سجل العام 2016 انتشار صور «السيلفي» وبشكل واسع، تجاوزت حدود المعقول ووصلت إلى تغيير الكثير من المفاهيم الاجتماعية وحتى الرسمية منها، فلم تعد مقتصرة على المشاهير والناس العاديين، بل وصلت إلى الملوك والرؤساء والأمراء والوزراء، وكأن لسان حال صور السيلفي يقول «تنحَ جانباً أيها البروتوكول»، ليطلع العالم على صور لم يكن بالإمكان رؤيتها سابقاً إلا في كتب المذكرات الخاصة التي تنشر بعد أن يتقدم العمر بأصحابها. وضجت مواقع التواصل الاجتماعي أمس ل«سيلفي» التقطه رئيس إندونيسيا جوكو ويدودو «مدونة فيديو» عبر حسابه الشخصي على «فيسبوك»، جمعته مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، إذ سجل الرئيس جوكو ويدودو الفيديو أثناء مأدبة الغداء التي أقيمت أمس في قصر الرئاسة في بوجور، حملت إشادة من خادم الحرمين بالشعب الإندونيسي، وسبقها «سيلفي» آخر التقطه رئيس الوزراء الماليزي نجيب عبدالرزاق ونشرها عبر حسابه الخاص، تجمعه مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود في السيارة التي تقلهما خلال الزيارة الرسمية ووسط الموكب الكبير الذي استقبل ضيف ماليزيا الكبير. وأشار رئيس وزراء ماليزيا عبر حسابه إلى «الصداقة الكبيرة التي تجمع البلدين الصديقين»، وتصدرت هذه الصورة العفوية مواقع متقدمة في سرعة الانتشار بين مستخدمي الانترنت حول العالم، وجمعت صورة «السيلفي» الأشهر خادم الحرمين بنظيره الماليزي متبسمين معبرين عن عمق العلاقة بين البلدين. وتأتي الصورة الأخيرة مكملة لسلسلة الصور الأشهر حول العالم، والتي ضربت بالبروتوكول الرسمي عرض الحائط، ولم يسلم ملوك الدول ورؤساؤها من كاميرات «السيلفي» والتي سجلت صوراً مغايرة عن الصور الرسمية التي اعتاد الناس على مشاهدتها، لتنمو في الآفاق ملامح الجيل الجديد للصور والتي يتسيدها «السيلفي» من دون منازع. وفي مواقف مختلفة سجلت صور «السيلفي» لحظات الرضا من الرؤوساء والملوك، الذين وافقوا بابتسامة على منح معجبيهم والناس العاديين صوراً للذكرى وبأجهزة جوالاتهم، متخلين عن الكاميرلات الاحترافية والمصورين المتمرسين، ولتبقى هذه الصورة كنزاً يتفاخر بها ملتقطها، وينشرها بكل اعتزاز، سارداً لحظة التقاط هذه الصورة «الكنز» بالنسبة له. واستسلم الرئيس الروسي بوتين لكاميرات المعجبين ليلتقط كماً هائلاً من صور «السيلفي»، وزرعت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ابتسامة أمام كاميرات الجوال خلال زيارتها طلبة المدارس، فيما بادلها طفل بإخراج لسانه في صورة لم تخلُ من الطرافة، وبات الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند سعيداً وهو يلتقط «سيلفي» مع مواطنين تجمهروا للحصول على هذه اللقطة. وحمل وزير الخارجية الأميركي كيري جوال أحد الطلبة ليلتقط صورة «سيلفي» له ولمجموعة من الطلاب، بينما اختار الرئيس الأميركي الأسبق أوباما أن يلتقط صورة «سيلفي» مع اللاعب ديفيد أورتيز، وفضلت رئيسة البرازيل السابقة ديلما روسيف أن تكون صورة «السيلفي» الأشهر لها مع مجموعة من العمال الكادحين. ولم تعد صور «السيلفي» مقتصرة على طبقة من دون أخرى، إذ حول «السيلفي» الفتوى بتحريم التصوير والتي تبناها تيار متشدد سنوات طويلة، عن هذا الرأي المتشدد والتي راح ضحيته مجموعة ضخمة وكبيرة من الصور التي حرقت بداعي فتوى التحريم، وفي صور عدة أظهرت دعاة ومشايخ كان من بينها «سيلفي تركيا» والتي التقطه الشيخ سلمان العودة والشيخ عائض القرني والشيخ سليمان الجبيلان والشيخ محمد العوضي بين أشجار إحدى الغابات، ليعلن عن مصالحة واضحة مع الصورة وخصوصاً «السيلفي». ولا تخلو أي مناسبة رسمية من دخول «السيلفي» وبقوة، مع رضا المسؤولين الذين يقبلون صورة «السيلفي» بابتسامة، ومنها تلبية ولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود لطلب مصاب في أحداث حي محاسن الإرهابية، وبينما كان ولي العهد في زيارة رسمية لتفقد المصابين بادره شاب بطلب أخذ صور «سيلفي» معه، فما كان منه إلا أن قبل بسعادة ليحقق رغبة وأمنية هذا الشاب المصاب. بزيارة واحدة لمحرك البحث «غوغل» سيجد الزائر أرشيفاً ضخماً وبإحصاء يتجاوز حدود المعقول لعدد صور «السيلفي» الملتقطة مع الرؤساء والملوك والأمراء والوزراء، ما يظهر مدى انتشار هذا النوع من التصوير وإثبات وجوده في جميع المناسبات الرسمية والخاصة والسعيدة وحتى الحزينة، ولعل أشهر «سيلفي» للأخير ما قام به طفل حين التقط صورة له مع جثة جده المتوفى، وتظهر ابتسامة الطفل غير المبالية بالظرف السيئ، ولا بالمناسبة الأسوأ.