أكد تقرير الحريات الصحافية في الوطن العربي الصادر عن الاتحاد العام للصحافيين العرب بالقاهرة أن مؤشر حرية الصحافيين في العالم العربي يعكس قدراً معقولاً من توافر عناصر الحرية لدى الصحافيين في معظم الدول العربية. واستدل التقرير لذلك بأن نسبة كبيرة من ممثلي التنظيمات النقابية في العالم العربي يرون أن معظم الصحافيين يحصلون على مرتبات تكفل لهم مستوى حياة كريمة مقارنة ببعض الفئات وأصحاب المهن الأخرى، وأنهم يستطيعون ممارسة مهنة الصحافة بحرية ومن دون قيود في عدد لا بأس به من الدول العربية، كما يستطيعون التعبير عن آرائهم واتجاهاتهم الفكرية بهامش معقول من الحرية، والنسبة الغالبة منهم لا يتعرضون لأية ضغوط من المؤسسات الدينية القائمة، كما أنهم كما أنهم يعيشون التعددية والتنوع في أفكارهم واتجاهاتهم داخل الصحيفة الواحدة. ويحيل التقرير هذا الاستنتاج إلى أن الوعي في العالم العربي عن الصحافة آخذ في التطور، وأن مواد ونصوص قوانين الصحافة والمطبوعات تكفل الحرية للصحافيين للحصول على المعلومات من مصادرها الأصلية، وأن وجود هذه النصوص والمواد في حد ذاته يسهم في ضمان حريتهم في الحصول على المعلومات وتداولها. وعلى رغم ارتسام هذه الصورة الإيجابية في تقرير اتحاد الصحافيين عن الحريات فإنه يعود ليستدرك ويلفت بشدة إلى بقاء بعض الأوضاع والضغوط سواء القانونية والتشريعية أم حتى الإدارية والاجتماعية التي لم تزل تؤثر في حرية الصحافي في العالم العربي. فيرى التقرير أن المؤشرات تعكس وجود عدد من العناصر التي تحد من الحريات الصحافية أهمها عدم وجود ضمانات قانونية وتشريعية كافية لحماية الحريات. إضافة إلى ما وصفه باستمرار عدد من الدول العربية في الأخذ بمبدأ «حبس الصحافيين» أو اعتقالهم من دون محاكمة. ناهيك عن بعض الدول الأخرى التي يتعرض فيها الصحافيون للقتل والخطف والتعذيب البدني والفصل من العمل والنقل التعسفي. ويشرح التقرير ما توصل إليه من كون عناصر حرية الصحف في العالم العربي والمؤشرات التي تعكسها تشهد مزيداً من التطور، بأن هذا التطور إنما تم الحكم به مقارنة بالفترات الزمنية السابقة، ويستدل على ذلك بزيادة معدلات وفرص صدور الصحف في دول العالم العربي، إضافة إلى أن معظم الصحف الصادرة تتبنى اتجاهات ورؤى سياسية تتسم بالتعددية والتنوع وتعكس برامج وأيديولوجيات متباينة، وكذلك وجود درجة كبيرة من التعددية والتنوع في أنماط ملكية الصحف ما بين ملكية الحكومات، وملكية الشركات المساهمة، وملكية الأحزاب السياسية والملكية الفردية والملكية المختلطة، بالشكل الذي يسهم في تعميق التنوع داخل المجتمع الصحافي العربي. وكما يستدرك التقرير فيما يتعلق بالحريات الصحافية المتعلقة بالصحافيين أنفسهم فإنه يستدرك على التطور الذي تشهده الصحف العربية بأنها لا تزال تعاني من عراقيل وعقبات وقيود وتحديات تحول من دون اكتمال عناصرها ومقوماتها. ويستدل لذلك بوجود العراقيل الإدارية والتنظيمية التي تحول من دون ذلك، مثل اشتراط الحصول على ترخيص مسبق من جهة رسمية، ووجود بعض القيود على حق الأفراد في تملك الصحف وإصدارها في دول العالم العربي، و كذا القيود الإدارية المفروضة على حرية تملك الصحف الخاصة وإصدارها. مضيفاً إلى ذلك استمرار وجود بعض أشكال الرقابة على الصحف في عدد من الدول العربية واستمرار البعض الآخر في فرض قوائم بقضايا ومواضيع يحظر على الصحف النشر فيها. وانتقد التقرير استمرار نسبة لا يستهان بها من الدول في التدخل في نشاط إصدار الصحف وإداراتها واستمرار بعض الدول بالأخذ بمبدأ «فرض العقوبات على الصحف» بخاصة ما يتعلق بعقوبات التعطيل أو المصادرة والإلغاء. ما يرى التقرير أنها مؤشرات تتطلب من التنظيمات النقابية ومن الجهات المعنية سرعة التدخل لإزالتها والقضاء عليها، ضماناً لتوسيع هامش الحرية الذي تتمتع به الصحف في العالم العربي.