بينما يتوجه الناخبون المصريون صباح اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار مجلسهم النيابي الجديد، تتجه الأنظار نحو تقويم الإجراءات التي اتخذتها اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات (الجهة المسؤولة عن ضمان إتمام عملية اقتراع حرة ونزيهة) في ظل غياب أي وجود للمراقبين الدوليين. وفي وقت أكدت السلطة في مصر أنها اتخذت كل الإجراءات اللازمة طوال مراحل العملية الانتخابية للحيلولة دون وقوع أي تزوير، حذرت منظمات حقوقية من «حصول تزوير واسع النطاق». وتصدّرت الإجراءات المتعلقة بالانتخابات البرلمانية قائمة الجدل السياسي بين المعارضة والحزب الوطني الديموقراطي (الحاكم) حتى الساعات الأخيرة لفتح الباب أمام الاقتراع، إذ تركز الحديث في الساحة السياسية عن ضمانات نزاهة التصويت، بدءاً من إعداد قوائم الناخبين (نحو 40 مليون ناخب)، مروراً بتدخل الجهاز الإداري الحكومي في مجريات العملية الانتخابية، وضبط العمل داخل اللجان الانتخابية، وخارجها وعملية التصويت، وفرز الأصوات. ويقول سياسيون: «إن مقتل العملية الانتخابية يكمن في الإجراءات»، وينتقد هؤلاء عدم «وجود اتفاق على ضمانات واضحة ومحددة لتنظيم انتخابات نزيهة». وإذ تطرق بعضهم إلى الحديث عن مشاركة منظمات دولية في مراقبة الانتخابات، تحسس الحزب الوطني وبعض القوى أسلحتهم لمواجهة ما اعتبروه «تدخلاً أجنبياً» في الشؤون المصرية. وانتقدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان ما وصفته بأنه «غياب معايير واضحة لضمان نزاهة الانتخابات حتى الآن»، وأشارت إلى أنها أوصت في عدد من التقارير بضرورة الالتزام بعدد من المعايير من بينها تنقية الكشوف الانتخابية واستبعاد جهاز الشرطة من الوجود داخل مركز الاقتراع «لكن كل هذه التوصيات لم يُنظر إليها». وهاجم مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان بهي الدين حسن موقف السلطات الرافض للرقابة الدولية والرافض عملياً للرقابة الوطنية من خلال منظمات المجتمع المدني، منبهاً إلى «عدم وجود إرادة سياسية لإجراء انتخابات شفافة وحرة ونزيهة». وتجرى الانتخابات تحت إشراف قضائي جزئي على اللجان العامة بمشاركة 2286 قاضياً، حيث تضطلع اللجان العامة بمهمة الإشراف ومراقبة اللجان الانتخابية الفرعية (لجان الاقتراع) والتي تتشكل من 267 ألفاً من الموظفين وتقع في 44 ألفاً و500 لجنة فرعية موزعة على 9777 مقراً انتخابياً. وأشار المدير التنفيذي للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان المحامي طارق زغلول إلى استبعاد غالبية مراقبي منظمته التي تنضوي في أسفل التحالف المصري لمراقبة الانتخابات الذي يضم 123 منظمة حقوقية، من الإشراف على الانتخابات. وأوضح ل «الحياة»: «حصل الائتلاف على 166 تصريحاً لمراقبة العملية الانتخابية من بين 1113 طلباً تقدمنا به». وانتقد زغلول رفض السلطة التصريح للمراقبين بدخول لجان الاقتراع إلا بتصريح من رئيس اللجنة، لكنه شدد على أن منظمته ستواصل الإشراف على الانتخابات وستسعى إلى دخول اللجان ومتابعة ما يحدث بداخلها بشتى الطرق. وفي الإطار ذاته هاجم رئيس مركز القاهرة لحقوق الإنسان بهي الدين حسن رفض اللجنة العليا للانتخابات السماح لعدد من المنظمات الحقوقية مراقبة الانتخابات. وقال حسن خلال مؤتمر صحافي ل «الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات» الذي يضم 3 منظمات حقوقية: «لم تقبل اللجنة طلبات عشرات المنظمات الحقوقية لإشراف على الانتخابات»، موضحاً أن بقية المنظمات حصلت على نحو 10 في المئة من التراخيص التي طلبتها، معتبراً أن تلك القيود التي تواجه المنظمات «تدل على عدم وجود رغبة سياسية في إجراء انتخابات نزيهة ... السلطة ترغب في إجراء ذلك الاستحقاق وسط أجواء من الظلام حتى لا يفتضح أمرها». وتجرى الانتخابات وسط متابعة لممثلي 76 منظمة من منظمات المجتمع المدني، فيما لم يتم السماح لمنظمات المجتمع المدني الأجنبية بمتابعة الانتخابات، غير أنه أفيد أن وفداً من الشبكة الأورو - متوسطية لحقوق الإنسان وآخر من منظمة هيومان رايتس حضرا إلى القاهرة لمشاهدة أجواء العملية الانتخابية من قرب. وأوضحت مصادر في الشبكة الأورو - متوسطية أن الوفد يضم عضو اللجنة التنفيذية للشبكة معتز الفجيري والمدير التنفيذي للشبكة مارك شابولسن وتستمر زيارتهم 3 أيام تتضمن أولاً حضور عدد من الفاعليات الحقوقية ومتابعة أداء المنظمات الحقوقية في مصر ثم المرور على عدد من اللجان الانتخابية المهمة والساخنة في القاهرة والمناطق المحيطة، مشيراً إلى زيارة تم الترتيب لها اليوم (الأحد) إلى المجلس القومي لحقوق الإنسان، تتضمن لقاء قادة في المجلس، على أن تختتم الزيارة بمؤتمر صحافي صباح الإثنين يضم عدداً من المنظمات الدولية والمصرية لإعلان مشاهداتهم حول الانتخابات البرلمانية. وعلمت «الحياة» أن ممثلاً لمنظمة هيومن رايتس ووتش وصل إلى القاهرة وهو يُعد من المقربين من الرئيس الأميركي باراك أوباما وكان يتولى كتابة خطابات الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون. وكانت الإدارة الأميركية دعت في وقت سابق الحكومة المصرية إلى إجراء انتخابات شفافة والسماح بحضور مراقبين دوليين لمراقبة العملية الانتخابية تلك الدعوة التي قوبلت بهجوم عنيف من قبل السلطة وبعض دوائر المعارضة على اعتبار أنها «دعوة إلى التدخل في الشأن الداخلي المصري».