ساعات قليلة فقط فصلت بين حادثين «صادمين»، اُعتدي فيهما على رجلي أمن بين غرب المملكة وشرقها، فبعد المقطع المصور الذي أظهر مجموعة من راكبي الدراجات النارية يعتدون على رجل مرور سري خلال تأديته عمله الميداني في تنظيم حركة السير في كورنيش جدة، استشهد الجندي أول في شرطة القطيف موسى الشراري، عندما أطلق مجهول النار عليه بعد مغادرته مركز شرطة تاروت مساء أول من أمس (الثلثاء). وألقت أجهزة الأمن أمس (الأربعاء)، القبض على أهم اثنين في قضية «كورنيش جدة»، وهما اللذان ظهرا في المقطع المصور، أحدهما يدهس رجل الأمن والآخر يضرب مرافقه، وتم التحقيق معهما واعترفا بما قاما به. وكان مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير مكةالمكرمة خالد الفيصل، وجّه شرطة المنطقة بسرعة القبض على المعتدين على رجل الأمن في الكورنيش، وتطبيق الأنظمة في حقهم. وفي حادث «تاروت»، قال الناطق الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي في بيان بثته وكالة الأنباء السعودية (واس) أمس إنه «عند الرابعة والنصف من مساء يوم الثلثاء، وعند مغادرة الجندي أول بشرطة القطيف موسى دخيل الله الشراري مركز شرطة تاروت (القديم) بمحافظة القطيف بسيارته الخاصة، تعرض لإطلاق نار من مصدر مجهول، ما أدى إلى استشهاده». وشهدت غالبية مناطق المملكة حوادث مماثلة على مدى السنوات الماضية، راح ضحيتها رجال أمن، ومن بين تلك الحوادث «قتل عمد» وأحياناً يكون ناتجاً من «طيش وتهور». وكان للشرقية النصيب الأكبر من حوادث إطلاق النار على رجال الأمن، إذ استشهد أحدهم بعد تعرضه في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي إلى وابل من الطلقات النارية في الدمام، وجاء الحادث بعد حوادث مشابهة في التنفيذ والأسلوب، منها استهداف رجل الأمن سلطان المطيري من شرطة الشرقية في حي المجيدية بمحافظة القطيف، ما أدى إلى استشهاده. سبقها استهداف آخران يعملان في أمن المنشآت في محافظة رأس تنورة، ووقع الحادث بالقرب من مسكنهما في حي الضباب بمدينة الدمام، وسجل حي الخضرية (شمال الدمام)، حادثاً مشابهاً أسفر عن استشهاد رجلي أمن يعملان في الدوريات الأمنية أثناء تأديتهما مهمات عملهما، في حين استشهد آخر يعمل ضمن طاقم الحراسات لشرطة القطيف بعد استهداف مقر الشرطة. وسجلت مدينة سيهات استشهاد رجلي أمن يعملان في الدوريات أثناء مرافقتهما سيارة نقل أموال تغذي الصرافات الآلية بالأموال في محاولة سرقة، في حين لم ينج رجل أمن يعمل في مرور المنطقة الشرقية من رصاص إرهابيين استهدفوه رمضان الماضي. وفي بداية العام الحالي، فشل مسلحون في استهداف رجل أمن أمام منزله في حي الفيحاء في الدمام، بعد قيامهم بفتح النار تجاهه أثناء مرورهم بمركبة، وهربوا إلى جهة مجهولة، وعلمت «الحياة» من مصادرها أن المستهدف يعمل في قوات الطوارئ الخاصة. ومن شرق المملكة إلى غربها، إذ شهد أيار (مايو) 2016 استشهاد العريف خلف لافي الحارثي بعد تعرضه لإطلاق نار أثناء أدائه مهماته في مركز شرطة القريع بمنطقة مكةالمكرمة، سبقها بحوالى شهرين إصابة رجل أمن آخر في كتفه في مكةالمكرمة بعد تبادل إطلاق نار بين الشرطة وشاب بالقرب من مركز شرطة الشرائع. ويتقصّد «مجرمون» استهداف رجال الأمن بدهس متعمد، مثل حادث مقتل العريف مذهل السلولي في محافظة بيشة في آب (أغسطس) الماضي، بعدما ترصد له قاتله إثر خروجه من المسجد، ليدهسه بسيارته عمداً، وثبت في ما بعد أن القاتل «داعشي». وفي شهر نيسان (أبريل) من العام 2015، قتل الجندي عائض الغامدي، وإحراق جثته، ويعمل الغامدي في حراسة مشروع الخزن الاستراتيجي في العاصمة الرياض. وقال العميد بسام العطية (من وزارة الداخلية)، خلال مؤتمر صحافي عقده مع الناطق الرسمي للوزارة اللواء منصور التركي، إنه تم القبض على قتلة الغامدي خلال 48 ساعة من تنفيذ الجريمة، وهم خمسة أشخاص، أحدهم مصور الجريمة. وأوضح العطية أنه تم قتل الجندي من خلال إطلاق 10 طلقات نارية، ومن ثم تولى أحدهم حرق الجثة عبر سكب مادة الديزل عليه. متهورون و«درباوية» يدهسون رجال الأمن في حوادث من نوع آخر، طاولت رجال الأمن، تسبب تصرف «طائش» لشاب «متهور» في كانون الثاني (يناير) من العام الماضي، في مقتل رجل مرور في مدينة حائل، بعدما قاد الشاب مركبته بسرعة عالية، ورفض التوقف عند نقطة التفتيش، متسبباً في دهس رجل المرور. وفر الجاني من الموقع، لكنه ما لبث أن سلم نفسه إلى الشرطة بعد أيام عقب التضييق عليه. وأوضح الناطق الإعلامي في شرطة منطقة حائل الرائد سامي النجيفان أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، تعرض اثنان من رجال الأمن إلى الدهس والصدم العمد، ما أدى إلى وفاتهما، فيما أُصيب آخران. وتعرض أحد العاملين في دوريات الأمن في حائل إلى الدهس في العام 2014، بعد ترجله لإيقاف إحدى المركبات المُشتبه فيها، والتي لا تحمل لوحات، ليصاب بإصابات متفرقة نُقل إثرها إلى المستشفى. وفقد رجال أمن حياتهم نتيجة رفض سائقي مركبات «متهورين» التوقف، ففي العام 2015، حاول مواطن (في العقد الثالث) دهس رجل أمن بمركبته، بعدما رفض أن يستوقفه الأخير للاشتباه في سرقة السيارة التي يستقلها، وأُلقي القبض عليه لاحقاً، وأحيل إلى التحقيق. وفي العام 2014، تعرض رجل أمن في محافظة الطائف إلى إصابات بالغة نُقل إثرها إلى المستشفى، بعدما دهسه سائق مركبة أثناء محاولته إيقافه، وهرب من الموقع، لتلقي الأجهزة الأمنية القبض عليه لاحقاً. ودفع رجال أمن حياتهم ثمناً لهواية التفحيط المميتة، وخصوصاً بعدما أقرت الإدارة العامة للمرور تطبيق الإيقاف بالقوة الجبرية للمفحطين، فلقي رجلا أمن مصرعهما في شباط (فبراير) من العام الماضي، خلال مطاردتهما «درباوي» في مدينة القيصومة، بعدما انقلبت دوريتهما إثر اصطدامها في عقم ترابي.