ربما يركض إلى خيال كثير من الجمهور اسم لاعب كرّة القدم ليونيل ميسي، عند ذكر برشلونة التي كانت ذات يوم عاصمة لمملكة كتالونيا القديمة، بل ما زال خيال استعادة تلك المملكة واستقلالها ملازماً لتلك المدينة وجمهور ناديها الذائع الصيت أيضاً. ويعني ذلك أن الحنين إلى الماضي الكتالوني يكاد لا يكف، خصوصاً مع جماهير ال «برشا» وتوثّباتها المتنوّعة. ومع ثورة المعلوماتيّة والاتصالات المتطوّرة، درجت خيالات كاتالونيّة كثيرة على التنحي أمام حلول «المؤتمر العالمي للهواتف النقّالة» Mobile World Congress ضيفاً سنويّاً على برشلونة لأيام قصيرة، كما حدث هذا العام بين 27 شباط (فبراير) و2 آذار (مارس) 2017. ويترافق المؤتمر الذي يعتبر الحدث الأهم عالميّاً في عوالم الاتصالات المتطوّرة، مع معرض يقدّم الأحدث في تقنياتها. وفي 2017، سيطر على المؤتمر هاجس الأمن الرقمي لأجهزة الخليوي، خصوصاً بعد تصاعد موجات من الفيروسات الإلكترونيّة المعدّة لضرب الهواتف الذكيّة. وإذ باتت الهواتف الذكيّة حاسوباً فعليّاً، صارت أيضاً هدفاً رئيساً لمجرمي الإنترنت الذين تغويهم كميّات المعلومات الشخصية والعناوين والحسابات المصرفية في خليويات الجمهور. صوت خبير في ذلك الصدد، أوضح تانغي دو كوبونت المدير العام لشركة «كاسبيرسكي لابز» Kaspersky Labs في فرنسا، أنّ مجرمي الإنترنت أدركوا أنّ الهاتف الذكي بات الوسيلة المفضلة للمشتريّات الإلكترونيّة ومدفوعاتها. وفي فرنسا مثلاً، استخدم الخليوي في إتمام 27 في المئة من المشتريات عبر الإنترنت في 2016. وحاضراً، تتعرض الهواتف الذكيّة إلى موجة من «فيروس الفدية» («رانسوموير» Ransom Ware) وهي برمجيات تعطّل جزءاً من وظائف الهاتف، وتحتجز بيانات مهمة منه، ثم تطالب بمال لقاء تحرير الهاتف وعدم نشر البيانات أو محوها. وتسارعت ضربات «فيروس الفدية» في هذا الميل في 2016 مترافقة مع ارتفاع بقرابة 20 في المئة في إجمالي أخطار الخليوي المجهّز بنظام «آندرويد»، كما استهدفت 17 في المئة من البرمجيّات الخبيثة المؤسّسات، وفق ما ذهبت إليه «الشركة السلوفاكيّة لأمن المعلومات» («ايسيت»). وفي ذلك الصدد، شدّد فابيان ريش، مدير «إنتل سيكيوريتي» Intel Security في فرنسا على دخول «فيروس الفدية» مرحلة «فيروس حصان طروادة» (وهي برمجيات خبيثة تأخذ شكل برامج عاديّة قبل أن تنفّذ ضربتها) مختص بالمصارف ويلاحظ أيضاً تحولاً في أخطار الأمن الافتراضي، بمعنى أن الحواسيب المتمتعة بحماية برامج للأمن الإلكتروني، لم تعد هدفاً مفضلاً لمجرمي الإنترنت. وفي السياق عينه، ربط أوجين كاسبيرسكي، وهو مؤسس «كاسبيرسكي لابز»، الأمر بمسألة ديموغرافيّة، إذ أشار إلى أنّ الأكبر سناً يميلون غالباً إلى استخدام الحواسيب الشخصيّة، فيما يتجّه الشباب صوب الأجهزة النقّالة. ويركزّ «فيروس الفدية» على الهواتف التي تعمل بال «آندرويد» المنتشر على قرابة 80 في المئة من الهواتف الذكيّة عالميّاً. وأفاد كاسبيرسكي أيضاً بأنّ الأجهزة التي تصنعها شركة «آبل» وتعمل بنظام «آي أو أس» iOS، تتهدّدها برمجيات خبيثة من نوع مختلف، فلا تكون بمنأى عن الأخطار كليّاً. وفي المؤتمر العالمي للخليوي، تبيّن أن صنّاع الهواتف الذكيّة متنبّهون لرهانات الأمن الإلكتروني، بل رأى بعضهم فيها سوقاً جديدة على غرار شركة «كوغ سيستم» الأستراليّة مثلاً، إذ استغلت انعقاد المؤتمر لتقدّم ما وصفته بأنّه «الهاتف الذكي الأكثر آمناً في العالم»، على رغم صعوبة التأكّد من ذلك الادعاء. وفي سجل الشركة أنها تقدّم هواتف ذكيّة آمنة جداً لحكومات كثيرة، ما يشير إلى درجة عالية من الموثوقيّة فيها. في ذلك الصدد، يدرك متابعو الشأن المعلوماتي أنّ من المستطاع تدارك كثير من التهديدات المحدقة بالخليوي، في حال ارتفع وعي الجمهور بأهمية الأمن الرقمي لهواتفه. وأشار ريش إلى أن معظم الجمهور يتصرّف كأنما هواتفه محميّة لمجرد اتّصالها بالشبكات، فيما الواقع يعاكس ذلك الأمر كليّاً.