قررت اللجنة المشرفة على انتخابات نقابة الصحافيين في مصر إرجاء انعقاد الجمعية العمومية لإجراء انتخابات نقيب الصحافيين والتجديد النصفي لمجلس النقابة، إلى 17 آذار (مارس) الجاري بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني. ويتطلب إجراء الانتخابات في أول انعقاد للجمعية العمومية حضور 4300 صحافي، لكن لم يحضر الجمعية أمس إلا 1300 صحافي، على رغم تمديد مهلة التسجيل فيها مدة ساعتين. وعادة لا تُجرى الانتخابات في موعد الانعقاد الأول، ويتطلب الانعقاد الثاني لإجراء الانتخابات تسجيل 25 في المئة من عدد الصحافيين، أي نحو 2150 صحافياً. وتجرى انتخابات النقابة في جولتها الحالية وسط حال من الاستقطاب غير المسبوق بفعل الأزمة التي نشبت بين مجلس النقابة المنتهية ولايته ومؤسسات في الدولة. ووفق النظام الانتخابي للنقابة، سيخرج 6 من أعضاء المجلس الحالي أمضوا أربع سنوات في عضويته، لتجرى الانتخابات على تلك المقاعد، ويحق لهم المنافسة فيها، وهم أمينها العام جمال عبدالرحيم، ووكيلها خالد البلشي، وحنان فكري وكارم محمود وأسامة داود وعلاء ثابت، وهم يخوضون الانتخابات مجدداً. وشهدت العلاقة بين الحكم ونقابة الصحافيين توتراً متصاعداً خلال العام الماضي، إذ تمت إحالة النقيب يحيى قلاش وعبدالرحيم والبلشي على محاكمة جنائية أمام محكمة الجنح، بتهم إيواء فارين من العدالة، وحكم بحبسهم عامين مع الشغل، لكن استئنافاً على الحكم أوقف التنفيذ. وشكّل ذلك الحكم سابقة في تاريخ نقابة الصحافيين في مصر، إذ إنها المرة الأولى التي يصدر فيها حكم قضائي بحبس نقيب الصحافيين وقادة النقابة أثناء ولايتهم. وكان الخلاف بدأ مع صدور قرار بتوقيف الناشط محمود السقا والصحافي عمرو بدر، وهو يخوض الانتخابات الحالية، لاتهامهما بالتحريض على العنف. ولاذ بدر والسقا بنقابة الصحافيين بعد صدور أمر توقيفهما، ودهمت قوة من الشرطة مقر النقابة، في سابقة أيضاً، وأوقفتهما. وقال نقيب الصحافيين إنه كان يُجري (في تلك الفترة) اتصالات مع مسؤولين لتسليم الصحافي والمدوّن إلى سلطات التحقيق. وردت النقابة على واقعة الدهم بالمطالبة بإقالة وزير الداخلية ومقاضاته وقيادات أمنية. وكانت «محكمة جنح مستأنف قصر النيل» قررت قبل أيام تأجيل النطق بالحكم في الطعن بالاستئناف المقدم من قلاش وعبدالرحيم والبلشي على حكم قضى بحبسهم، إلى جلسة 25 آذار (مارس) الجاري لاستمرار المداولة بين أعضاء هيئة المحكمة. وظهر أن المحكمة فضلت عدم إصدار الحكم قبل الانتهاء من انتخابات نقابة الصحافيين في 17 الجاري حرصاً على عدم التأثير في نتائج تلك الانتخابات. وأبرز منافسي قلاش في الانتخابات هو الصحافي في مؤسسة «الأهرام» عبدالمحسن سلامة، ويُعتقد أنه المرشح المُفضل من مؤسسات الدولة، خصوصاً أن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان اعتبر أن قضية قادة النقابة «جنائية» ولا علاقة لها بحرية الرأي. وستحسم نتائج الانتخابات صراعاً يدور داخل الأوساط الصحافية نفسها، وكان تفجر في أعقاب اقتحام الأمن مقر النقابة، إذ ناصر فريق موقف النقيب ومجلس النقابة في التصعيد ضد وزارة الداخلية، فيما حمّل الفريق الثاني النقيب ومجلسه مسؤولية هذا الاقتحام، ودشن أيضاً جبهة «تصحيح المسار» التي طالبت النقيب بالاستقالة بعد تلك الواقعة، وكان عبد المحسن سلامة، وهو أبرز منافسي قلاش على مقعد النقيب، ضمن من انتقدوا أداءه في تلك الأزمة. وسعى قلاش ومؤيدوه إلى الإفادة من الخلاف الذي نشب بين البرلمان والصحافة في الأيام الأخيرة، بعد أن انتقد رئيس البرلمان علي عبدالعال علناً مؤسسة «الأهرام» التي ينتمي إليها سلامة، وكان أيضاً تم تقديم بلاغ ضد رئيس تحرير جريدة «المقال» إبراهيم عيسى لانتقاده البرلمان. واعتبر مناصرو قلاش أن تدشين جبهة «تصحيح المسار» رسخ شق صف الصحافيين، وسمح للسلطات بالتجرؤ على الصحافة، فيما يُراهن سلامة على تصحيح العلاقة بين الصحافة وبقية مؤسسات الدولة. وقال قلاش في تصريحات أمس، إن «انعقاد الجمعية العمومية فرصة لتجديد الحوار في قضايانا المؤجلة، الانتخابات ليست مجرد انتخابات فئوية تخص الصحافيين، لكنها مؤشر إلى الديمقراطية في مصر»، مضيفاً أن «نتائج الانتخابات غالباً ما تكون دلالة لما بعدها في الحياة السياسية، كثير من المصريين ينتظر النتائج بشغف». من جانبه، شدد سلامة على أنه «مرشح الصحافيين وليس مرشح الدولة»، لكنه أكد أن له «علاقات قوية بأجهزتها المختلفة»، موضحاً أن هذا الأمر «يحسب له وليس عليه». وتعهد «تسخير تلك العلاقات لخدمة المهنة والنقابة وجموع الصحافيين، ورأى أن «علاقاتي القوية (مع مؤسسات الحكم) تحتاجها النقابة لحل الملفات العالقة منذ عامين». كما تعهد إقرار «زيادة مُرضية» في راتب النقابة للصحافيين، وهذا الراتب تحصل عليه النقابة من وزارة المالية. وشددت وزارة الداخلية من الإجراءات الأمنية في محيط نقابة الصحافيين، ونشرت تشكيلات عدة لقوات الأمن المركزي حولها تحسباً لأي طارئ.