نأى الرئيس محمود عباس (ابو مازن) بنفسه عن الجدل المثار في شأن صفقة الضمانات الأميركية المزمع تقديمها إلى الجانب الإسرائيلي من أجل وقف الاستيطان لمدة 90 يوماً، وقال: «لا علاقة للجانب الفلسطيني بهذه الصفقة». وشدد على تمسكه بعدم العودة إلى المفاوضات قبل وقف الاستيطان بالكامل، بما في ذلك القدسالشرقية، موضحاً أنه في حال استئناف المفاوضات، يجب أن ينصب التركيز على قضيتي الحدود والأمن. كما اتهم حركة «حماس» بالتراجع في حوارات دمشق مع حركة «فتح» عن أمور سبق الاتفاق عليها. وكان عباس التقى في القاهرة أمس الرئيس حسني مبارك وبحثا الجهود المصرية والعربية والدولية لاستئناف مفاوضات السلام المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والجهود والاتصالات التي يقوم بها مبارك مع الأطراف المعنية والدولية من أجل تهيئة الظروف التي تساعد على استمرار المفاوضات المباشرة ودفع عملية السلام. كما تناولت المحادثات العرض الأميركي والأفكار والمساعي الأميركية والأوروربية والدولية لتأمين الحصول على موافقة الجانب الإسرائيلي على تمديد وقف الاستيطان والعودة إلى مائدة المفاوضات، وصولاً إلى تحقيق السلام الشامل والعادل، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. وتطرقت المحادثات ايضاً إلى الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة. وحضر جلسة المحادثات من الجانب المصري وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، ورئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان، ومن الجانب الفلسطيني أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الدكتور صائب عريقات، وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» نبيل شعث والناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، وسفير فلسطين في القاهرة بركات الفرا. وأكد عباس في تصريحات عقب اللقاء أن الجانب الفلسطيني لن يقبل باستئناف المفاوضات المباشرة مع الجانب الإسرائيلي في حال عدم وقف الاستيطان بالكامل، بما في ذلك القدسالشرقية. وأوضح أنه بالنسبة الى المفاوضات المباشرة، فإنه حتى الآن لم يصل إلى الجانبين الفلسطيني أو الإسرائيلي من الإدارة الأميركية أي مقترحات حتى يمكن التعليق عليها، مشيراً إلى أن بعض المعلومات ظهر في الصحافة، خصوصاً ما يتعلق بالصفقة التى يتردد عن إبرامها بين الإدارة الأميركية وإسرائيل وتتضمن تزويد إسرائيل معدات عسكرية متطورة في مقابل تمديد وقف الاستيطان لفترة محدودة. وقال «أبو مازن» إنه أكد للجانب الأميركي أنه لا علاقة للفلسطينيين بهذه الصفقة المزمعة «التي تدخل في إطار العلاقات الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل»، كما أكد رفض الجانب الفلسطيني الربط بين هذه الصفقة وبين استئناف المفاوضات، مضيفاً: «ليست لنا علاقة بقضية الصفقة، والقيادة الفلسطينية تدرك جيداً مدى عمق العلاقة الأميركية - الإسرائيلية والتي ترجع لأعوام عدة سابقة»، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر أعلن عام 1973 أن إسرائيل لا بد أن تبقى أقوى من كل الدول العربية مجتمعة. وقال عباس: «لا يجوز للإدارة الأميركية أن تقول إننا أعطينا إسرائيل شيئاً في مقابل وقف الاستيطان لمدة تسعين يوماً، لأن ذلك كلام غير منطقي وغير مقبول». وأكد ان الفلسطينيين أوضحوا موقفهم المتمثل في أنه لا بد من التركيز على قضيتي الحدود والأمن في حال استئناف المفاوضات المباشرة، مشدداً على رفض السلطة الوطنية الفلسطينية استئناف أي مفاوضات مباشرة في حال استمرار إسرائيل في أنشطتها الاستيطانية. وشدد على ضرورة أن يكون وقف الاستيطان شاملاً لكل الأراضي الفلسطينية وأولها مدينة القدس. وأضاف أن الجانب الفلسطيني لا يزال ينتظر الرد الرسمي من الإدارة الأميركية «الذي من المتوقع أن يصدر في وقت قريب جداً، حتى تتم مناقشته أولاً على المستوى الفلسطيني، ثم التوجه إلى لجنة متابعة مبادرة السلام العربية». ورداً على سؤال ان كان هناك أمل بتحقيق السلام على رغم الصعوبات التي تواجهها عملية السلام، قال عباس: «نحافظ على الأمل إلى أن نصل إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ونعلم أن هناك صعوبات بالغة بسبب الموقف الإسرائيلي، إذ أن ما وصلنا إليه من حوار لا يوحي بشيء، لكن نقول إنه إذا حدث حوار رسمي، فسنجرب ونعمل كل ما نستطيع من أجل الوصول إلى نتيجة تفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وحل كل قضايا المرحلة النهائية الست، إضافة إلى قضية الأسرى وهي من أهم القضايا للجانب الفلسطيني». وعن إمكان التوصل إلى حل نهائي في ظل تعنت الجانب الإسرائيلي والتركيز فقط على قضية الاستيطان، قال الرئيس الفلسطيني إن التوصل إلى حل للقضايا المطروحة قد يكون أكثر صعوبة من قضية وقف الاستيطان، مشيراً الى أن «وقف الاستيطان ليس مطلباً فلسطينياً فقط وإنما هو مطلب أميركي ودولي وعربي، بل إن هناك شرائح من المجتمع الإسرائيلي تطالب بوقف الاستيطان، وبالتالي فإن المشكلة ليست معنا، لكنها بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية». وشدد على رفض الجانب الفلسطيني وقف الاستيطان مع استثناء القدس، وقال: «نرفض ذلك مئة في المئة، ولا بد أن يشمل وقف الاستيطان مدينة القدس، وإذا لم يكن وقف الاستيطان في كامل الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس، فلن نقبل به». ورداً على سؤال هل هناك إطار زمني تضعه السلطة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات المباشرة قبل اللجوء إلى مجلس الأمن، قال عباس: «لدينا سبعة خيارات، أولها المفاوضات المباشرة، وعلينا أن نعطي هذا الخيار مدته وحقه، وإذا فشلنا فإن الخيارات الأخرى ستأتي في ما بعد متتابعة زمنياً». وأضاف ان محادثاته مع مبارك تناولت أيضاً مسألة المصالحة الفلسطينية ونتائج جولة الحوار في دمشق، لافتاً إلى أنه حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق مع حركة «حماس»، إذ «أنها تراجعت عن بعض المواقف التي كانت وافقت عليها في بداية الحوار في الجولة الأخيرة في دمشق». وأكد أنه «على رغم هذا التراجع من جانب حماس إلا أننا سنواصل الحوار معها على كل المستويات حتى يمكن استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية». وكان عباس التقى في القاهرة أول من أمس الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى وبحث معه العملية السلمية والمصالحة. وعبرت الجامعة العربية عن دهشتها واستغرابها للتقارير التي نشرت عن الطرح الأميركي «السخي» لتقديم حوافز لإسرائيل، سواء كانت عسكرية أو أمنية، في مقابل التجميد الجزئي للاستيطان غير الشرعي في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وقال الأمين العام المساعد لشؤون فلسطين والأراضي العربية المحتلة في الجامعة السفير محمد صبيح في تصريحات أمس إن الاستيطان غير شرعي جملة وتفصيلاً، وهناك قرارات دولية وقرارات من مجلس الأمن وغيرها من القرارات العديدة، تؤكد أن الاستيطان غير شرعي ، ولا بد من تفكيكه، وهذه هي السياسة العامة الدولية الخاصة بالاستيطان، مضيفاً: «كل هذه المحاولات التي تقوم بها الإدارة الأميركية الآن للحفاظ على عملية السلام والمفاوضات، في تقديرنا ستبوء بالفشل، لأن هناك قراراً إسرائيلياً مصمماً على أن يبقى الاستيطان فى القدس وفي أماكن كثيرة، ونحن نسمع ليل نهار هذه التصريحات المنافية للأخلاق والقانون والسياسة من قيادات إسرائيلية موجودة في الحكومة الإسرائيلية، بأن الاستيطان سيستمر، وأنهم لن يستمعوا إلى أي شيء». واستغرب صبيح موقف الإدارة الأميركية التي «تقدم اغراءات لإسرائيل لوقف ما هو باطل ولوقف عدوانها ولوقف عدم التزامها القانون الدولي»، وقال: «كان أحرى بأميركا أن تصدر عقوبات بدلاً من الإغراءات، حتى يفهم السياسي الإسرائيلي الذي تجاوز فى عدوانه كل الحدود، أن هناك قانوناً دولياً».