بعد أن وجد العراقيون أنفسهم على مفترق طرق صنعتها خلافات سياسييهم، نجحت شعيرة الحج في التأليف بين قلوبهم والتسامي على جراحهم، ودفعهم للتطلع إلى الأمام بكثير من التفاؤل في ظل اهتمام ومتابعة الشعوب العربية والإسلامية، كونها رافداً معيناً لهم في نبذ خلافاتهم السياسية، والسعي نحو العمل المشترك لإعادة بناء عراق جديد أكثر إشراقاً وتوحداً. وداخل جنبات مشعر عرفات، اجتمع ثلة من أبناء الرافدين يلهجون بلسان عبق بالتلبية والابتهالات، مرددين مفردات وعبارات تخفف من حدة الخلاف، وتحفّز الأطراف للتحرك تجاه السلام والوئام، وتأليف المشاعر وتقريب المسافات بين إخوة الأمس وفرقاء اليوم. ويرى الحاج العراقي أحمد سامرائي أنه حان الوقت للتوحد ولملمة الأوراق العراقية المتعثرة والمبعثرة، التي جرفت العملية السياسية في بلاد الرافدين إلى جرف هار، مشدداً على أهمية الدور السعودي المؤمن بعمق العلاقات الإستراتيجية بين الشعوب الإسلامية والعربية، لا فتاً إلى أن ديمومة الأوضاع المتردية بين الأطراف السياسية مؤهلة لمضاعفة الألم في الجسد العربي الذي تكالبت عليه المحن والمصائب من كل فج. وفي سياق متصل، أشادت الحاجة العراقية سعاد أحمد بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الأزمات العربية، نافية ما يصفه البعض بسعي المملكة إلى تحقيق أمجاد ومآرب خفية على حساب الإصلاح بين العراقيين، واصفة السعودية بالسباقة إلى التقريب بين الأشقاء العرب كافة خصوصاًَ بين المتخاصمين، كونها تستمد ذلك من تمركزها في قلب العالم الإسلامي، وباعتبارها صدراً حانياً تلم المتناحرين في الأسرة العربية والإسلامية وتضمد ما استطاعت جراحهم. ومن جهة أخرى، ناشد الحاج العراقي عبدالله محمد القادة السياسيين في العراق بأن يرحموا شعبهم من خلافات تكسر ظهورهم بقصد أو من دون قصد، مضيفاً أن قدر العراق أن لا يخرج من حرب حتى يدخل في أخرى ما يجر الشعب العراقي من حال سيئ إلى أسوأ، على رغم ما لاح ويلوح من بوادر انبلاج فجر جديد، محمّلاً بعض السياسيين مسؤولية العودة بالخلاف إلى نقطة الصفر ما جعل أعين الأعداء تنصب على ثرواته الطبيعية وكفاءته البشرية. بينما توجه الحاج العراقي علي فيصل إلى الله بالدعاء أن يجمع رأي السياسيين العراقيين على كلمة سواء، مؤكداً أن لديه شعوراً غامراً باقتراب الفرج، مؤملاً من الساسة فتح صفحة جديدة والاتفاق على الوحدة التي بها وقاية وضمانة العراق من براثن التدخلات الخارجية والوهن، سائلاً الله لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الشفاء من الوعكة التي ألمت به والعون في مهمته المقبلة في رأب الصدع بين العراقيين.