على رغم أن اللجنة المنظمة لمهرجان الزيتون الرابع في منطقة الجوف، أخّرت انطلاق المهرجان هذا العام شهرين كاملين عن موعده المعتاد في بداية شهر كانون الأول (ديسمبر)، بهدف تمكين المزارعين من جني محصولهم من الزيتون، إلا أن المزارعين متخوفون من تأثير الحر في إنتاجهم من الزيتون. واتفق مزارعون في حديث مع «الحياة» على التأثير السلبي لارتفاع درجة الحرارة في إنتاج أشجار الزيتون، مطالبين بتخصيص إعانة موسمية لأشجار الزيتون، تعوّضهم عن بعض الخسائر التي يتكبدونها جراء تأثر إنتاج الزيتون. وأوضح المزارع سعدي الهباد أنه يمتلك أكثر من ألف شجرة زيتون لم تطلع ثمار أي منها، فيما قال المزارع حمد السالم إن خمس أشجار فقط أثمرت، من أشجاره التي يتجاوز عددها ثلاثة آلاف شجرة زيتون. ولفت المزارع عويضة الفهيقي إلى أنه مع أشقائه يمتلكون أكثر من خمسة آلاف شجرة زيتون، قدر إنتاجها من ثمار الزيتون بنسبة 1 في المئة، مقارنة بإنتاجها في السنوات الماضية. من جانبه، كشف مدير وحدة أبحاث الزيتون في مركز أبحاث الإبل والمراعي في منطقة الجوف عواد الحسن ل «الحياة» عن أبرز العوامل التي تؤثر في إنتاج الزيتون: «العامل الأول فسيولوجي خاص بالشجرة، إذ تمتلك شجرة الزيتون صفة (المعاومة)، وهي إنتاج الشجرة ثمار الزيتون بكميات غزيرة في عام، وبكميات شحيحة في العام الذي يليه»، مضيفاً أن العامل الثاني المؤثر في إنتاج الزيتون، يتمثل في التأثيرات المناخية، إذ «تلزم الزيتون ساعات محددة من البرودة في فصل الشتاء، ودرجة حرارة معيّنة في بداية التزهير». وقال إن درجة الحرارة في موسم التزهير في شهر نيسان (أبريل) يجب أن تتراوح بين 22 و25 درجة مئوية، في حين أن درجة الحرارة وصلت في موسم التزهير إلى 32 درجة مئوية. وذكر أن ارتفاع درجة الحرارة في الصيف أثر بدوره في ثمار الزيتون، «تقل كمية الزيت في ثمار الزيتون في حال تعرض الأشجار لدرجات حرارة مرتفعة». وتوقّع الحسن أن تغطي الشركات العملاقة لإنتاج الزيتون في منطقة بسيطا الزراعية، قلة إنتاج المزارع الخاصة من زيت الزيتون، وقال إن تلك الشركات تتبع أساليب متقدمة للعناية بأشجار الزيتون، إضافة إلى أن طقس «بسيطا» أكثر ملاءمة لإنتاج الزيتون. 13 مليون شجرة وسط الصحراء لم تكن «الجوف» تعرف زراعة الزيتون قبل نحو 30 عاماً، وحين أحضرها الزارعون الأوائل من الأردن كان يُتوقع لها الفشل في «التأقلم» مع البيئة الصحراوية، فيما الآن تقيم المنطقة مهرجاناً سنوياً لتسويق إنتاج 13 مليون شجرة زيتون تُزرع في أكثر من 12 ألف مزرعة في المنطقة، وتُنتج نحو 50 ألف طن من زيت الزيتون. وأوضح أمين أمانة منطقة الجوف رئيس اللجنة المنظمة لمهرجان الزيتون المهندس محمد الناصر أن المنطقة تضم 13 مليون شجرة زيتون، تنتج أكثر من 70 ألف طن من الزيتون سنوياً و50 ألف طن زيت، وقال إن المهرجان حقق نتائج اقتصادية وإعلامية كبيرة. وأكد ل «الحياة» أن منطقة الجوف تعتبر حالياً منطقة جذب عالٍ لزراعات حوض البحر الأبيض المتوسط، إذ أدى التوسّع في زراعة الزيتون إلى قيام 8 معاصر متخصصة في إنتاج زيت الزيتون الطبيعي التي بدأت قبل 3 أشهر، إضافة إلى 6 معاصر صغيرة خاصة تم استيرادها من ايطاليا، ووصلت إلى المنطقة وتركب في المزارع الخاصة، وهي مبادرة من البنك السعودي للتسليف والادخار. من جانبه، أوضح الخبير الزراعي الدكتور عبدالعزيز الشعيبي ل «الحياة»، أن جودة زيت الزيتون الذي تنتجه مزارع الجوف تفوق مثيلاتها في دول عدة اشتهرت بإنتاجه، «بسبب استخدام التقنية العالية في عصر الزيتون، وتنقيته من الشوائب والإضافات، إضافة إلى أنه خالٍ تماماً من الأسمدة المركبة والهورمونات». ولفت إلى أن زيت الزيتون المنتج في مزرعة مشروع الجوف يصدر إلى دول اشتهرت بإنتاج زيت الزيتون مثل إسبانيا، «لأن الزيت السعودي عضوي ونقي بنسبة 100 في المئة وخالٍ من الإضافات». يذكر أن زيت الجوف يعد من أجود زيوت العالم، إذ حلّ في المرتبة السادسة عالمياً في مسابقة (Biofach 2008) الألمانية، التي شهدتها مدينة نورمبيرغ عام 2008. وتوجد في منطقة الجوف أنواع متعددة من الزيتون، منها «بيكوال وصوراني وقيسي والنيبالي والسوري البلدي ونصوصي ومترانللو»، ومنها ما هو ثنائي الغرض، ومنها ما يستخدم لاستخراج الزيت منه فقط.