل. وكان مجلسها جزء من حياتها المليئة بالعطاء.. فقد سبقه الدور الذي لعبته من خلال رئاستها للجمعية الفيصلية النسائية بجدة والتي ترأست فيه أول مجلس لإدارتها في عام 1396ه-1975م، ولمدة 17 عاماً مليئة وحافلة بالانجازات الثقافية والخيرية الهامة في مدينة جدة مع نخبة من السيدات اللاتي عملن معها يداً بيد، فكان هذا العمل الخيري والثقافي متنفساً للمرأة لتؤدي دورها نحو مجتمعها قبل أن تُفتح مجالات أخري عديدة للعمل. فالدور الذي لعبته الأخت الغالية حصة كان دوراً رائداً في مرحلة تأسيسية لعمل المرأة في المملكة مليئة بالتحديات والصعوبات ويشوبها سعادة مطلقة لإثبات الذات في أجواء مفحمة بالعمل والتفاني. ولأنها كانت تؤمن بالعمل الجماعي فقد أحبها الجميع وعملوا معها فريقا واحدا، منذ أن تأسست الجمعية الفيصلية الخيرية النسوية بعد أن كانت جمعية تعاونية، وكانت أبرز نشاطاتها الخدمات الاجتماعية لإعانة الأسر المحتاجة، وقسم رعاية الأيتام، والنشاطات الثقافية والعلمية من محاضرات، وأبحاث،ودراسات مع تأسيس مكتبة في الجمعية لرفع الوعي الثقافي والمعرفي للمرأة، وقسم لتعليم الفتيات ذوات الاحتياجات الخاصة الخياطة والتطريز. وكانت تمارس كل عملها بابتسامة لم تفارقها طيلة حياتها، وبتعامل يتسم باللطف والخلق الطيب والتسامح مع الآخرين ،فكان يمثل المدرسة التي تنتمي إليها والتي عُرفت بها. كانت تسعد بالنقاشات والآراء المتعددة ولذلك كانت صداقاتها متنوعة وتمثل جميع التيارات الفكرية التي كانت تتفاعل مع كل منها بهدوء وجدية حتى أنه يخيل لكل من تناقشها أنها تتفق معها،حتى تفاجئ الجميع برأيها المستقل الذي تطرحه بدبلوماسية فائقة وأدبٌ جم لا تشعرهم بالاتفاق أو المعارضة. وكانت مكتبتها مليئة بالكتب المتعددة الاهتمامات والمواضيع، لأنها تثريها بشكل مستمر لتتبع آخر الإصدارات لقضايا فكرية واجتماعية وأدبية وكانت تحب أن تقضي وقتاً طويلاً في الاطلاع عليها ومناقشتها، وشراء العديد من النسخ لتوزيعها علي صديقاتها. هكذا كانت الخالدة حصة.. جسراً للمحبة بين الجميع من أسرتها ومحبيها خلال حياتها وبعد وفاتها.. وسيظل جسر المحبة الذي بنته شاهداً على روعتها وإنسانيتها وصفاء نفسها وصدق نواياها الخيرة. وستبقي الجمعية التي بنتها علي هذا الجسر من خلال إطلاق اسمها علي القسم الذي أحبته وأعطته الكثير من وقتها وجهدها الخير وقدراتها لتساعد به أرملة أو مسكين ليصبح (مركز الأميرة حصة بنت خالد للتنمية الاجتماعية) راجين من الله عز وجل أن يجعل لها نصيباً من الأجر والثواب في كل عمل خيري يقوم به المركز في تفريج كربة فقيرٍ ومريض وعاجز..وأن تنال بشارة رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وصحبته في الجنة لكل طفل يتيم يرعاه هذا القسم.. لأنه غرس من غراس الخير الذي تعهدته لفترة طويلة من حياتها وسيستمر للخير بإذن الله. ولعلي في هذا الصدد أطرح رغبتي وأملي في أن تبادر وزارة الشؤون الاجتماعية بإعداد تكريم لها ولأمثالها ممن خدموا بلادهم بصمت ومن دون ضجيج إعلامي كالذي نشاهده على الساحة الآن. خاصة أن الكثير من الرجال والنساء لم ينالوا أي تقدير، وفي المقابل نجد الكثيرين الذين تم تقديرهم ولم يساهموا بالقدر الذي ساهم به هؤلاء. وكما فقدت الأخت والصديقة الخالدة سيفقدها الكثير. رحم الله حصة، وأسكنها فسيح جناته في الفردوس الأعلى وألهمنا الصبر والسلوان. * رئيسة الجمعية الفيصلية الخيرية النسائية بجدة.