قتلت قوات الأمن الفرنسية رجلاً حاول انتزاع سلاح جندية في مطار أورلي في باريس، في حادث أجبر السلطات على إخلائه من آلاف المسافرين، واحتجاز مئات آخرين في طائرات حطّت في المطار الذي أوقفت حركته لفترة وجيزة. ويسلّط الحادث الضوء مجدداً على الوضع الأمني في فرنسا التي ما زالت تخضع لحال طوارئ، بعد مقتل 235 شخصاً بهجمات إرهابية في السنتين الماضيتين، وقبل انتخابات الرئاسة التي تُنظّم دورتها الأولى الشهر المقبل. والجاني فرنسي من أصل تونسي يُدعى زياد بن بلقاسم (39 سنة)، أعلنت السلطات أن لديه سجلاً إجرامياً في عمليات سرقة وقضايا مخدرات، وكان أثار شبهات في شأن ميول متطرفة. وما زالت دوافع المهاجم مجهولة، علماً أن الشرطة أوقفت والده وشقيقه لاستجوابهما، وهذا تدبير روتيني في مثل هذه التحقيقات. وقال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان إن 3 جنود كانوا ينفّذون دورية راجلة في مكان عام في الصالة الجنوبية لمطار أورلي، حين حاول المهاجم انتزاع سلاح جندية، فأطلق زميلاها النار عليه «لحمايتها وحماية الجميع في المكان»، ما أدى إلى مقتله. وأكد أن الجندية نجحت في الاحتفاظ بسلاحها، علماً أن شاهداً ذكر أن المهاجم أمسك بها من عنقها. وذكر ناطق عسكري أن الجندية «صُدِمت نفسياً»، مستدركاً أنها لم تُصَب بعد هجوم «سريع وعنيف»، لم يؤدِ إلى إصابات أخرى. ووصف شهود كيف كان مارّة يفرّون مذعورين، فيما جُمِدت الرحلات الجوية وسادت فوضى في حركة المرور في المنطقة المحيطة بالمطار، والتي شهدت ازدحاماً خانقاً، كما أُبقي مئات المسافرين محتجزين في 13 طائرة كانت حطّت في المطار قبل وقوع الحادث أو في أثنائه، فيما حُوِلت 15 أخرى إلى مطار شارل ديغول. لكن السلطات الفرنسية شددت على أن التخطيط الأمني، الذي عُزز في كل أنحاء البلاد بعد هجمات متكررة، سار في شكل جيد. والجندية عضو في وحدة في الجيش يُطلق عليها «سانتنيل»، وهي مسؤولة عن تنفيذ دوريات في المطارات ومواقع رئيسة أخرى، منذ مجزرة صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة في كانون الثاني (يناير) 2015. وأُخلي مطار أورلي من حوالى 3 آلاف شخص، ومشّطت قوات الأمن المنطقة بحثاً عن متفجرات، للتأكد من أن الجاني لم يكن يضع حزاماً ناسفاً، لكنها لم تعثر على شيء. وأعلنت الشركة المشغّلة للمطار تجميد الرحلات، وتحويل بعضها إلى مطار شارل ديغول. ثم أُعيد فتحه بعد ساعات. وقال مصدر في الشرطة الفرنسية إن المهاجم «مسلم متطرف معروف لدى أجهزة الاستخبارات والقضاء»، علماً أنه لم يظهر على قاعدة بيانات الحكومة الفرنسية للأفراد الذين يُعتبرون تهديداً محتملاً للأمن الوطني. لكن منزله فُتش بعد مجزرة باريس التي أوقعت 130 قتيلاً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015. وذكرت الشرطة أنه قبل نحو 90 دقيقة من الهجوم في المطار، والذي وقع الساعة الثامنة والنصف صباحاً، أوقفت دورية للشرطة الجاني في شمال باريس، إذ كان يقود سيارته بسرعة كبيرة. وفيما كان يُظهر أوراق هويته، سحب مسدساً وأطلق النار على 3 شرطيين، وجرح أحدهم في وجهه. وردت الشرطة على إطلاق النار، لكن المهاجم فرّ في سيارته التي تركها في منطقة فيتري جنوب العاصمة، وسرق أخرى تحت تهديد السلاح، عُثِر عليها لاحقاً في مطار أورلي. وفتحت شعبة مكافحة الإرهاب لدى الشرطة القضائية الفرنسية، تحقيقاً يشمل الحادثين اللذين اعتبرهما مصدر في الشرطة مرتبطين. وأشاد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بشجاعة الجنود ورجال الأمن في مواجهة «شخص مميز من حيث الخطورة»، لافتاً إلى أن المحققين سيحددون هل كان المهاجم ينفذ «مؤامرة إرهابية». واستبعد ربط الحادث بانتخابات الرئاسة، مذكّراً بأن بلاده تواجه الإرهاب منذ سنوات. على صعيد آخر، سمح المجلس الدستوري في فرنسا ل11 مرشحاً بالمشاركة في انتخابات الرئاسة المرتقبة على دورتين، في نيسان (أبريل) وأيار (مايو) المقبلين. وبين أبرز المتنافسين المرشح الوسطي إيمانويل ماكرون الذي أعلن عزمه على إعادة الخدمة العسكرية الإلزامية لحوالى 600 ألف شاب سنوياً، لمواجهة عالم اعتبر أنه دخل مرحلة «اضطراب شديد» قارنها بالحرب الباردة، لافتاً إلى أنها تشهد «حقبة جديدة من النزاعات».