لا شك في أن الحديث عن المجلات السينمائية في المغرب هو في شكل من الأشكال وجه من وجوه الحديث عن السينما في المغرب، سواء كانت هذه السينما مغربية أو مشرقية، أو كانت عربية أو غربية، كما أنه يمثل أيضاً حديثاً عن النقد السينمائي في مختلف تمظهراته العلمية منها والذوقية، التحليلية منها والانطباعية. وهو أمر يدعونا لمعرفة مدى خصوصيات هذه المجلات السينمائية من جهة، ومدى تنوعها وغناها الثقافي والفني من جهة أخرى. وبعيداً من الحديث عن تاريخ هذه المجلات السينمائية ولحظات ظهورها الأول في المشهد الثقافي والفني المغربي، والتي ساهمت في شكل قوي في عملية تحول النقد السينمائي من الشفوية التي كانت تطبعه وتسيطر عليه، إلى نقد سينمائي مكتوب ومحدد المعالم وواضح الرؤى، يمكن الوقوف عند بعض من أهمها كما هو الحال مع مجلة «دراسات سينمائية» التي كانت تصدرها الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، ومجلة «سينما 3» التي كانت تصدر باللغة الفرنسية، والتي كان يديرها الناقد السينمائي نور الدين الصايل، وفي ما بعد مجلات أخرى لم تكن مختصة في المجال السينمائي فحسب، مثل مجلة «سينما وتلفزيون»، التي كان يديرها الناقد السينمائي عبدالرزاق الزاهير أو مجلة «أفلام» التي كان يديرها الناقد السينمائي محمد باكريم، ومجلة «الفنون المغربية» التي كان يديرها الناقد الفني عبداللطيف ندير وغيرها من المجلات الفنية أو الثقافية الأخرى. حالياً توجد مجلات سينمائية مختصة وذات صبغة نقدية تحليلية تمتلك طابعاً نقدياً ذا بعد علمي محكم، مثلما هو الأمر مع كل من «المجلة المغربية للأبحاث السينمائية» التي يديرها الناقد السينمائي خليل الدمون والتي تُصدرها «الجمعية المغربية لنقاد السينما» ومجلة «وشمة» التي يديرها الناقد السينمائي نور الدين بندريس، والتي تصدر عن «جمعية أصدقاء السينما بتطوان». كما توجد مجلات سينمائية مختصة في المجال السينمائي، وتتابع كل مستجداته في شكل إعلامي متفتح يجمع بين المتابعة الصحفية وبين التحليل السينمائي المحكم، مثلما هو الشأن مع مجلة «سينفيليا» التي يديرها ياسين الحليمي، ويرأس تحريرها الإعلامي والناقد السينمائي عبدالكريم واكريم، والتي صدرت منها مجموعة من الأعداد التي قدمت صورة شاملة عن السينما المغربية والعربية وحتى العالمية، عبر مساراتها المختلفة. في العدد الأخير من «سينفيليا»، والذي صدر حديثاً، نجد مجموعة من المقالات والدراسات والمتابعات المهمة، نذكر منها التحقيق الذي قام به عبدالكريم واكريم والذي حمل عنوان «السينما البديلة في المغرب وإمكانية التحقق الصعبة»، حيث قدم فيه وجهات نظر بعض الفاعلين في المجال السينمائي المغربي حول هذا الموضوع، مثل الناقد السينمائي ومدير «المهرجان الوطني لفيلم الهواة بسطات» ضمير الياقوتي ورئيس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب الأستاذ عبدالخالق بلعربي والمخرجة السينمائية المغربية نورا أزروال والمخرج مراد خلو، كما نجد فيه دراسة للناقد رضوان السائحي عن «العري في السينما والمسرح بالمغرب بين الجرأة الفنية والجرعة الجنسية» ومقالاً عن سينما المخرج المغربي أحمد المعنوني للناقد فؤاد زويريق. وبخصوص السينما العربية ثمة نصّ عن سيرة الممثل الراحل محمود عبدالعزيز وعن بعض أفلامه السينمائية كتبه الناقد رامي عبدالرزاق. وآخر كتبه واكريم. كما كتبت الفنانة المغربية المعروفة سناء عكرود عن تجربتها في فيلم «احكي يا شهرزاد». شمل هذا العدد أيضاً حواراً مطولاً مع كاتب هذه السطور أجرته رشيدة خزيوة، إضافة إلى عدد من المواضيع الأخرى التي تتعلق بالمجال السينمائي العالمي. على أي حال، يمكن القول بأن المجلات السينمائية المغربية تساهم في شكل كبير في تحقيق عملية التواصل بين الجمهور القارئ وبين المجال السينمائي في مختلف تجلياته، بحيث تجعل من هذا الجمهور القارئ يتعرف إلى المسارات التي تعرفها السينما سواء داخل المغرب أو خارجه، كما تمكن هذا الجمهور من معرفة وجهات النظر التي يقدمها النقاد والمهتمون على اختلاف مشاربهم الفكرية وأساليبهم النقدية سواء في الأفلام السينمائية المغربية أو العربية أو العالمية التي يشاهدونها ويتتبعون مساراتها ويعرفون أنواعها.