قدر مختصون عائدات الحج هذه السنة بنحو 35 بليون ريال (9.2 بليون دولار)، بزيادة أربعة بلايين ريال مقارنة بالموسم الماضي، مشيرين إلى أن النشاطات الاقتصادية المرتبطة بموسم الحج تساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي في السعودية، وأن قطاعات الإسكان والنقل والصرافة كانت أكثر القطاعات ربحية هذه السنة. وأنعش موسم الحج أسواق مكةالمكرمة التي شهدت ازدحاماً ورواجاً في المبيعات، فبعد أن يؤدي كثيرون من ضيوف الرحمن الصلاة في الحرم المكي، يبدأون في التسوق في جوار الحرم، لشراء الهدايا للأهل والأصدقاء. وبحسب تقديرات أحد الخبراء في اقتصادات الحج والعمرة، تُقدّر مبيعات الصناعات البسيطة التي تعبر عن موروثات سعودية من مناظر وتراثيات ومسابح وسجاجيد الصلاة، بنحو 1.5 بليون ريال، ويشتريها غالبية الحجاج للأهل والأصدقاء. وتوقع رئيس «لجنة السياحة والفنادق» في «غرفة مكةالمكرمة» خليل بهادر أن تتجاوز عائدات موسم حج هذه السنة 35 بليون ريال، بزيادة مقدارها أربعة بلايين ريال العام الماضي، الذي بلغت عائدات موسم الحج فيه نحو 31 بليون ريال. وقال ل «الحياة» إن «قطاع الفنادق استوعب الأعداد الكبيرة من ضيوف الرحمن، وهناك مزيد من المنشآت الفندقية سترى النور قريباً، وستساهم في تلبية الطلب المتزايد على السكن في المنطقة المركزية من المدينة ومحيط الحرم». وأوضح أن أكثر من 500 منشأة فندقية بجوار الحرم ومحيط المنطقة المركزية، استوعبت سكن ضيوف الرحمن في مكةالمكرمة بطاقة استيعابية تجاوزت 60 ألف حاج، إلى جانب إسكان الحجاج التابع لوزارة الحج. وأشار بهادر إلى أن مهنة الطوافة وما يرتبط بها من عائدات في مقابل الخدمات التي تُقدّم إلى الحجاج تستحوذ على النسبة الأكبر من عائدات الحج في مكةالمكرمة، موضحاً أن الخدمات التي يحصل عليها ضيوف الرحمن تشمل المسكن والمعيشة والمأكل والمشرب والرعاية الصحية والنقل إلى المشاعر المقدسة وحتى انتهاء المناسك وعودتهم إلى أوطانهم، وهي خدمات تقدم لقاء مقابل مادي وتدر عائدات مالية كبيرة على أصحاب مهنة الطوافة، تُقدّر بأكثر من 22 بليون ريال. سوق المجوهرات وأوضح رئيس «لجنة الذهب والمجوهرات» في «غرفة مكةالمكرمة» زياد محمد فارسي، أنه لا يمكن الوقوف على تقديرات دقيقة لعائدات الحج والعمرة، إذ إن مكةالمكرمة تفتقد في الوقت الراهن مؤشراً دقيقاً تُبنى عليه تقديرات صحيحة لهذه العائدات، مشيراً إلى أن «التقديرات التي يطلقها البعض تخضع لاجتهادات شخصية من دون مرجعية موثقة، إذ لا يمكن الحصول على أرقام دقيقة وموثوقة لقياس هذه التقديرات في غياب مؤشر كهذا». وذكر أن لجنة في الغرفة تعكف حالياً على وضع معايير علمية لصياغة مؤشر يتعلق بعائدات الحج، تشمل عائدات قطاع الذهب والمجوهرات، للحصول على إحصاءات تحظى بمقدار معقول من الدقة والثقة لتكون مرجعاً. ولفت فارسي إلى أن سوق الذهب تشهد منذ العام الماضي تراجعاً كبيراً في حجم المبيعات، نتيجة للارتفاع الكبير في الأسعار العالمية للذهب، ولم تسجل المبيعات المستوى الذي اعتادت عليه مكةالمكرمة في مواسم سابقة، إذ كانت تشهد إقبالاً على المصوغات الذهبية في هذا الموسم، مشيراً إلى أن أونصة الذهب ارتفعت قبل أسبوعين إلى نحو 1420 دولاراً ، قبل ان تنخفض إلى 1370 دولاراً، وهذا الانخفاض لا يعكس استقرار السوق، بل إن السعر مرشح للارتفاع مرة أخرى. ولم يحدد حجم التراجع في المبيعات لعدم وجود مؤشر دقيق يحدد هذه النسبة. واعتبر أن التذبذب الحاصل في أسعار الذهب ليس بسبب العرض والطلب، إذ إن للعوامل الاقتصادية العالمية نصيباً كبير في تحديد الأسعار العالمية، متوقعاً أن تلقي أزمة إرلندا ظلالها على أسعار الذهب في الأسابيع المقبلة، على غرار ما حصل مع أزمة اليونان. وأكد أن صناديق الاستثمار السيادية لعبت دوراً كبيراً فى الأزمة العالمية لأسعار الذهب، من خلال تسييل صناديق الأسهم واللجوء إلى شراء الذهب، معتبراً أن هذا الإجراء من جانب مديري هذه الصناديق لم يكن بهدف الاستثمار، بمقدار ما كان خطوة احترازية، فالذهب في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها العالم يُعتبر ملاذاً آمنا ضد أي أخطار. شركات الصرافة وحظيت شركات الصرافة في مكةالمكرمة بإقبال كبير من الحجاج الذين وفدوا إلى المملكة من مختلف بقاع العالم لأداء فريضة الحج هذه السنة. ووصف محمد صالح صيرفي، وهو صاحب إحدى شركات الصرافة، الدولار ب «الحاضر الأكبر» في تبديل العملات خلال موسم الحج، إذ استحوذ على أكثر من 30 فى المئة من نشاط شركات الصرافة هذا الموسم، لافتاً إلى لجوءالحجاج من الجنسيات كلها إليه سواء بالبيع أو الشراء لثبات سعره في مقابل الريال. وأشار إلى أن أيام العيد هي الأكثر حركة، إذ ازداد خلالها حجم التداول، ووصل إلى 50 مليون ريال يومياً، لأن معظم الحجاج يبدأون في شراء الهدايا لقرب مغادرتهم. وقدر حجم تبادل العملات بأكثر من 25 بليون ريال خلال موسم الحج في كل من جدةومكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، مشيراً إلى أن إجمالي قيمة تغيير العملات في اليوم تراوح ما بين 10 و20 مليون ريال للمحال الكبيرة، في ما لا يتجاوز الرقم مليوني ريال للمحال الصغيرة. وعن مدى كفاية الشركات العاملة في تلبية حاجات الحجاج، قال إن «قطاع الصرافة العامل حالياً في السوق المحلية والبالغ عدده أكثر من 40 شركة ومؤسسة قادر على تلبية حاجات ضيوف الرحمن من العملات المحلية، ولديه القدرة المالية والفنية لتلبية حاجة السوق المحلية». ولفت إلى أن شركات الصرافة تعد من القطاعات الخدمية المهمة، وتساهم بفاعلية في تعزيز مسيرة الاقتصاد الوطني من خلال الاستجابة إلى حاجات السوق واستبدال العملات على اختلافها.