مساء الأحد الماضي نُفِّذ حكم السجن بالكاتب الكويتي محمد عبدالقادر الجاسم، بعدما قضت محكمة الجنايات الكويتية بسجنه سنة مع الأشغال، بتهمة التشهير برئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد، على خلفية مقال نشره على موقعه الإلكتروني العامَ الماضي، بعنوان «ناصر السابع عشر»، تناول فيه تزايد نفوذ المخابرات الإيرانية في الكويت، عبر رجل أعمال من اصل إيراني. وكتب أن الأخير بات مقرّباً من «مواقع القرار» وحقق نفوذاً في الساحة الاقتصادية الكويتية من طريق «غسيل الأموال الإيرانية». الجاسم سُجِن بداية العام لمدة 48 يوماً بسبب قضية رفعها ضده وزير الديوان الأميري، ونجل أمير البلاد، الشيخ ناصر صباح الأحمد. وقبل ذلك احتجِز 11 يوماً على ذمة التحقيق في قضية رفعها رئيس الوزراء العام الماضي، وهو كتب العديد من المقالات ضد رموز الحكم وأركان الدولة، وخاض الجاسم مواجهة إعلامية حادة، لكن النظام السياسي في الكويت تعامل مع المسألة عبر مؤسسة القضاء. بصرف النظر عن الجوانب القانونية للحكم، فإن قصة الجاسم ذكّرتنا بمحاكمة الملازم الكويتي علاء حسين «رئيس الحكومة الموقتة» التي نصّبها صدام حسين على الكويت بعد غزوه أراضيها العام 1990. علاء حسين كان متهماً بالخيانة العظمى، ورغم ذلك عاد الى الكويت، وحوكِم أمام محكمة مدنية في جلسات علنية، نُشِرت تفاصيلها في الصحف، مع انه كان بمقدور النظام محاكمته أمام محكمة عسكرية، وإصدار حكم مرتّب بإعدامه، لكن هذا لم يحدث. الجاسم اتهم رئيس الوزراء وأحدَ أفراد العائلة الحاكمة بالخيانة، فتعامل النظام مع القضية بسلوك متحضر، وكرّس احترام الدستور والقانون. لا شك في ان التعامل المتمدن للكويت مع قضايا الرأي، يشير الى ان الأنظمة الحاكمة في دول مجلس التعاون الخليجي لا تعاني أزمة في شرعيتها، فضلاً عن ان السجال عبر القضاء، رغم حساسية مضمون القضية وأطرافها، يؤكد تمسك الكويت بحرية التعبير، وحمايتها. والمقارنة مع ما يجري في الكويت، وغيرها من دول الخليج، تصيبنا بحسرة على بعض الدول العربية التي تُواَجه فيها الكلمة بالإقصاء، والتخويف، والقمع، والتصفيات الجسدية. لا أحد يرحب بسجن كاتب، لكن ما يجري في الكويت شهادة لدولة المؤسسات، وكرامة الإنسان وثقة النظام بنفسه.