حالة من الجدل أثارها قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة أخيراً حول قضية الحقوق المادية والأدبية للمؤلف والناشر، واكبت مرور 50 عاماً على تأسيسه، بسبب الاتهامات التي وجهت إليه بانتهاك حقوق المؤلفين عبر عقود وصفها البعض بأنها «غامضة ومجحفة» في الوقت ذاته. القصة بدأت منذ قرابة الشهرين عندما رفع الروائي المصري بهاء طاهر دعوى اتهم فيها قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة بتشويه روايتيه «قالت ضحى» و «حب في المنفى» بعدما منح دار نشر بريطانية حق ترجمتهما من دون الرجوع إليه. وتناقلت وسائل إعلام عدة خبر اعتزام الكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي مقاضاة قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة لعدم حصولها على حقوق نشر ترجمتي روايتيها «ذاكرة الجسد» و «فوضى الحواس» إلى الإنكليزية. ويبدي الروائي المصري حمدي أبو جليل الحاصل على جائزة نجيب محفوظ (2009) عن روايته «الفاعل»، وهي الجائزة التي يمنحها قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة سنوياً، استغرابه الشديد من موقف مستغانمي، والتي سبق لها الحصول على الجائزة نفسها عام 1998 عن روايتها «ذاكرة الجسد»، معتبراً أنها «تفتعل مشكلة». وقال أبو جليل ل «الحياة» إن بهاء طاهر لديه مشكلة حقيقية تتعلق بمستوى ترجمة روايتيه، وهو لاحظ ذلك الأمر بحكم أنه أيضاً مترجم كبير. وأضاف أن عقد مستغانمي مع الجامعة الأميركية في القاهرة ينص على حق الطرف الثاني في ترجمة رواية الطرف الأول الفائزة بجائزة نجيب محفوظ ونشرها وكان من الممكن أن ترفض هذا البند كما فعلت الكاتبة هدى بركات من قبل. وأضاف أبو جليل: «لا يمكننا انتقاد سياسات قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة أو نعترض على العقود التي تبرمها مع المؤلفين بدعوى أنها لا تحقق طموحات الكاتب لسببين، الأول أن الجامعة الأميركية هي اللاعب الوحيد في هذا الميدان، فهي الجهة الوحيدة التي تترجم الأعمال الأدبية العربية إلى اللغة الإنكليزية، لذلك تضع الشروط التي تحقق مصلحتها لا مصلحة المؤلف، ثانياً أن الأدب العربي ليس له هذا القارئ الواسع الذي يسمح بإبرام عقود تحقق طموحات الكاتب، وإن كنت انتقد الجامعة بوصفها وكيلاً للأديب لترجمة روايته إلى لغات أخرى في أنها لا تقوم بأية جهود تسويقية وتتعامل بمنطق الناشر الحكومي، فضلاً عن أنها تضع شروطاً غير مرنة». وأشار أبو جليل إلى أن روايته «الفاعل» لم تترجم حتى الآن إلى لغة أخرى غير الإنكليزية بسبب الشروط التي تضعها الجامعة الأميركية في القاهرة والتي تمثل عائقاً أمام بعض الناشرين عكس ما جرى مع روايته «لصوص متقاعدون» التي ترجمت إلى خمس لغات حتى الآن. فيما اعتبر الروائي مكاوي سعيد والذي لديه تعاقد مع الجامعة الأميركية في القاهرة لترجمة روايته «تغريدة البجعة» إلى الإنكليزية أن مستوى تلك الترجمة «جيد ودقيق». وكان بهاء طاهر تقدم بمذكرة إلى رئيس اتحاد الناشرين المصريين محمد رشاد لطلب استفسر فيها عن مدى قانونية العقود التي تبرمها الجامعة الأميركية في القاهرة مع المؤلفين المصريين مقابل ترجمة أعمالهم ونشرها باللغة الإنكليزية. وقال رشاد ل «الحياة» إن لجنة حقوق الملكية الفكرية في الاتحاد درست عقد بهاء طاهر ولاحظت أنه يتضمن «شروطاً مخلّة»، منها أنه غير محدد المدة، وعلى رغم صوغه وفق النظام الأميركي الخاص بحقوق الملكية الفكرية، فإنه يتضمن فقرة تقول: «هذا العقد يخضع للقانون المصري»، وهذا في ذاته يبطل قانونيته. وأضاف رشاد: «أبلغنا مسؤولي قسم النشر في الجامعة الأميركية بما انتهت إليه اللجنة، فأبدوا استعدادهم للتوصل إلى حل ودي مع بهاء طاهر». br / وأكد بهاء طاهر ل «الحياة» أنه يرفض أي شكل من أشكال التصالح وأنه يصر على أن يحسم القضاء المصري هذه القضية. وأضاف: «رفعت قضية ضد قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة ولن أقبل أن تحل الأمور بغير الشكل القانوني حتى أحصل على حقوقي الأدبية والمادية». وقالت مديرة العلاقات العامة والإعلام في قسم النشر في الجامعة الأميركية في القاهرة نبيلة عقل ل «الحياة» إن لا صحة لما تردد عن اعتزام أحلام مستغانمي اللجوء إلى القضاء اللبناني، وأضافت: «هذه أزمة مفتعلة ولا أريد الخوض فيها. علاقتنا بمستغانمي طيبة إلى أبعد الحدود والتصريحات التي نسبت إليها غير صحيحة». واستطردت عقل موضحة أنه بالنسبة إلى مشكلة بهاء طاهر «هناك قضية تُنظر في المحاكم ولا يمكنني التعليق بأي كلام قبل البت فيها».