أكد وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن العلاقات بين دمشق وبغداد «جيدة ومتطورة» وأن البلدين يصوغان «اتفاقاً استراتيجياً» بينهما، داعياً كل الدول المجاورة الى «أقصى قدر من التعاون الأمني في هذه المرحلة المصيرية الانتقالية والحاسمة بخروج القوات (الاميركية) ووجود انتخابات تشريعية». وأكد زيباري في حديث الى «الحياة» وجود قرار لدى الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي بإقامة «أنبوب استراتيجي» للنفط بين كركوك وبانياس أو اصلاح الأنبوب القائم أو مد آخر جديد، كي يستفيد منه الأردن ولبنان أيضاً، مشيراً الى أن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أبلغه بقرار أنقرة زيادة حصة تدفق المياه من نهر الفرات الى أكثر من 500 متر مكعب في الثانية. وكان زيباري يتحدث الى «الحياة» على هامش مؤتمر وزراء خارجية «منظمة المؤتمر الاسلامي» الذي اختتم أعماله أمس. وقال إن «العلاقة بين أي بلدين شقيقين جارين، مهما كانت درجة القربى بينهما لا تقوى دون ربطها بشبكة من العلاقات الاقتصادية أو ضخ الدم في الشرايين الاقتصادية»، لافتاً الى وجود قرار في بغداد بإعادة تشغيل أنبوب النفط بين كركوك وبانياس، سواء بترميمه أو بإقامة انبوب جديد، ومد خط فرعي منه الى مدينة الزرقاء الاردنية ومدّه الى مدينة طرابلس اللبنانية. يذكر أن أنبوب كركوك - بانياس أقيم مطلع الخمسينات واغلق في الثمانينات قبل أن يعاد تشغيله في نهاية التسعينات بطاقة تصل الى 200 ألف برميل يومياً قبل أن تغلقه القوات الأميركية عام 2003. وقال زيباري إن «هناك قراراً عراقياً جدياً بإعادة فتحه وتأهيله وبناء خط جديد لتنشيط وتفعيل هذا الخط الذي سيدر بالفائدة على العراق وسورية والاردن ولبنان. المطروح إما تأهيل الانبوب القائم من كركوك الى بانياس أو مد أنبوب جديد» بطاقة تصل الى 1.3 مليون برميل يومياً. وكان المالكي التقى قبل أيام رئيس اتحاد منتجي النفط والغاز في روسيا يوري شافرانيك للبحث في هذا الأمر. وجرى تكليف شركة «ستروي ترانس غاز» الروسية بإجراء دراسة للانبوب القائم. وقال زيباري: «طلبنا من هذه الشركة درس الجدوى الاقتصادية ووضعية الانبوب القديم: هل هو صالح أم يحتاج الى تصليح أم بناء خط آخر في الوقت ذاته؟». وزاد أن «هذا مشروع استراتيجي ستستفيد منه الدول العربية الشقيقة». وتحدث زيباري أيضاً عن «مشروع كبير» آخر يتمثل بربط حقل الغاز في عكاس بالشبكة السورية. وقال إن «الاتحاد الاوروبي موّل دراسة بكلفة 50 مليون يورو لإعداد دراسة حول كيفية الاستفادة والاستثمار في هذا الحقل وهو مهم لأوروبا في الخط العربي للغاز (من مصر الى الاردن وسورية وتركيا)، وهناك خط آخر للاتحاد الأوروبي سمّوه خط نابوكو للافادة من الغاز في المنطقة والتعويض عن امدادات الغاز الروسية، وهي مشاريع استراتيجية ستفيد سورية والعراق». وكان مسؤولون عراقيون قالوا إن لديهم خطة لرفع انتاج حقل «عكاس» الى 500 مليون قدم مكعب. ومن الأمور الأخرى التي يجري التعاون في شأنها، موضوع المياه. وكشف زيباري: «كانت لدينا أزمة حقيقية وقدمنا طلبات الى الجانب التركي بسبب حبس مياه نهر الفرات ومنع تدفق منسوب كافية من المياه وفق الاتفاقات والاعراف الدولية وروابط حسن الجوار ومن خلال مفاتحاتنا وطلباتنا المستمرة، أبلغني الوزير التركي (اول) امس بأن الحكومة التركية استجابت باطلاق كميات كافية من السدود التركية لتغذية نهر الفرات. كان التدفق قبل أسابيع 50 متراً مكعباً في الثانية، أصبح الآن 500 متر مكعب لمساعدة كل من العراق وسورية». وزاد أن «هذه الكمية غير كافية ولكني الآن أتصور أنها خطوة ايجابية. ونحن قدرنا هذه الخطوة. هذا الموضوع اصبح موضوع حياة حقيقية حتى القوانين الدولية والاتفاقات لا تعطي دولة حبس وحصر وخزن المياه، وبخاصة إذا كانت دول أخرى تستفيد منها. وأجرينا دراسة صريحة وواضحة وأخذنا استشارات قانونية مهمة في هذا الموضوع ويحتاج الأمر الى مزيد من التعاون بيننا وبين الاخوة في سورية وتركيا أيضاً لتنظيم هذه العملية». وينص بروتوكول التعاون المرحلي بين دمشقوأنقرة على تمرير تركيا 500 متر مكعب من نهر الفرات. وبموجب اتفاق ثنائي منذ عام 1990، تمرر سورية 58 في المئة من الكمية التي تمررها تركيا. وسئل زيباري عن احتمال حصول «تعاون استراتيجي» بين سورية وتركيا وايران والعراق، فأجاب: «طرحنا هذا الموضوع مع الأطراف المعنية. حقيقة أن وضعنا غير مهيأ بعد للدخول في تحالفات أو اتفاقات كهذه ما لم نبني هذه الدولة وتقف على رجليها ونؤمّن الاستقرار والأمن والديمومة لهذا الوضع الأمني. من الصعب أن تدخل في تحالفات أو محاولة اقليمية معينة وخصوصاً في هذا الوضع المتأزم في المنطقة، فمصلحة العراق أن يكون صديقاً لكل الدول». وأشاد وزير الخارجية العراقي بنتائج الزيارة الاخيرة لرئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري الى بغداد الشهر الماضي، إذ «وُقعت مجموعة من الاتفاقات الجيدة. واذا نفذنا هذه المشاريع الاستراتيجية، سنتقدم كثيراً». وزاد أن «هناك مجموعة من مذكرات التفاهم بين الوزارات المعنية وهي كلها تتجمع في لجنة وزارية عليا بين رئيسي وزراء البلدين للاشراف المباشر على تنفيذها فالعلاقات جيدة ومتطورة بين سورية العراق ونأمل في استمرارها». وبعدما أكد أن العلاقة بين دمشق وبغداد «متطورة وجيدة ونامية حقيقية»، قال إن العراق «يمر في مرحلة مصيرية انتقالية حاسمة من خروج القوات (الاجنبية) ووجود انتخابات تشريعية مصيرية بالنسبة للعراق. خلال هذه الفترة يعني نحتاج إلى أقصى قدر من التعاون الأمني مع كل دور الجوار لعبور هذه المرحلة الحساسة والمهمة جداً».