ستة أيام هي المدة المتبقية لتشهد مصر الاستحقاق النيابي الأخير قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في خريف العام المقبل. وتخوض الحكومة المصرية في هذه الأيام «معارك» على أكثر من جبهة، فمع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المقرر لها الأحد المقبل كثّفت السلطات من ضغوطها على جماعة «الإخوان المسلمين»، في حين صعّد المسؤولون المصريون لهجتهم تجاه الولاياتالمتحدة متهمين إياها ب «التدخل السافر في الشؤون الداخلية المصرية» وبإطلاق تصريحات «تستفز الشعور الوطني المصري». ودعت منظمة العفو الدولية السلطات المصرية، أمس، إلى أن تكفل عدم تعرض أي من المرشحين أو الناخبين للمضايقة أو الترهيب على أيدي قوات الأمن أو مؤيدي الحزب الحاكم أو غيرهم. وأشارت إلى تعرض العشرات للتوقيف والاحتجاز. وقال مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية مالكوم سمارت: «ينبغي على السلطات المصرية أن تحترم الحق في حرية التعبير والاجتماع وتكوين الجمعيات، وأن تضمن عدم تعرض المتظاهرين للقبض أو الاحتجاز بصورة تعسفية، وأن تحترم حقوق جميع المرشحين ونشطاء الحملات الانتخابية من دون تمييز». لكن مصادر أمنية شددت على أن وزارة الداخلية المصرية لا تتشدد في تعاملها مع مرشحي المعارضة، وأشارت إلى أن القانون يكفل الحق لجميع المرشحين في الدعاية والترويج لأنفسهم لكن من دون الإخلال بالأمن العام في البلاد. وقالت ل «الحياة»: «واجب عناصر الشرطة هو تأمين العملية الانتخابية وتأمين الناس من دون التحيز لفصيل دون آخر». وكانت جماعة «الإخوان» اشتكت من قيود تمارس ضدد مرشحيها، وأشارت إلى اعتقال 1206 أعضاء في الجماعة في حملات دهم وتوقيف طاولت 22 محافظة. لكن نائب مرشد «الإخوان» الدكتور رشاد البيومي أكد ل «الحياة» أن الجماعة مستمرة في مسيرتها الانتخابية بالطرق السلمية على رغم المضايقات والقيود التي تواجهها. واحتدم الصراع الانتخابي بين المتنافسين التقليديين - «الوطني» و «الإخوان» - قبل أقل من أسبوع من فتح أبواب الاقتراع أمام الناخبين، إذ اتهم الحزب الحاكم جماعة «الإخوان» باللجوء إلى العنف في محاولة منها للتغطية على «ضعف» موقف مرشحيها في الدوائر، معتبراً أن اليومين الماضيين جاءا حافلين بالعنف و «البلطجة الإخوانية» في المحافظات إثر لجوء مؤيدي الجماعة المحظورة إلى استخدام العنف وعدم الانصياع لتعليمات أجهزة الأمن. وقال نائب مرشد «الإخوان» الدكتور رشاد البيومي «إن اموراً لا يستوعبها أي إنسان تحدث ضد مرشحي الجماعة»، وأشار إلى تمزيق لافتات ومنع المرشحين من التواصل مع الناخبين، إضافة إلى حملات اعتقال شبه يومية، في حين «تتسامح السلطات بشكل مريب مع مرشحي الحزب الوطني». لكن البيومي أكد في الوقت ذاته استمرار جماعته في الانتخابات، مشدداً على قدرتها على تحقيق نتائج إيجابية على رغم القيود الأمنية. وقال ل «الحياة»: «لا يوجد أي شيء يحول دون استمرارنا في مسيرتنا الانتخابية»، مهدداً باللجوء إلى القضاء لحفظ حقوق مرشحي الجماعة. وأشارت جماعة «الإخوان»، في هذا الإطار، إلى زيادة حملة الاعتقالات بشكل غير مسبوق ضد مرشحيها ومؤيديها خلال الأيام القليلة الماضية، إذ وصل عدد المقبوض عليهم إلى 1206 تم عرضهم على النيابة العامة التي أمرت بحبس 702 وإخلاء سبيل البقية، مشيرة إلى أن حملة الاعتقالات طاولت 22 محافظة، في مقدمها محافظة الشرقية التي شهدت اعتقال 241 شخصاً، تليها الإسكندرية ب 203 معتقلين. ونبّهت إلى أن الأجهزة الأمنية قبضت على 8 مرشحين و7 سيدات «إخوانيات» في أكثر من محافظة، معتبرة ذلك دليلاً على اتجاه الحكومة إلى «تزوير» الانتخابات المقبلة. وكثّفت منظمات المجتمع المدني من جهودها للإشراف على العملية الانتخابية. وأشار الناطق باسم اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات المستشار سامح الكاشف إلى أنه سيتم الترخيص ل 76 منظمة مجتمع مدني مصرية تقدمت مباشرة للجنة، بمتابعة العملية الانتخابية وبالتنسيق أيضاً مع المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي تلقى من جانبه طلبات مماثلة من بقية المنظمات والجمعيات الأهلية، لافتاً إلى أنه يجرى حالياً إصدار التصريحات اللازمة لهذه المنظمات المعتمدة حتى تتمكن من القيام بدورها في إنجاح عملية الانتخابات وضمان نزاهتها. وعبّر رئيس مركز القاهرة لحقوق الإنسان بهي الدين حسن عن قلقه في شأن عدم وجود إرادة سياسية لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة، وأشار رئيس مركز القاهرة لحقوق الإنسان والمنضوي في الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات الذي يضم 3 منظمات حقوقية، إلى أن الائتلاف تقدم بما يقارب 1200 طلب تصريح لمراقبة العملية الانتخابية «لكن حتى الآن لم تصلنا الموافقات»، معرباً عن تخوفه من عدم السماح لغالبية المتقدمين بمراقبة الانتخابات مثلما حدث في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى الماضية. وقال ل «الحياة»: «هناك قلق كبير لدى منظمات المجتمع المدني في ما يتعلق بتمكينها من مراقبة العملية الانتخابية». وفي الإطار ذاته، أكدت دوائر سياسية وبرلمانية في مصر رفض السلطات السماح للمنظمات الأجنبية والدولية بمراقبة العملية الانتخابية، معتبرة أن مثل هذه المراقبة الخارجية تمثل تدخلاً في الشؤون الداخلية للبلاد، ومساساً بالسيادة الوطنية، مكتفية بأن يكون الوجود الأجنبي في تلك الانتخابات من خلال السماح للصحافيين الأجانب المعتمدين لدى مصر وكذلك الراغبين في المجيء للتغطية الإعلامية لتلك الانتخابات بمزاولة أعمالهم بالتنسيق مع الهيئة العامة للاستعلامات.