الأرجح ان هذه الكاميرا الرقمية، التي ابتكرتها شركة مايكروسوفت، عملاق صناعة نُظُم الكومبيوتر وبرامجه، تحتاج الى كلام كثير، على غرار المحور المطوّل الذي خصتها به مجلة «تايم» الأميركية أخيراً. وباختصار، ينعقد الرهان على أن تعمل هذه الكاميرا كأداة مساعدة للذاكرة لدى المرضى المصابين بأمراض عضوية في مراكز الذاكرة في أدمغتهم، كأولئك الذين يعانون إصابات مباشرة في الدماغ. والمعلوم أن بعض هؤلاء يعاني من تضرّر الذاكرة القصيرة المدى في الدماغ أولاً، وهي التي تتولى التسجيل الأولي للذكريات، قبل ان تدخل الى مخازن الذاكرة الطويلة الأمد. ولمقاومة هذا الأمر، تعلّق هذه الكاميرا، واسمها «سينسكام» SenseCam على رقبة المريض، كي تعمل كأنها عين ثالثة. ثم تلتقط بشكل تلقائي، صورة واسعة الزوايا كل دقيقة أو أقل. وعند عودته الى المنزل، أو أي مكان مناسب آخر، يوصل المريض هذه الكاميرا بالكومبيوتر. ويُنزل الصور التي التقطتها، كي يستعرضها على مهل. ويأمل الأطباء بأن يستطيع المرضى توظيف ما تبقى من قدرات في أدمغتهم، لتذكر الوجوه والأمكنة والأحداث التي عاشها المريض أخيراً. واستطراداً، يستطيع الأشخاص الذين يعتنون بمريض يعاني من إصابة عضوية مباشرة في الدماغ، أن يساعدوه على التذكّر أيضاً. ويعقد الأطباء الذين ساعدوا في صنع هذه الكاميرا، الرهان على الأشكال المتعددة للذاكرة عند الإنسان، بمعنى أن ذاكرة الإنسان ليست شيئاً مفرداً، ولا تشبه في شيء القرص الصلب للكومبيوتر مثلاً، ولا الأرشيف الورقي أيضاً. ويشيرون الى شكل من الذاكرة عند الإنسان يتصل بتخزين المعلومات باعتبارها حقائق مباشرة. فمثلاً، قد لا يتذكر المصاب وجه أحد أصدقائه، ولكن عندما تعرض صورة لهذا الشخص ويقال للمريض أنها تعود لصديق له، فلربما استطاع المريض حفظ الوجه كمعلومة. وينطبق هذا الأمر على حالات تضرّر الذاكرة بأثر من الإصابات العضوية المباشرة في الدماغ، كحال من يصابون في حوادث المرور أو ما يشبهها. في كثير من هذه الحالات، لا يكون الضرر الذي يحوق بالذاكرة شاملاً، إذ قد يصيب مناطق منها ويترك اخرى سليمة، بمعنى أنه قد يعطل شكلاً من أشكال الذاكرة، ولكن أنواعاً اخرى من الذاكرة تنجو. وتستطيع هذه الكاميرا ان تساعد المريض في تدعيم عمل الأجزاء الناجية من الذاكرة. وبعد فترة من ابتكارها، باعت مايكروسوفت براءة اختراع هذه الكاميرا إلى شركة «فيكون» Vicon البريطانية، التي تعتزم طرحها في الأسواق قريباً، بعد أن تختبرها على مرضى يعانون من مرض «ألزهايمر». وفي حال ثبت أنها تستطيع مساعدة هذه الشريحة من الناس، فسينفتح سوق ضخم أمام كاميرا «سينسكام».