قال رئيس الوزراء التونسي مهدي جمعة اليوم الثلثاء، إن بلاده لن تحتاج للاقتراض من الأسواق المالية لسد العجز في ميزانيتها هذا العام، مشيرا الى ان الاصلاحات لن تثير اي احتجاجات شعبية. وبعد ثلاث سنوات من انتفاضة أشعلت شرارة "الربيع العربي" أعدت تونس دستورا جديدا وتهدف الآن إلى إجراء انتخابات هذا العام. غير أن الحكومة المؤقتة التي يقودها جمعة قالت إن هناك حاجة لتضحيات مؤلمة لإنعاش الاقتصاد المتضرر من الاضطرابات التي أعقبت الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي والأزمة المالية في أوروبا. واشار جمعة الى انه سيكون "لدينا حوار اقتصادي وطني لأننا نجحنا في العملية السياسية بهذه الطريقة، يجب على الجميع أن يعوا أن الإصلاحات ضرورية لكننا لن نضغط أكثر من اللازم." ويتمثل التحدي الذي يواجهه جمعة في كيفية خفض النفقات الحكومية دون إثارة حالة من السخط كتلك التي أطاحت بالرئيس بن علي والتي كان من بين أسبابها البطالة وارتفاع الأسعار وهي مشكلات ما زالت تثقل كاهل الكثير من التونسيين. ويتعين على رئيس الحكومة أيضا ان يحقق توازنا سياسيا دقيقا بين العلمانيين والإسلاميين ومواجهة الخطر الأمني الذي يشكله متشددون مرتبطون بتنظيم القاعدة. وكان جمعة أعلن الشهر الماضي أن احتياجات بلاده من الاقتراض الخارجي هذا العام ستصل إلى ثمانية بلايين دولار وهو ما يقرب من ضعفي التقديرات الأولية. وقال جمعة إن الميزانية بها عجز يبلغ 2 بليون دولار لكن هناك محادثات جارية مع دول "صديقة" ومؤسسات مالية لسد هذا العجز. وأضاف قائلا "يجب علينا أن نبذل جهودا أكبر لسد العجز في الميزانية لكنني لا أعتقد أننا سنحتاج لدخول الأسواق المالية خاصة في ضوء تصنيفنا الائتماني (المنخفض)." وفي العام الماضي أظهرت محاولة لزيادة ضريبة على المركبات مدى حساسية سياسات التقشف إذ أثار الإعلان عن الزيادة أعمال شغب دفعت الحكومة إلى التراجع عنها. وقال جمعة إنه سينظر في معالجة تكاليف الأجور إلا أنه استبعد أي تسريح للموظفين أو خفض أجورهم هذا العام. وأشار إلى أن أول موجة من الإصلاحات لن تشمل زيادات في أسعار الوقود أو الخبز ولن يكون هناك سوى "تنظيم" للدعم الذي تضخم على مدى السنوات الثلاث الماضية. وقال "علينا الاستمرار في دعم الطبقتين الفقيرة والوسطى لتعزيز قدرتهما الشرائية لكننا نحتاج إلى استهداف أولئك الذين يتمتعون بقدرة أكبر على الإنفاق. لسنا بحاجة إلى مساعدة الجميع." وذكر جمعة أن أحد الإجراءات الأولى التي سيتم اتخاذها هو تقسيم أسعار استهلاك الغاز والكهرباء إلى شرائح بحسب الأمتار المستخدمة. وتولت حكومة الكفاءات التي يرأسها جمعة السلطة قبل ثلاثة أشهر بعد اتفاق بين التيارين السياسيين الرئيسيين المتمثلين في حركة النهضة الإسلامية ومعارضيها العلمانيين والذي أنهى مواجهة سياسية وفتح الباب أمام إجراء انتخابات. ورغم وجود بعض المؤشرات إلى احتمال تأجيل الانتخابات قال جمعة إنه لا يرى سببا لتأجيلها إلى عام 2015. وبدأ البرلمان مناقشة قانون للانتخابات هذا الشهر وهو الخطوة النهائية التي تسبق تحديد موعد الانتخابات. وقال جمعة "ربما ان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تأخرت قليلا لكن يجري اتخاذ جميع الإجراءات لتنظيم هذه الانتخابات في أفضل الظروف هذا العام. ورغم الشعبية التي يتمتع بها جمعة إلا أنه استبعد ان يترشح لرئاسة البلاد. وفي ظل احتياطيات النفط والغاز القليلة في تونس على عكس جارتيها الجزائر وليبيا فإنها تعتمد اعتمادا كبيرا على السياحة الخارجية. وقال جمعة إنه حث فرنسا التي يفد منها أكبر عدد من السياح إلى تونس على رفع تحذيرها من السفر إلى بلاده وهو ما فعلته الولاياتالمتحدة قبل أسابيع. ومنذ اندلاع الانتفاضة في تونس تحارب قوات الأمن إسلاميين متشددين وبدأت في الآونة الأخيرة حملة عسكرية عليهم في الجبال الواقعة على حدود مع الجزائر. وأضاف أن الخطر الرئيسي يشكله المسلحون القادمون من جنوب ليبيا حيث تعيد جماعات تابعة للقاعدة تنظيم صفوفها منذ طردها من مالي العام الماضي.