في بلد يعيش الإنسان فيه آمناً في سربه، في بلد يفتخر بالتعامل الحضاري بين الدولة ومواطنيها، يأتي اليوم الذي يصبح فيه تطبيق وجهة نظر رجل الهيئة ب «المطواة» هو الحدث الأهم خلال العام كله. بالتأكيد هو الأبرز لأنه يعكس فهماً قاصراً في العلاقة بين موظف حكومي مهمته الرئيسة خدمة الناس لا قتلهم، أداء واجبه الوظيفي لا واجبه «الجهادي»، بحسب وجهة نظره، فأسواق المملكة ليست ساحة جهاد وقتال بين المسلمين والمشركين، بل ساحات للحياة والتسامح يجتمع فيها «البشر» للبيع والشراء. لكن أن يحمل عضو الهيئة الخناجر والمطاوي في جيوبه، وربما السيوف في المستقبل، ليمارس علينا الغزوات والفتوحات، فهي أكثر خروقات وظيفته وضوحاً، بل إن أخطاء أهل السوق كلهم «إن وجدت» لا توازي جريمة العضو «المتخنجر»، فزوال الكعبة من مكانها أهون عند الله من قطرة دم مسلم، إنه ديننا الذي نعرفه. لكن، يا للأسف، يبدو أن الأمر تحول إلى غزوات وفتوحات في «أجساد وصدور المسلمين» وبالقرب من قلوبهم المليئة بالإيمان. يا سلام على الرجل المؤتمن على إقامة العدالة، يا سلام على موظف الدولة الذي يحمل في جيبه الصغير مطواة أبو غزال، هي كما يعرف «من استخدمها في حياته الماضية» الأمضى في القتل بالطعن. هل تعلمون من يتعامل بالمطواة في كل بلاد الدنيا، إنهم «موجودون الآن في السجون أو تحت التحقيق»، إن مجرد حمل سلاح حتى من دون أن يتم استخدامه، هو جريمة كبرى في كل الشرائع، فكيف في بلد يقوم فخره الأول على أمنه وأمانه. يا ترى ماذا كانت تفعل تلك المطواة في جيب صاحبنا «المحتسب»؟ ولماذا نقلها من بيته إلى مقر عمله في شوارع مدينة حائل؟ بل أساساً لماذا في بيته مطواة؟ وإذا كان في «جيبه الصغير» مطواة، إذاً ماذا يوجد في «جيب سيارته»؟ يا ليت الشرطة عندما حضرت لمباشرة الحادثة فتشت «الجيب الكبير» لعل هناك مدفعاً رشاشاً وربما «بازوكة». أليست السوق هي مكان غزوات «تغطية العيون» بعد ما غطيت الوجوه وحققوا النصر المؤزر في ذلك، يا تُرى بعد الانتصار على الوجوه ومحاولات القضاء على العيون، ماذا سيتم وأده؟! أليست العيون هي الخطر الداهم على مشروع الفضيلة الكبير الذي يقوده الأخ عضو الهيئة صاحب الطعن والطعان؟ وكذلك مشروع المتحدث الرسمي لهيئة حائل، الذي لم يجد تبريراً لفعلة زميله إلا التهديد بغلق كل العيون، فهي رأس الفتنة، ويجب القضاء عليها سريعاً، قبل أن تتفشى «العيون» في كل مكان، وتصبح ظاهرة لا سمح الله. بعد حادثة الطعن التي نُقل فيها المواطن الغلبان إلى العناية المركزة بطعنتين محترفتين، الأولى في الرئة، والأخرى في عضد اليد، وهو يحاول الهرب بجلده، هل سيمارس الأخ عضو الهيئة عمله مرة أخرى في الأسواق، أو في غيرها؟ هل سيسمح له بالاختلاط بالبشر بعد اليوم؟ فإذا كان الأمر كذلك، اقترح عليه أن يتزود بتشكيلة من الأسلحة الفتاكة، خصوصاً أن المطواة «سيئة الذكر» ثبت فشلها في القضاء على المواطن، وكذلك يبدو أنه لم يتب عن كشف عيني زوجته، فهو يصرح كل يوم في الصحف، منتقداً قرار الاحتساب ضد العيون. كما أن فضيلة المحتسب يمكن أن يطور أسلوبه الاحتسابي ويأخذ معه سلاحاً رشاشاً، فهو لا يعرف كم عدد الرجال الذين سيصادفهم مستقبلاً ونساؤهم يكشفن عيونهن، عند ذلك يصبح الاحتساب «بالجملة» بدلاً من القطاعي التي لم تثبت نجاعتها. الآن ومن دون سلاح ويتم استخدام الأيدي والأقدام في الرفس والقتل، والمطاوي في الطعن والجروح، إذاً لو تم السماح بتزويد الإخوة المحتسبين بالسلاح، بحسب طلباتهم المتكررة، ماذا سيحصل في البلد؟... أترك لكم مساحات التخيل، وكل عام وأنتم بخير. [email protected]