تنظر إلى وسادة لفتها بعلم فيتنام وبقميص للجيش الياباني وتقول.. "هذا زوجي". تحتضن نجوين تاي شوان البالغة 94 عاماً تلك الوسادة وتنام بجانبها كل ليلة، على أمل إحياء ذكرى زوجها المتوفي، أو ما تبقى منها على الأقل. شوان ليست الوحيدة، إذ أنها واحدة من الفيتناميات اللواتي وقعن في حب جنود يابانيين أثناء الحرب العالمية الثانية، ودفعوا ثمن هذا الحب غالياً، بحسب صحيفة ExpressTribute. هذا الأسبوع، يلتقي الإمبراطور الياباني اكيهيتو (83 عاماً) ببعض الفيتناميات، أرامل الجنود اليابانيين الذين أعيدوا إلى بلادهم بعد انتهاء الحرب، ولم يتسن لغالبيتهم رؤية عائلاتهم الفيتنامية مرة ثانية، في محاولة منه تضميد جراح الحرب. وتتأرجح قصص العائلات الفيتنامية-اليابانية صعوداً وهبوطاً في ظل طبيعة العلاقات بين البلدين اللتين قربهما القلق المشترك من صعود الصين. ويرى العديد من الفيتناميين أن الاحتلال الياباني في 1940، الذي كان أقل دموية من غيره، كان خطوة لإنهاء حكم الاستعمار الفرنسي في الهندالصينية، على الرغم من استيائهم منه. وأودت الحرب في فيتنام بما يزيد عن المليون شخص، سقطوا بسبب المجاعات أكثر من العنف خلال الاحتلال الياباني. بينما وجد آخرون الحب بين طيات الحرب مثل شوان التي تقول عن زوجها "كان يتحدث الفيتنامية بطلاقة، وعادة ما كان يدندن بأغنيات فيتنامية". وكانت شوان ارتبطت بزوجها الراحل عام 1945 بعيد هزيمة اليابان عندما كان نحو 100 ألف جندي ياباني متمركزين في الهندالصينية. وعوضاً عن العودة إلى بلاده، بقي زوج شوان مع نحو 600 جندي سابق وظفهم زعيم التحرير هو تشي منه في اتحاد استقلال فيتنام للاستفادة من خبرتهم العسكرية في محاربة الاستعمار الفرنسي. وقضى نصف اليابانيين إما خلال القتال، أو جراء المرض. وعندما تمكن اتحاد استقلال فيتنام من هزيمة الفرنسيين في 1954 قررت الحكومة الفيتنامية أن على الناجين العودة إلى اليابان. "تمزيق العائلات.. والحب" كان زوج شوان من أول مجموعة مؤلفة من 71 جندياً عادت إلى اليابان في 1954، ولم يسمح لهم باصطحاب عائلاتهم. وقالت شوان في منزلها في هانوي "عندما انقطعت أخباره اعتقدت أنه مات، لم أكن أعرف كيف ومتى توفي لفترة طويلة من الزمن، إلا أنني اعتبرت يوم رحيله هو يوم وفاته، وأحيي ذكراه على هذا الأساس سنوياً". وفي عام 2006، عملت صحافية يابانية على لم شمل الزوجين المفترقين بعد وداعهما ب 52 عاماً. وكان حينها زوجها شيميزو تزوج مرة ثانية، بينما لم تدخل شوان بأي علاقة بعد رحيله. وأشارت شوان إلى أنها كانت حامل بطفل زوجها الرابع عندما رحل عنها، ولم تتلق أي معونة من الحكومة على الرغم من خدمته العسكرية. تنظر بأسى إلى صورة زوجها الذي تبنى الاسم الفيتنامي نغوين فان دوك أثناء إقامته في البلاد، وتقول "لا أعرف كيف تخطينا تلك الفترات العصيبة، لا زلت أشعر بالخوف عندما أتذكرها". وأضافت مبتسمة "التقينا عام 1943، وتزوجنا بعدها بفترة قصيرة. كنا فقيرين لدرجة أننا لم نستطع أن نقدم لمعازيم الزفاف سوى البسكويت". وفي عام 1964، غادر آخرون كان بإمكانهم اصطحاب عائلاتهم إن رغبوا، بينما كان بعضهم أنجب أكثر من طفل من أكثر من امرأة. وتقول نجوين تاي فان البالغة 63 عاماً إن الوداع الأخير لوالدها لا يزال محفوراً في ذاكرتها، وأضافت "وعدنا بأن يعود ويطحبنا، إلا أنه لم يتمكن من ذلك أبداً. وتوفي بعد سبع سنوات من عودته إلى اليابان". لم يكن العرق الياباني مرحباً به في فيتنام عندما اندلعت الحرب مع الولاياتالمتحدة الأميركية التي كانت وقتها حليف لليابان. وتحسن الصورة بعد الانتصار الشيوعي على الولاياتالمتحدة في 1975، كما سرعت نهاية الحرب الباردة بتحسن العلاقات مع اليابان. وقال الابن الأكبر لشوان وهو يتذكر أيام دراسته "كانوا يطلقون علي لقب ياباني فاشي، ثم نتعارك".