يبدو أن مخالفة التقاليد أو الأعراف السياسية التي دأبت عليها الإدارة الأميركية بمختلف رؤسائها على مر السنين، لم تعد حَكراً على الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي رفض حضور «عشاء مراسلي البيت الأبيض»، فها هو وزير خارجيته ريكس تيلرسون تغيّب عن تقرير حقوق الإنسان العالمي أمس (الجمعة) بعدما دأب عليه أسلافه منذ ربع قرن. ولأهمية هذا الحدث واجه تيلرسون سيلاً من الانتقادات بسبب عدم مشاركته في هذا الحدث، وتيلرسون الكتوم للغاية والذي لم يدل بأي تصريح تقريباً منذ تسلم الديبلوماسية الأميركية في 2 شباط (فبراير) الماضي خالف التقليد المعهود في الوزارة الذي يقضي بأن يعقد الوزير مؤتمراً صحافياً تنقل شبكات التلفزة وقائعه مباشرة على الهواء ويقوم خلاله بعرض هذا التقرير الذي يرصد أوضاع حقوق الإنسان في حوالى 200 بلد. وأجاب مسؤول أميركي كبير على أسئلة للصحافيين عبر الهاتف شريطة عدم الكشف عن هويته بدلاً من الظهور أمام الكاميرات وهو خروج أيضاً عن المألوف، في وقت يمثل هذا التقرير فيه إحدى أهم المحطات السنوية في عمل الخارجية (إضافة إلى تقاريرها حول الحريات الدينية ومعاملة البشر والإرهاب)، ويزداد وقعاً وأهمية حين يتولى وزير الخارجية نشره والتعليق عليه، في حين أن الدول التي تصيبها سهام الانتقادات الأميركية لا تتوانى عن الرد عليه بشدة. ولكن هذا التقرير الأول لوزارة الخارجية في عهد ترامب نشر خلافاً لكل هذا التقليد وفي ظل ما يشبه التعتيم، فلا الوزير عقد مؤتمراً صحافياً للكشف عنه ولا حتى فعل ذلك مساعده لشؤون حقوق الإنسان. وبما أن هذا التقرير يرصد أوضاع الحقوق في العالم خلال 2016 فإنه في واقع الأمر نتاج إدارة باراك أوباما ووزير الخارجية السابق جون كيري أكثر ما هو نتاج إدارة دونالد ترامب، لكن على رغم ذلك فإن عملية إخراجه إلى العلن بهذا الشكل تنطوي على الكثير من المؤشرات. وقال التقرير إن الشرطة وأفراد لجان أمن أهلية في الفيليبين «قتلوا أكثر من ستة آلاف شخص يشتبه بأنهم تجار أو متعاطون للمخدرات» منذ تموز (يوليو) وأن عمليات القتل خارج نطاق القانون «زادت بشكل كبير» في الفيليبين خلال السنة الماضية. واقتصرت مشاركة الوزير في التقرير على كلمة له في المقدمة أكد فيها أن «نشر حقوق الإنسان والحوكمة الديموقراطية يمثل عنصراً جوهرياً في السياسة الخارجية الأميركية». وأضاف قائلاً: «قيمنا تعادل مصالحنا عندما يتعلق الأمر بحقوق الانسان»، مشدداً على «التزام» واشنطن «الحرية والديموقراطية»، ولكن هذه الكلمة لم تقنع السيناتور الجمهوري ماركو روبيو الذي يعتبر من داعمي إدارة ترامب ولا اقنعت المدافعين عن حقوق الإنسان. وانتقد روبيو في تغريدة غياب الوزير وصمته «في سابقة من نوعها منذ أمد بعيد». يأتي هذا في وقت قالت وسائل إعلام يابانية اليوم إن من المقرر أن يزور تيلرسون اليابان وكوريا الجنوبية والصين هذا الشهر لبحث الموقف في شأن كوريا الشمالية خلال جولته الأولى في المنطقة منذ توليه منصبه. وتأتي هذه الجولة في وقت تحاول فيه الولاياتالمتحدة والصين وضع علاقاتهما على أساس متوازن بعد بداية صعبة في أعقاب انتخاب ترامب ووسط توترات متزايدة في شأن كوريا الشمالية في أعقاب قتل الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي في ماليزيا.